أولاً: وأخيراً ألغت وزارة التربية والتعليم نظام اختبار الكفايات لهذا العام المعمول به سنوياً للمعلمين المتقدمين للتأكد من تأهيلهم ومدى الاستفادة منهم. ويأتي هذا الإجراء بسبب ردود الفعل من قبل الخريجين جميعهم. ونقول: لقد أحسنت الوزارة بهذا الإجراء بإلغاء هذا الاختبار الذي ينتظر إلغاءَه الجميعُ منذ فترة حيث وقف حجر عثرة في وجه بعض الخريجين لتحقيق رغبتهم وطموحاتهم للانضمام إلى سلك التربية والتعليم بعد مشوار طويل وشاق في مضمار الدراسة يصل إلى ست عشرة سنة على أقل التقديرات. مع أن هذا الاختبار قليل الجدوى ولا يعطي صورة دقيقة عن الخريجين بل إنه مجال لهضم لبعض الخريجين وحرمانهم من حقوقهم الشرعية التي اكتسبوها بعد تخرجهم من الجامعات. بل إنه يعتبر من وجهة نظر البعض لا يعدو أن يكون تقليداً أو ردة فعل من الوزارة تقابل به ما تقوم به وزارة التعليم العالي من عقد اختبار القياس لطلبة الثانوية العامة قبل قبولهم. وهذا يعطي انطباعاً لدى الأغلبية من المواطنين وأولياء أمور الطلاب أن هذين الاختبارين يمثلان عدم ثقة الجامعات بمخرجات التعليم العام وأيضاً عدم ثقة وزارة التربية والتعليم بمخرجات التعليم بالجامعات ويصبح الطالب أو المتخرج مع الأسف كالكرة بين الاثنين وهذا مما يؤسف له. مسكين أيها الطالب عقبات في القبول وأخرى بعد التخرج وثالثة عندما تكون حبيس المنزل لا تجد عملاً. وتنثر الأشواك في طريقك مما أوجد عقداً نفسيةً لديك. إن المتعارف عليه هو إجراء مقابلة شخصية يتم التركيز فيها على الجوانب الجسمية وسلامة الأعضاء من الإعاقات، وكذا سلامة النطق والسمع والبصر مما يستلزم سلامتها لطالب التدريس. وإن درجات التخرج من الثانوية العامة أوالجامعات كافية للتميز بين الطلاب في قبولهم وتوظيفهم. أعان الله وزير التربية والتعليم ونائبيه على قيادة سفينة التعليم بنين وبنات والرسو بها على ساحل الأمان بعيداً عن آثار الرياح العاتية والتركيز على اللب والجوهر والابتعاد بالتعليم عن المظاهر الجوفاء التي كادت تطغى على العملية التعليمية والتربوية، وتحوله إلى محطة للتجارب والبحوث. وهناك الكثير والكثير من الملاحظات التي ينتظر المواطن من وزير التربية والتعليم ونائبيه دراستها وإعادة النظر فيها. ثانياً: الشيء بالشيء يذكر، فمركز القياس والتقويم يقوم بإجراء اختبار لطلبة الثانوية العامة قبل التحاقهم بالجامعات ولا يكتفى بالدرجة المكتسبة في شهادة الثانوية العامة. ويتساءل الطلاب وأولياء أمورهم عن الفلسفة التي بني عليها هذا الاختبار. إذ إنه أضر بأغلب الطلاب وحرمهم ثمرة جهودهم في الثانوية العامة. وهنا يتبادر إلى الذهن عدة أسئلة هامة. ما الفائدة من هذا الاختبار؟. وأغلب أسئلته أبعد ما تكون عن المادة الدراسية التي درسها الطلاب في الثانوية العامة. إذ إن أغلب أسئلته عبارة عن أسئلة متشابهة ومجموعة من الأحاجي التي لا تتلاءم مع أستاذ يلقيها أو طالب يجيب عنها. وفيها ظلم لبعض الطلبة وهضم لحقوقهم واكتساب لآخرين بغير وجه حق فمثلاً طالب تحصل على نسبة 92% في الثانوية العامة. ولكنه تحصل على نسبة 82% بعد القياس قد ظلم هذا الطالب بعشر درجات فمن المسؤول عن ذلك؟. وإذا كان اختبار قياس شر لا بد منه فلماذا لا يكون مجانياً. هل نحن بحاجة إلى رسم من طلبة هم بأمس الحاجة إلى المساعدة بل إن أغلب الطلبة ينتمون إلى أسر فقيرة تعيش بما يمده لهم أهل البر والإحسان.