تشهد مدينة جدة قريباً افتتاح أول مركز من نوعه في الشرق الأوسط لحفظ الخلايا الجذعية البشرية والتي شكل اكتشاف فاعليتها في علاج العديد من الأمراض المستعصية فتحاً غير مسبوق في التقنيات الطبية الحديثة في السنوات العشر الأخيرة بتكاليف إجمالية 5 ملايين دولار وطاقة إنتاجية 150 ألف عينة.وأوضح الدكتور فياض اسعد الدندشي المدير التنفيذي لمركز حفظ الخلايا الجذعية (فيوتشرمد) إن الأبحاث الطبية التي شهدتها الاعوام الماضية تقدمت بشكل غير مسبوق في مجال الخلايا الجذعية حتى تكاد تكون الأخبار عنها شبه يومية في شتى أنحاء العالم. وقال إن تكوين الخلايا الجذعية يبدأ مع تكوين الخلية المخصبة الأولى للجنس البشري (Zygote)، ومن ثم تبدأ هذه الخلية بالانقسام والتخصص لتكون اعضاء الجسم المختلفة ذات الوظائف المتعددة، وبذلك فإن لهذه الخلايا قدرة على التحول لأي نوع من أنواع خلايا الجسم والتي تشكل بدورها أعضاء الجسم البشري.ولفت إلى أن أعضاء الجسم اثناء النمو تحتوي على كميات كبيرة من الخلايا الجذعية المتطورة، وهي نفسها مسؤولة عن تجديد وتنشيط الخلايا التالفة والمصابة. ومع التقدم في العمر، وبتأثير الأدوية والعوامل الخارجية تبدأ هذه الخلايا بالنفاد فيفقد الجسم القدرة على تجديد الخلايا وتزداد نسبة الأمراض وتتسارع علامات الشيخوخة بالظهور. كما نوه الدكتور الدندشي بأن الأبحاث العلمية أثبتت جدوى استخدام الخلايا الجذعية في علاج أمراض مستعصية مثل أمراض السكري والزهايمر والشلل الرعاشي والجلطات الدماغية والقلبية وأمراض العمود الفقري وأنواع عديدة من أمراض السرطان بما فيها سرطان الدم والغدد الليمفاوية. وأضاف إنه من المعروف طبيا أن محتوى دم الحبل السري (عند الولادة) يحتوي على كميات كبيرة من الخلايا الجذعية الدموية، بيد أنها حاليا تعتبر من المهملات الطبية. وفي الدول المتقدمة يقوم الأطباء بجمع هذه الخلايا وحفظها نظرا لإمكانية استخدامها لعلاج بعض الامراض المستعصية كالأنيميا وسرطان الدم وأورام الغدد الليمفاوية وامراض الجهاز المناعي فيما لو تعرض المولود في المستقبل لأي من هذه الأمراض، وذلك من خلال حقنها في الجزء المصاب.وتكمن أهمية هذه الخلايا في كونها معرفة تماما للجهاز المناعي وبالتالي لا تسبب أي مضاعفات عند زراعتها لنفس المولود، إضافة إلى ذلك فإن الخلايا الجذعية من الحبل السري تتطابق بنسب تتراوح بين 25% و40% مع باقي أفراد الأسرة، الأمر الذي يعني إمكانية استخدام هذه الخلايا الخاصة بالطفل لعلاج امراض مستعصية لدى أي من أفراد العائلة.وأضاف المدير التنفيذي أن المركز الجديد مجهز خصيصاً لجمع وعزل الخلايا الجذعية من دم الحبل السري أثناء الولادة بنفس التقنيات والأساليب المتوفرة في الدول المتقدمة والمراكز العالمية، علماً بأن هذه التقنيات لا تنطوي على أية أضرار صحية على الأم أو الجنين، ومن ثم الاحتفاظ بهذه الخلايا في مناخ مخبري ملائم لاستخدامها في علاج أعضاء الجسم التي قد تصاب بأمراض مستعصية واضاف أن الخلايا الجذعية تستخدم ايضا كبديل أكثر فعالية لمعرفة ردود فعل جسم المريض على الأدوية والعقاقير الطبية قبل استخدامها في العلاج، منوهاً إن اكتشاف هذه الطريقة العلمية في العلاج التي بدأت عليها الأبحاث منذ عشرين عاما مثلت فتحا طبيا وعلميا غير مسبوق، وأخيرا فإن عملية جمع وحفظ الخلايا الجذعية لا علاقة لها بعملية الاستنساخ التي حظرتها العديد من دول العالم ويحرمها الدين الاسلامي الحنيف. وفضل الدكتور الدندشي التريث في الكشف عن الآلية التي سيعمل بها المركز في تقديم خدماته للمستشفيات والأفراد الراغبين في الاحتفاظ بالخلايا الجذعية لأطفالهم عند الولادة لحين الإنتهاء من التراخيص الحكومية اللازمة، كما كشف عن تكاليف المركز الذي بلغت نحو خمسة ملايين دولار جرى استكمال تجهيزاته التقنية والبشرية بالتعاون مع شركة (هيما ستيم) الكندية الرائدة في هذا المجال، وأن طبيعة العمل فيه تتطلب كفاءات طبية وتقنية عالية التأهيل والخبرة، منوها إن الطاقة التشغيلية للمركز تقدر ب 30 الف عينة سنوياً، وبقدرة استيعابية تقدر بمائة وخمسين الف عينة قابلة للزيادة في المستقبل، وان التجارب أثبتت انه بالإمكان الاحتفاظ بالخلايا الجذعية حية في مختبرات هذه المراكز لمدة تتراوح بين 15 و20 عاما، وهي مدة يتوقع أن تزداد في المستقبل، إذ إن عملية حفظ هذه الخلايا لم تبدأ إلا من ذلك الحين.ومن المؤكد أن المركز الجديد سوف يكون نموذجاً حديثاً لتطور التقنيات الطبية في المملكة، ويتوقع الدكتور الدندشي أن يكون هذا المشروع هو النواة التي ستجعل المملكة رائدة في مجال تطبيقات الخلايا الجذعية على المستويين العربي والإقليمي.