في ضوء المتغيرات المحلية والعالمية التي فرضت نفسها على الثقافة العربية الحديثة، يتطلب من المثقف العربي مواجهتها وعدم تجاهلها، وترك التسمر الذاتي والأنهزامية ولأننا نعيش في عصر يشهد الكثير من التغيرات التي تبلورت عبر العولمة. فلابد للمثقف العربي من مواكبتها حتى يستطيع أن يؤثر ويتأثر، ويتعامل مع الحاضر بمشاركة إيجابية لا تعتمد على التغيير الجذري بل الإضافة المفيدة لصناعة مستقبل مشرق. وتكمن أميّة المثقف العربي في افتقاره للكثير من المعارف المهمة والتي ربما كانت أساسية لغير العربي ومهمشة لدى المثقف العربي!. إن محدودية الفكر الإنساني لدى المثقف العربي تقتصر على التقوقع حول الثقافة الموروثة، وقضايا مجتمعه المحلي وتعبيره عنها وسيادة الخطاب التقليدي الذي يؤدي به إلى عدم القدرة على الإبداع والظهور كضحية دائمة للعولمة بدلاً من أن يكون شريكاً على مسرح الإبداع العالمي والفكر الإنساني. لذا لابد للمثقف العربي من أن يخرج من دائرة الحصانة ضد ما يسمى بالغزو الفكري إلى موقع المواجهة ويتناول القضايا العامة لكي يكون له تأثير عالمي ويفرض حضوره من خلال نتاجه الأدبي والعلمي مثل (نجيب محفوظ) أدبياً و (أحمد زويل) علمياً. إذن إن إدراك المثقف العربي لدوره الحضاري يتوقف على مدى رحابة فكره واطلاعه واستيعابه لتكنولوجيا اليوم. وفي طريقنا للمضي في المسيرة الظافرة التي أوصلتنا إلى مرافئ الجديد، يقف المثقف العربي عاجزاً عن تخطي عثرة جهله للغات الحديثة، لا سيما اللغة الإنجليزية التي فرضت نفسها على عالم اليوم متمثلة في المؤلفات، وهذا يتطلب من المثقف العربي تعلمها كتابة وقراءة ليكون قادراً على الاطلاع الشامل ولا نغفل حركة الترجمة والتعريب التي ساهمت بخطى وئيدة في مواكبة التقدم التكنولوجي الهائل ولكن الدراسات أثبتت عدم قدرتها على ذلك. وهذا كله لا يعني إلغاء الأم، ولكن من أجل التحليق في فضاءات النتاج العالمي وفي عالمنا اليوم لم يقتصر نشر النتاج الأدبي والعلمي على صفحات الكتب والصحف الورقية بل شمل النشر الإلكتروني وفي مقدمته الإنترنت، لذا نجد أن المثقف العربي الذي لا يحسن استخدام الكمبيوتر وتقنيات التكنولوجيا الحديثة سيحكم عليه بالأمية القائمة، وهذا التطور السريع يضع المثقف العربي أمام تحد جديد للنتاج العالمي. ألا يدهشنا أن نرى اليابان اليوم تحتفل بالقضاء على أمية الكمبيوتر في الوقت الذي لا يزال العالم العربي يكافح للقضاء على أمية القراءة والكتابة!.