لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي القدير، الحمد لله على قضائه وقدره، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} رحمة الله على عمي الحبيب عبدالله خميس مبارك الغالي، الذي انتقل إلى رحمة الله يوم الاثنين الماضي، جعله الله في جنات النعيم .. لن أنساك ما حييت يا عمي .. كيف أنسان وأنت من علمتني في هذه الحياة، كيف أنساك وأنت كنت تأخذني معك إلى كلِّ مكان .. أخذت منك العلوم الكثيرة، فأنت مدرسة متنقلة، تجولت في قلبك الطيب الكبير، وضحكتك الدائمة، وأسلوبك الرقيق، لك في الكرم باع طويل ولك في الجود نهر جارٍ، ولك في التسامح بحر يكنز الرحمة والعطف والنبل والخير .. أنت من علمني الشعر والكلام والمراجل، لن أنسى توصياتك وكلماتك، تحرص على البذل والعطاء، تهتم بعمل الخير وتسعى من أجل نيل الأجر والمثوبة، وإن شاء الله إنّك على خير، لم تؤذ أحداً، لم تجرح أحداً، لم تأخذ مال أحد، ولم تهضم حق أحد، فأنت بحر ننهل من كنزه الشيء الكثير.لن أنسى تلك الجموع التي همرت من أجلك الدموع، صفوف المصلين لا تعد ولا تحصى، وقوافل السائرين في جنازتك حار بها الطريق وضاق، كله من أجل حبك الذي سكن قلوبهم.رجال بكت عليك قبل النساء، الكبار قبل الصغار .. يبكيك الغريب قبل القريب، تبكيك الجوف، يبكيك النخل والزيتون الذي غرسته، تبكيك (معاميلك وعصانتك)، تبكيك جلستك العامرة بوجودك، تبكيك (الصفياء) بشجره وحجره، تبكيك (الدندنية) .. تبكيك كل زاوية من زوايا بيتك الكبير. كلهم يقولون رحمك الله يا أبا تركي رحمة واسعة، وجعلك الله في جنات النعيم وجميع موتى المسلمين .. اللهم آمين. قبل النهاية أتقدم بالشكر والعرفان لكلِّ من عزّانا في فقيدنا الغالي من الجوف وخارجها، جعله الله في موازين حسناتهم .. اللهم آمين. وفي النهاية، وطالما أنّ الموت ضرورة حتمية، وأنّه آتٍ لا محالة فكيف تكون مشاعرنا تجاهه، وهل نحزن حينما يختطف الموت أحد أحبائنا؟ إنّ مشاعر الحزن تجاه فراق أحد الأحباء هي مشاعر ضرورية وهامة، تماماً حينما نحزن في وداع أحد الأحباء وهو ذاهب في رحلة طويلة إلى مكان بعيد، فلن نستطيع أن نراه أو نحدثه أو نناقشه، ونسشعر حتماً بألم ناتج عن هذا الفراق، ولكننا لا ينبغي أن نفرط في هذه المشاعر كالذين ليس عندهم رجاء، فنحن نؤمن أنّ الموت هو انتقال وبداية لحياة أبدية سعيدة مجيدة، وليس نهاية وهلاك، نؤمن أنّنا انتقلنا جميعا من الموت إلى الحياة، وأرجو الله أن نتقابل في الآخرة .. أما مشاعرنا تجاه الموت فينبغي أن تكون مشاعر الاستعداد لا الخوف، دعونا نستعد حتى ننجو من الهلاك من بحيرة النار والكبريت (الموت الثاني)، دعونا نتمسك أكثر بالرب، نبني علاقة حية معه بالصلاة والكتاب المقدس (القرآن) والتوبة، حتى نستعد للحق الذي قلَّ من يطلبه. [email protected]