الحمد لله القائل في محكم التنزيل: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }.. ويقول الحق تبارك وتعالى: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.. والصلاة والسلام على النبي المرتضى والحبيب المصطفى محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد: فقد فُجعنا جميعاً بنبأ وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله رحمة واسعة وأسبغ عليه المولى كريم فضله وإحسانه -، كما فُجع بموته رحمة الله عليه العالمان العربي والإسلامي، ذلك لما يمثِّله المغفور له - إن شاء الله - من ثقل كبير على مستوى العالمين العربي والإسلامي على حد سواء حيث تشهد له - رحمه الله - وقفاته الإسلامية بذلك مما لا يخفى على كل ذي بصيرة واطلاع على أحوال العالم الإسلامي. فقد كان - رحمه الله - حريصاً كل الحرص على اجتماع كلمة الأمة الإسلامية وتوحُّد كلمتها في شتى الميادين.. فالمتتبع لمسيرته - رحمه الله - منذ ما يقارب ربع قرن يجد بكل وضوح ومن خلال كلماته أثناء حديثه على الدوام عن أحوال العالم الإسلامي حرصه الشديد على توحُّد كلمة المسلمين أينما كانوا كما أن مواقفه العربية - رحمه الله - تؤكد على ذلك ولا أصدق وأوضح من موقفه رحمة الله عليه أثناء غزو الكويت وبذل كل جهد لتجنيب المنطقة العربية ما يعود عليها بالشرور والفتن. هذا مثال يسير لصدق وقفاته - رحمه الله - مع الأمتين العربية والإسلامية. كما سخَّر جل وقته - رحمه الله - فيما يعود بالنفع عليهما ولا أدل على ذلك من إصدار أمره الكريم بإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية، والتوسعة الهائلة في عهده - رحمه الله - للحرمين الشريفين حيث تمثِّل أكبر توسعة لهما شهدها التاريخ. أسأل الله جل وعلا أن يجعل في ذلك عظيم الأجر له والمغفرة وتكفيراً للذنوب.. إنه جواد كريم.. فإن في ذلك خدمة كبيرة وجليلة للإسلام والمسلمين على الدوام، وختاماً فإني أعزي بوفاته - رحمه الله - أبناءه فرداً فرداً والأسرة المالكة والشعب السعودي وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز - حفظهما الله - كما أحببت هنا أن نجدد البيعة لهما على سنة الله ورسوله أصالة عن نفسي وأبنائي وأسرتي سائلاً المولى جل وعلا أن يجنِّب بلادنا كل سوء وأن يوفق ولاة أمرنا لما فيه صلاح العباد والبلاد.. إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.