وإذا كان الأساتذة والمثقفون ورجال التربية والتعليم لا يراعون إخوانهم من المواطنين ويرفقون بهم فمن إذاً ينتظر ذلك؟. إن اختبار القياس والتقويم منهج خاطئ لتحديد مستوى الطلاب بل إنه وضع تقليداً لما يجري في الخارج. إن قياساً كهذا يستعمل في البحوث والدراسات التي لا يترتب عليها ضياع حقوق الآخرين والبحث عن نتائج ليست محسومة أما نتائج الطلاب فيه محسومة من لجان معتمدة وموثوقة يقوم عليها خيرة رجال التربية والتعليم في المناطق تحت إشراف مديري التعليم، والتشكيك فيها تشكيك بجهود جميع العاملين في حقل التربية والتعليم وبالتالي تشكيك بمخرجات التعليم. ونتساءل: أيهما أدق في تقويم الطالب معلمون درسوه عاماً كاملاً وأجروا له عدة اختبارات شهرية واختبروه أخيراً في منهاج الدراسة المقررة. أم تقويم أستاذ أو موظف لا يعرف الطالب ولم يره مطلقاً. وقد يلاحظ بمنهاج الدراسة المقررة على الطالب ومن ثم يوجه له أسئلة خارج المنهج ويحدد له ساعات للإجابة قد لا تغطي نصف الأسئلة للألغاز التي طرحت على الطالب. وبعدها نقول: لقد تم قياس الطلاب وتحديد مستوياتهم. إن إعطاء الجامعات نوعاً من المرونة والحرية في أنظمتها لا يعني ترك الحبل على الغارب والمجازفة بأبنائنا وهضم حقوقهم. والمواطن ينتظر من المتعلمين معاملة لا ينتظرها من غيرهم. وسنوات مضت على تجربة اختبار القياس كافية للقول في صلاحيته من عدمها هذا لا يعني الاستمرار على هذا المنهج نجاح التجربة وصلاحيتها. ومن الشجاعة والأمانة الرجوع إلى الصواب. وإعادة الأمور إلى نصابها ولا ضير على أحد في ذلك. دعوة إلى الواقعية في معاملة الآخرين فقد سئم الجميع من تلك الاختبارات التي أرهقت عقول الطلاب وجيوبهم. وأضاعت بعض حقوقهم العلمية وأصبحت حائلاً بين بعضهم وبين الدراسة. إن أخذ رسوم على الطلاب فيه إساءة إلى سمعة التعليم وإلى جهود الدولة التي تصرف نسبة عالية من الميزانية للتعليم بنين وبنات. فلم تقصر ولم تبخل على التعليم حيث جعلته للمواطن والمقيم مجاناً وليست بحاجة إلى رسوم تؤخذ في الغالب من جيوب طلاب فقراء. ولمن تصرف هذه الرسوم؟ ولماذا لا تستطلع آراء أساتذة الجامعات في تطبيقه؟. لماذا لا يستطلع رأي المواطن في تطبيقه؟. لماذا لا يطرح في استفتاء عام على المعلمين والطلاب؟. لقد تعقدت الحياة. وضاقت وسائل العيش.. على كثير من المواطنين وكثرت الرسوم على الكهرباء والماء والهاتف والهاتف وعلى السيارات والجوازات وغيرها وكثرت المصروفات الجانبية. وكثرت البطالة وانشغل المواطن في البحث عن لقمة العيش. فهل مساهمة الجامعات تكون في زيادة هموم المواطن وتعقيد حياة أبنائه في وقت كان ينتظر منها المساهمة في إيجاد الحلول التي تساند وتساعد المواطن وتأخذ بيده إلى الحياة الأفضل. وأخيراً: دعوة لوزارة التعليم العاليم بإعادة النظر في اختبار القياس والتقويم وإلغائه. وإذا لم يكن ذلك في إعادة النظر في أسئلته ورسومه ونتائجه والاستفادة منه في توجيه الطلاب إلى التخصصات التي تلائم قدراتهم بعد التركيز على هذا المنهج في الأسئلة وعدم الاعتماد عليه أساساً في قبول الطلاب وكذا عدم المساس بدرجاتهم المكتسبة في الثانوية العامة والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.