ما أصعب الفراق على النفس وما أوجعه؛ وحتى هذه اللحظة لم أتمالك نفسي في بث بعض ما اختلج به صدري من ألم. مازلت استرجع اللحظات القليلة التي جمعتني بك يا صغيرتي جنى؛ يا ابنة أختي يوم كنت أداعب روحك، وأنفاسك العذبة النقيّة. وها هو القلم يقف عاجزاً، أمام فراقك، واللسان حائراً. جنى، أيتها الطفلة النقيّة المتّشحة بالبياض. أيُّ خبرٍ نقلته أسلاك الهاتف الموجعة! وأيُّ حزنٍ لفّنا في ساعاته الماضية. عصفورتنا جنى، ما أعذب قُبلتك وما أطيبها؛ وتلك اليد الأسيل التي تمتد نحوي وتلفّني زائحة عني كآبة تتصاعد مثل الغيم من أطراف البحار! تركتِ صوتك وكلماتك مثل لؤلؤ متناثر، ووجهك النيّر كإشراقة بدر في ليلة ظلماء! فارقتِنا أيتها الزهرة الفوّاحة بجسدك الغض الذي عانى ويلات المرض، ولكن مازالت روحك الجميلة فراشة ربيعية تجوب أرجاء المكان. نسأل الكريم المنّان أن تكوني ذخراً لوالديك يوم الدين، وعوضنا في مصابنا خيراً وإنا إليه راجعون. مرفأ: * ثمة أشياء لا نعتادها نموتُ كلَّ ليلةٍ مؤقتاً لكنّ موتنا الأخير يفجعنا دائماً. (سوزان عليوان)