تمر الأمة الإسلامية بمنعطف يهز كيانها ذلك أن الظروف الراهنة والتداعيات الدولية وسيطرة الاعلام الأحادي الغربي الطاغي على مجريات الساحة الإعلامية أفرزت مختلف ألوان الحقد والتعصب ضد الإسلام وجهود الدعوة، حتى إن الدعوة الإسلامية لم تسلم من اعدائها من الداخل ذلك أن هذه المشكلات التي تمر بها الأمة الإسلامية كشفت الغطاء عن الحاقدين على الإسلام ومنهجه من أبناء هذه الأمة نسأل الله لهم الهداية، كما أن هذه الفترة بأحداثها أسهمت ايضاً في إيجاد مناخ الغلو والتطرف كردود افعال غير مخططة ألهبت ساحات التطرف وانتشار ظواهر الفتاوى العشوائية حتى اضحت الامة الإسلامية تعيش في أزمة دعوية من مختلف الاتجاهات. وعلى ضوء هذه المتغيرات والمستجدات فإن هذه الفترة تتطلب بلورة المفاهيم السائدة في الأنشطة والاتجاهات الدعوية والتعامل مع هذه الانشطة وفق المفهوم العلمي لاداء المنظمات وبالتالي تحقيق أقصى درجات الكفاءة في الاداء في مجال الدعوة وهذا لن يتحقق إلا بتبني منهج التطوير التنظيمي للفكر الدعوي والبحث عن مكامن الخلل في الاداء، والكشف عن الواقع الحالي له وخصائصه وبالتالي تحديد الآلية المناسبة لرفع كفاءة نشاط برامج التوعية الإسلامية وفقاً للثوابت الإسلامية وفي ظل ما شرع الله سبحانه وتعالى ورسوله الأمين عليه أفضل الصلاة واتم التسليم. ونظراً للمكانة الرائدة للمملكة العربية السعودية إسلامياً وخاصة في مجال الدعوة فإن هذه المرحلة تتطلب تكاتف جهود الجميع للخروج من هذه الأزمة والإبقاء علىسمعة المملكة كدولة ريادية إسلامية التزمت بالدين الإسلامي عقيدة ومنهجاً، وقدمت الدعم لجميع الدول الإسلامية والجهود التوعوية والدعوية إلى الله سبحانه وتعالى اكتسبت احترام الجميع وحيرت خصومها نظراً لالتزامها الفكر الإسلامي الصحيح دون زيف وبطلان أو تحقيق مكاسب على حساب الثوابت الإسلامية حتى ان هذه الأحداث على الساحة الدولية أكسبت المملكة الالتزام الأكبر بثوابتها نظراً لأصالة جذور هذه الدولة التي اسسها الملك الموحد المغفور له الملك عبدالعزيز متبعاً في ذلك نهج السلف الصالح في الاهتمام بالإسلام والمسلمين. وعلى ضوء ذلك فإن اعادة تطوير منهج الفكر الدعوي ماهو إلا اسلوب مثالي باتباع مبادئ الفكر الإداري القائم على نظريات ومناهج علمية لتطبيق برامج التطوير التنظيمي للاداء ولعله من المناسب الحديث عن ابرز ملامح اتجاهات تطوير الفكر الدعوي من خلال ما يلي: أولاً: بناء قواعد معلوماتية عن جميع المشكلات والمعوقات التي تواجه نشاط الدعوة وبرامجها ذلك أن المعلومات ضرورة مهمة لرفع كفاءة القرارات المتخذة ورسم استراتيجيات المستقبل. ثانياً: الاهتمام بتطبيق مناهج البحث العلمي عند تناول مشكلات الدعوة ودراستها ضمن هذا المفهوم يسهم في ترشيد القرارات المتخذة والبحث عن اسباب هذه المشكلات بأسلوب علمي وبالتالي تقديم تطورات منطقية فعالة كحلول لها لرفع كفاءة مستوى اداء نشاط الدعوة. ثالثاً: إدراك مفهوم الدعوة على انه جزء من التربية والتعليم يستطلع إليه الجميع في الداخل وفي الخارج، وبالتالي فإن هذا المجال لا يجب تركه للاجتهادات الشخصية بل يتطلب استقطاب الكفاءات المؤهلة في هذا المجال ومن مختلف التخصصات الدينية والتربوية والاجتماعية والسياسية ليتم القيام بالعمل الدعوي ضمن منظومة متكاملة في الاداء. رابعاً: استقطاب المحللين السياسيين المبدعين في هذا المجال ومن تتوفر لديهم العقيدة الصالحة والدافع للرفع من شأن الإسلام واهله ذلك أن اصحاب هذا الاتجاه هم الاجدر بقراءة الواقع وتفسيره والعمل على استقراء معالم المستقبل واستنباط الاتجاهات التي تتفق مع واقع العالم الذي نعيش فيه وفق آليات منظم الأداء الشامل للفكر والمنهج الدعوي. خامساً: رفع مستوى الوعي بالقضايا السائدة والقيام بالمبادأة وعدم الركون تحت أنقاض الخلافات السابقة والانشغال بالنزاعات الفرعية والفردية ذلك أن الفكر الدعوي أسمى من ذلك وأن الهدف العام هو المطلب الرئيسي من ذلك وبالتالي فإن استقطاب وتوظيف المبدعين في مجال الدعوة لتتناول قضايا الساعة وبمبادرة من أصحاب هذا النشاط ما هو إلا تأكيد على تحسين وتفعيل الرؤية الإسلامية الصحيحة لجميع القضايا وردع اعداء الإسلام عن تشويه الحقائق.