الحمد لله الذي كرَّم هذه الأمة بشهر رمضان المبارك وجعله فرصة للمزيد من الطاعات ورفع رصيد الحسنات، أحمده وحده فهو المستحق للثناء وأصلي على خير خلقه أجمعين محمد بن عبد الله خير من صلى وصام وقام، ففي خلال الأيام المقبلة سنستقبل ضيفاً عزيزاً على نفوسنا جميعاً، ضيفاً لطالما انتظرناه طويلاً، السلف رحمهم الله كانوا ينتظرون هذا الشهر ستة أشهر يدعون الله أن يبلغهم إياه فإذا انقضى رمضان دعوا الله ستة أشهر أخرى ليتقبل الله منهم الصيام والقيام، نسأل الله أن نكون مثلهم وهمتهم العالية، إن هذا الشهر المبارك مدرسة تخرَّج منها العظماء علّمهم الصبر وعلّمهم الإيثار وعلّمهم حب العمل الصالح، علَّمهم حب القرآن وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، علَّمهم صدق الإحساس نحو إخوانهم المسلمين، فكلما أحسوا بالجوع تذكَّروا إخوة لهم في شتَّى أصقاع الدنيا، علَّمهم هذا الشهر الكريم أن أبواب العمل الصالح متنوِّعة وكثيرة فقط تريد الإنسان الصادق الذي يريد الخير وأن يكون من أهله، علمهم كيف يكونون دائماً قريبين من الله في صيامهم وطول قيامهم، صدق اللجوء إلى الله يبعث في النفس العزة والقوة والمنعة، إن شهر الصوم فرصة للتائبين والعائدين إلى دائرة الصلاح والإيمان الصادق، إن رمضان مدرسة تتربى فيها النفوس على التقوى والصلاح، إن رمضان فرصة لكي تعتق الرقاب من النار، إنها فرصة لكي تدخل من أوسع أبواب الجنة فرصة للدخول من باب الريان، فالرحمن الرحيم يغلق أبواب النيران ويفتح أبواب الجنان ويزيِّنها لعباده الذين اجتهدوا في الطاعة في هذا الشهر الفضيل، إنها فرصة للتخلص من بعض الأمور المؤثِّرة على الصحة مثل التدخين وخلافه، فالذي جعلك تصبر الساعات الطوال على تجنبه قادر على أن يجعلك تتركه إلى الأبد خاصة إذا أخلصت النيَّة لله تعالى (فمن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه)، إذاً هي فرصة وكثيرة هي الفرص التي نفوِّتها على أنفسنا فكم موسم من الطاعات مرَّ علينا ولم نستفد منه، فحري بنا أن نستغل هذا الشهر الكريم ونبذل قصارى جهدنا وغايتنا أن نقومه إيماناً واحتساباً كما ذكر ذلك حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام فنستحق المغفرة التي ذكرها عليه الصلاة والسلام.في ختام هذه الكلمة المتواضعة أسأل الله أن يبلغنا هذا الشهر الكريم ونحن ننعم على هذه الأرض الطيِّبة بالأمن والأمان في ظل رعاية الله سبحانه وتعالى وأن يوفِّقنا وولاة أمرنا للعمل بما يرضيه إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.