تواصل مراكز الأبحاث العالمية دراساتها في مجال الخلايا الجذعية، ومدى قدرتها في علاج الأمراض المستعصية، خصوصا أن هناك حالات قد شفيت من خلال استخدام الخلايا الجذعية، بعد نجاح الأطباء في إنتاج مستعمرات من كريات الدم الحمراء والبيضاء. وتعد الخلايا الجذعية، حسب رأي الباحثة والمتخصصة في علم الفيروسات الدكتورة إلهام قطان «اللبنة الأولى التي يتكون منها الجنين الإنساني، وتكمن فيها كل أسرار تكوين الجسم البشري». وهو الأمر الذي دفع الباحثين إلى البحث في إمكانية استخدامها في علاج الأمراض المستعصية. والخلايا الجذعية خلايا غير متخصصة، وغير مكتملة الإنقسام، لا تشبه أية خلية متخصصة، ولكنها، حسب قطان، قادرة على تكوين خلية بالغة بعد أن تنقسم عدة انقسامات في ظروف مناسبة. وتلاحظ قطان «أنه منذ اكتشاف الخلايا الجذعية والعلماء في سعي للاستفادة منها في محاولة العلاج للعديد من الأمراض المزمنة التي ليس لها علاج». وكان باحثون استراليون قد استخدموا الخلايا الجذعية لمعالجة شخص مريض بالقلب، حيث زرعت الخلايا الجذعية له، ونجحوا في إنتاج مستعمرات من كريات الدم الحمراء والبيضاء، كما عولجت طفلة أمريكية تعاني من ورم أرومة العصبي بواسطة الخلايا الجذعية المأخوذة من دم الحبل السري وشفيت من مرضها الآن تماما. استخدامات عديدة وتشير قطان إلى أن استخدامات الخلايا الجذعية عديدة أبرزها: معرفة العوامل التي تقود إلى تخصص الخلية من خلال معرفة الجينات المسؤولة، فهم الأحداث المعقدة التي تتخلل عملية تكوين الخلايا وانقساماتها، تحديد الأسباب والعوامل الأساسية، ومواقع الخطأ التي تؤدي عادة إلى أمراض قاتلة مثل السرطان والعيوب الخلقية التي تنشأ نتيجة خلل في انقسام الخلايا وتخصصها، استخدام هذه الخلايا كحقل تجارب للأدوية والعقاقير الطبية لتطويرها، حيث تختبر آثارها ومدى تأثيرها،إنتاج خلايا وأنسجة يمكن زرعها لإعادة وظيفة جزء مختل في الجسم، وهو مايعرف بالعلاج الخلوي لكثير من الأمراض المستعصية التي تنتج عن تعطل الوظائف الخلوية أو تحطم أنسجة الجسم (مثل الزهايمر، الباركنسون، إصابات الحبل الشوكي، أمراض الدم والقلب، السكر، التهاب المفاصل، الحروق)، هندسة الجينات الوراثية لعلاج السرطان، والإيدز والأمراض الوراثية المنتقلة عبر جين واحد، إثارة حالة مناعية معينة في المريض حتى يتقبل جسم المريض الأعضاء التي يرغب في زرعها، مما يقلل من استخدام عقاقير تثبيط المناعة أو لتكوين غرسة من الخلايا المناعية الموجهة ضد خلايا سرطانية، بحيث لا تؤثر على الخلايا الطبيعية أو ضد بعض أنواع الفيروسات الخطيرة». أنواع الخلايا ويرى استشاري الأطفال في صحة جدة الدكتور نصر الدين الشريف في هذا السياق «أن الخلايا الجذعية تعتبر من أهم الوسائل المبتكره في الطب الحديث لقدرتها على علاج عدد كبير جدا من الأمراض، ومن أهمها أمراض القلب والسرطان»، مؤكدا أن «استخدام هذه الخلايا بدأ في الكثير من الدول، حيث تستخدم لعلاج بعض أمراض القلب، بعض أمراض العظام، وبعض أمراض العيون». ويوضح الشريف «أن أهم مزايا هذه الخلايا، أنها تستطيع إصلاح واستبدال الخلايا التالفة عند زراعتها في العضو المصاب، وهذا يغني عن الحاجة لاستبدال العضو»، لافتا إلى وجود نوعين من الخلايا الجذعية هي: «الخلايا الجذعية الجنينية، ويمكن الحصول عليها إما من دماء الحبل السري بعد الولادة مباشرة، أو من النطفة الجنينية، وهي عبارة عن كتلة الخلايا الجنينية الأم، التي تتكون داخل النطفة الملقحة خلال الأيام الخمسة الأولى بعد الإخصاب، والتي تسمى «بلاستوسيست»، وتحتوي على نحو 100 إلى 150 خلية جنينية أم أو خلية جذعية جنينية تستطيع أن تنمو لتعطي أي نوع من أنواع خلايا الجسم المختلفة، وبالطبع كانت المشكلة التي تواجه العلماء حتى عام 1998 هي كيفية استخلاص هذه الخلايا والحفاظ عليها في هذه المرحلة، والنوع الثاني وهو الخلايا الجذعية الناضجة، وهي موجودة في كل عضو من أعضاء أجسامنا كرصيد استراتيجي احتياطي لتعويض ما يتلف من خلايا ذلك العضو وتجديد خلاياه، وكان المعروف من قبل أن هذه الخلايا الجذعية الناضجة لا تنمو إلا في اتجاه تخصصها، غير أن العلماء اكتشفوا حديثا إمكانية استخدام هذا النوع من الخلايا الجذعية الناضجة لتوجيهها لتكوين أنواع أخرى من الخلايا». ويخلص الشريف للتأكيد «أن استمرار الدراسات في مجال الخلايا الجذعية سيفتح آفاقا جديدة في تطوير الوسائل العلاجية للأمراض المستعصية، والتقليل من تناول الأدوية الكيميائية».