فهد زيدان - جدة صالح عبدالفتاح - القاهرة رحب مثقفون ومفكرون عرب بدعوة سمو الأمير خالد الفيصل لرسم المستقبل الثقافي للأمة العربية، مؤكدين أن مؤسسة الفكر العربي هي إحدى العلامات البارزة لرسم المستقبل، حيث تعبّر عن الأماني العربية في تحديد الهوية والانطلاق من الذات بعيدًا عن التبعية وأن هذه المؤسسة تسير في الخطى المرسومة لها، فلا تقف عند حدود الماضي وإنما تبحث استشراف المستقبل. وأكدوا في تصريحات ل “المدينة” أن رسم المستقبل يتطلب أمرين أساسيين لا غنى عنهما، الأول عدم الانكفاء على الماضي والتغني به وإغلاق الساعة عند محطاته، وإنما الأخذ من الماضي للمستقبل لأن حضارة هذه الأمة عتيدة وقوية، والأمر الثاني عدم التبعية للآخر والانبهار بحضارته للحد الذي يوقف الإبداع. و اعتبر رئيس النادي الأدبي بجدة الدكتور عبدالمحسن القحطاني أن مؤسسة الفكر العربي دأبت منذ نشأتها على إقامة مؤتمر سنوي يُخصص لمناقشة عدد من المواضيع الهامة، لافتاً إلى أن هذا المؤتمر يعتبر من أهم المؤتمرات لأنه يتكلم عن مستقبل العالم وماذا يُخطط له وما هو دور العرب في الرسم والتخطيط للمستقبل. وأشار إلى أن مؤسسة الفكر العربي عملت على أكثر من محور وفي كل عام يكون هناك زيادات والدليل على ذلك هو الشباب الذي أصبح يديرون الكثير من الجلسات بدءًا من الدورات المتأخرة فالشاب هو نبض الأمة والشاب الآن يفكر بصوت مسموع بعيدًا عن التنظير ورفع مشكلاته أمام المفكرين والمنظرين لعلهم يجدون شيء يحقق للشباب أمنياته. ونوه القحطاني بأنه يجب أن يُعطى شباب الأمة العربية مساحة أكبر للاستماع لهم ولمشكلاتهم وهذا ما نرجوه خصوصًا في عصرنا الحالي فالشباب وقضاياهم هي التي تحرك النظريات. وقال: اليوم نحن متجهون لتطوير الشباب العربي في مواضيع عدة كالأعمال والحوار والعمل البناء وطبيعي أن تصل هذه المؤسسة إلى هذه المرحلة المتقدمة بفضل جهود سمو الأمير خالد الفيصل ودعم الأعضاء الداعمين ولا يقتصر الدعم على الأعضاء فحسب وإنما يتخطاه ليشمل الشباب المثقفين وذلك من خلال مشاركة هؤلاء في ورش عمل متنوعة وعبر توزيع جوائز للرابحين من المفكرين والمثقفين. وأضاف القحطاني: لقد أصبح المؤتمر موقع جذب للمفكرين والاقتصاديين ورجال أعمال وللعديد من الذين يسعون لمعرفة واقعهم والتفكير بصوت عالٍ والسعي نحو توجهات جديدة. وقال الدكتور يوسف عارف إن مؤسسة الفكر العربي بدأت تصل إلى النتائج المرجوة لها من خلال المؤتمرات التي تعتبر نقلة نوعية في مجال الثقافة والتعليم والحوار وبناء إستراتيجية للثقافة العربية والعمل العربي المشترك وفي تطوير اللغة والمناهج والعلاقات بين الدول والشعوب، فضلاً عن الأعداد الكبيرة التي تصدرها من الكتب في مجالات الأدب والثقافة والتاريخ، معتبرًا أن هذا النشاط الثقافي سيشكّل قاعدة وأساسًا لبناء ثقافة ومشاركة عالمية لمجال المعرفة والحضارة. الأديب المصري الدكتور جمال الغيطاني قال: إن دعوة الأمير خالد الفيصل هي دعوة مفتوحة للجميع للبحث عن مستقبل الثقافة العربية خاصةً في عصر العولمة والحديث عن إمكانية الذوبان في الآخر، ومن ثم فإن مؤسسة الفكر العربي أحد المؤسسات الرائدة التي خُلقت خصيصًا لتأصيل الثقافة العربية ورسم ملامح واضحة لها ومن ثم فنحن بصدد مشروع عربي ضخم يحيي الآمال في نفوس المثقفين خاصةً وأن الجميع يشغله هذا الهاجس الكبير ويرى أن من أهم ما يجب أن نراعيه الخصوصية في رسم ملامح المستقبل وهذه الخصوصية لها شروط أهمها أن نصنع ذاتنا الثقافية من داخلنا . أما الشاعر محمد التهامي فيؤكد أن الحديث عن المستقبل الثقافي يستوجب أن نصحح خطأ وقع فيه البعض وهو يرتبط بحالة الانبهار بثقافة الآخر نظراً للتقدم العلمي الكبير الذي واكب الحضارة الغربية فأهملنا ثقافتنا وحضارتنا العربية لقرون وخلقنا حالة من التبعية غير المبررة في حين كان من الواجب أن نفصل بين التقدم العلمي للحضارة الغربية لأن التكنولوجيا مُلك للجميع وبين كيفية الانطلاق من داخلنا حضاريا ومن ثم إذا كنا نريد الحديث عن مستقبل أفضل لثقافتنا فلابد أن ينطلق من ذاتنا ومن داخلنا ومن الإيمان بأن تراثنا ذاخر وأن مقومات الحضارة الأصيلة موجودة عندنا وبفضل ذلك فإن التطور العلمي الإنساني يكشف كل يوم عما تذخر به حضارتنا الإسلامية من كنوز ومعارف أهملناها لسنوات طوال وهذا لا يعني أن نتغنى بالتراث وإنما نستقي منه للحاضر والمستقبل مع الانفتاح على الحركة الابداعية العالمية. ويرى الدكتور وحيد عبدالمجيد رئيس قسم البحوث والترجمة والنشر بمؤسسة الأهرام ونائب رئيس الهيئة العامة للكتاب السابق أن للثقافة دورًا غير مسبوق في صنع مستقبل الأمم وما أشد حاجة أمتنا اليوم إلى نهضة ثقافية كبرى تحدد ملامح المستقبل فبدون هوية ثقافية واضحة تظل هناك إشكالية كبرى خاصةً وأن أمتنا العربية اخطأت في التفاعل مع الحضارة الغربية وصل إلى حد الانبهار وإلغاء الذات بينما أمم أخرى أخذت بالتطور العلمي دون أن تُغرق نفسها في الآخر وظلت محافظة على هويتها ومن ثم نحن مطالبون بأمرين الأول عدم الانكفاء على الماضي والتغني به دون أن يكون هناك جديد والأمر الآخر عدم التبعية للآخر أيًّا ما كان، وإنما يجب أن نصنع ثقافتنا من واقعنا وتراثنا ومن ثم فإن دعوة الأمير خالد الفيصل يجب أن تُراعى وأن يُلتفت إليها بعين الانتباه.