حينما نشر المفاوضون الإسرائيليون خريطة انسحاب قواتهم المحتلة للضفة الغربية وقطاع غزة في الجولة الثانية للمفاوضات التي تجري في إيلات كاد المفاوضون الفلسطينيون يقفزون من فوق كراسيهم من هول ما شاهدوه وبعد أن استردوا هدوءهم فضلوا الانسحاب من قاعة المفاوضات وظلوا أكثر من ساعة عاجزين حتى عن الكلام. والخريطة التي أرعبت الفلسطينيين لم يكونوا يتوقعونها مطلقا حتى في أسوأ تصوراتهم إذ تبقي الطرقات الرئيسية في الضفة والقطاع تحت السيطرة الإسرائيلية وتضم المستوطنات الإسرائيلية للكيان الإسرائيلي، وهذا ما يجعل للفلسطينيين 65% فقط من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة ليقيموا عليها دولتهم,,! وهذا يعني أيضا ان الاسرائيليين يريدون اقتطاع 35% مما تبقى من فلسطين ثمنا لانهاء احتلالهم لنصف فلسطين الذي خصصته الأممالمتحدة لدولة فلسطين عند تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب عام 1948م. في المفاوضات مع سوريا أيضا يريد الاسرائيليون ثمنا لانهاء احتلالهم لهضبة الجولان السورية، فبدون أي خجل يطالب الاسرائيليون بتعديل الحدود الدولية مع سوريا التي كانت عليها يوم الرابع من حزيران عام 1967م، وفي هذا الخصوص يسعون للسيطرة على سواحل بحيرة طبرية ومنابع مياه نهر الأردن والاصرار الإسرائيلي على قبض ثمن وكسب أراضي الغير بواسطة الحروب هو الذي أفشل المفاوضات مع سوريا وعطل استئنافها. أما الانسحاب من جنوبلبنان والبقاع الغربي فقد ظهر ومن خلال مباحثات ممثل الاممالمتحدة ترجي رويلدلارسن، انه ليس انسحابا بالمعنى المتعارف عن انسحاب القوات المحتلة، فالمعروف ان اية قوات اجنبية محتلة عندما تنفذ انسحاب قواتها المحتلة تتراجع إلى خلف الحدود الدولية، ولكن إسرائيل، تطالب وبوقاحة ايضا مثلما فعلت مع سوريا بالاحتفاظ باجزاء من الاراضي اللبنانية وبالتحديد مزارع شبعا، والحجة الاسرائيلية ان المزارع تعود ملكيتها إلىسوريا وانها جزء من هضبة الجولان كونها تقع في سفح جبل الشيخ الذي تحتله اسرائيل، في حين تؤكد الخرائط التي حملها مبعوث الاممالمتحدة معه والموقعة عام 1923 بين سورياولبنان ان مزارع شبعا، أرض لبنانية، ولا يزال المواطنون اللبنانيون يحملون صكوك تملك لتلك الاراضي التي استولت عليها إسرائيل واقامت عليها متنزهات ومشاريع سياحية منها مرفق التزلج الذي يؤمه السياح الاوروبيون والامريكيون والاسرائيليون والذي يدر ملايين الدولارات للخزينة الاسرائيلية. ثلاث حالات مع فلسطين ومع سوريا ومع لبنان تريد اسرائيل ثمنا لانهاء احتلالها للاراضي العربية في حين تنص قرارات مجلس الامن الدولي على منع الحصول على الاراضي بالقوة، وان الارض التي يستولى عليها في الحروب يجب ان تعاد لاصحابها وهذا ما حصل في كل الحالات التي شهدتها الاتفاقيات الدولية، إلا في حالات حروب إسرائيل العدوانية، فبعد كل حرب تتوسع مساحة إسرائيل على حساب العرب بدءاً من عام 1948 حيث ضمت اليها صحراء النقب، وعام 1956 حيث ضمت إليها أم الرشراش التي اصبحت تسمى فيما بعد بإيلات والآن تريد كل بحيرة طبرية ومزارع شبعا و35% من أراضي ما تبقى من فلسطين,,!! مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني