شاب نشأ في طاعة الله ذلك نموذج لسبعة يضلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ذلك هو أخي وقطعة لا تتجزأ من قلبي.. ابني عبدالرحمن.. ولا أزكي على الله أحداً. منذ صغره وقبل دخوله المدرسة يحرص على قراءة كتاب الله وحفظه (ويحرص على فعل الخير) ومن فضل الله عز وجل عليّ أن منزلي يقع بجوار المكتب التعاوني لدعوة الجاليات بالشفاء، فكان يذهب إليهم. ويقوم بالمساعدة في تجهيز الأشرطة والكتيبات والقيام بتوزيعها.. والمساهمة في تفطير الصائم وجمع التبرعات. وفي أول سنواته الدراسية التحق في كثير من حلقات التحفيظ في حلقات (ذي النورين) و(الفقهاء السبعة) وغيرها.. إلا أنه استمر أخيراً في حلقات ذي النورين نظراً لتعلقه الشديد بالمشرف على حلقته ومدرسه كذلك المدرسة المجاورة للمسجد، مدرسة عمرو بن العاص رضي الله عنه، (الأستاذ زيد الهويشل) أبو معاذ، ذلك الذي رباه بأخلاقه وأدبه وتوصياته الخيرة والكلمات السديدة لا حرمنا الله ومن نحب الجنة مع باقي الأساتذة والمعلمين والمربين ومعلمي الحلقات ومدير وأعضاء ومنسوبي المكتب التعاوني لدعوة الجاليات بالشفاء، وكذلك ولأئمة مساجدنا المجاورة في إعطاء أبنائي المساهمة في التفطير وغيره. لقد نشأ ابني عبدالرحمن - بفضل الله عز وجل - ثم بفضل موجهيه ومعلميه وأهل الخير جميعاً بغرس النفع والخدمة لكل مسلم يؤمن بالله عز وجل ممتثلاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :(خير الناس أنفعهم للناس). ولقد كان طلاب الفصل (1-5) من متوسطة ثمامة الحنفي وقبلهم معلموه وموجهوه يساعدهم ببذل ما يحتاجون حيث إنه يقدم خدماته لكل طلب من أحد زملائه أو معلميه وإحضار ما يحتاجه الفصل. أما وفاته ففي مساء يوم الإثنين الموافق 8-4-1426ه، كان هناك حفل أقامته حلقات تحفيظ القرآن الكريم في جامع النمر بحي الشفاء في استراحة العريش بحي الحزم بالشفاء، وقد قام عبدالرحمن مع زملائه من حلقات مسجد ذي النورين بالاستعداد لحضور ذلك الحفل الذي سيقام على شرف الدكتور: عبدالمحسن الأحمد، ومشاركة القارئ الشيخ ناصر القطامي، فقام منذ العصر بلبس الملابس الجديدة، كأنه ذاهب إلى مناسبة زواج بل هي أعظم من ذلك فقد ذهب مع زملائه من الحلقة للحفل باكراً، وشارك في المساهمة والخدمة كما هي عادته وجلس حتى نهاية الحفل، وعند خروجه من أمام الاستراحة وهو خارج منها قام بتوديع زملائه واحداً واحداً، وكأن له موعداً مع الرحيل، فبعد أن تعدى شارع الخدمة رأى سيارة مسرعة على طريق الخدمة متوقعاً أن السيارة ستسير في طريق الخدمة فقام بالسير في الشارع الرئيسي آمناً إلا أنه فجأة دخلت السيارة في الخط العام، فقامت بالاصطدام به وإلقائه بعيداً مصاباً بعدة صدمات شديدة من السيارة وانيت كبيرة غمارة واحدة، ومن شدة الصدمة قامت السيارة بإلقاه بعدة أمتار منتج عن ذلك إصابة عصبية شديدة أدت لتوقف القلب والنفس، إثرالحادث المروري (دعس) فنتج عنه كسر في الجمجمة وفي الرقبة وفي العضد والساعد الأيسر وكسر في الفخذ، (حسب إفادة التقرير الطبي الصادر من مركز الطب الشرعي بالرياض، في وزارة الصحة) فتوفي رحمه الله تعالى عن عمر يناهز الثالثة عشرة من عمره خارجاً من محل ذكر وموعظة وتلاوة، حيث كان ختام الحفل آيات كريمة عطرت مسامعه ومسامع الحاضرين للقارئ الشيخ: ناصر القطامي. وقد تأثرت النفوس لموته كما تأثرت أنا وجميع من أحبه وعرفه والتقى به وحضر وفاته. وقد نزلت وفاته على قلبي وعقلي وجميع مشاعري لفقد ابني الغالي عبدالرحمن جعله الله شفيعاً لوالديه، وأسكنه فسيح جناته ذلك الابن البار الناشئ في طاعة الله من كان قلبه معلقاً بالمسجد صلاة وتلاوة وحفظاً.. من قدم النفع والخير والعون للمحتاجين والصائمين وغيره. ولقد ألهمني الله عز وجل بفضله وامتنانه ورحمته بالصبر وأعانني على الرضا بقضائه وقدره، وأنه أتاه يومه الذي أراد الله - عز وجل - أن يختاره إلى جواره، مما ساعدني على ذلك - بعد فضل الله تعالى - أنه كان في حلقات ذكر وإيمان وملائمة للدعاة وحفاظ كتاب الله عز وجل. ومما زادني صبراً وأبكاني وأسال دمعي ما رأيته من كلمات المعزين خصوصاً في مكاتب الجاليات، ومدرسيه ومعلميه في المدرسة وحلقات التحفيظ وليتني أكون شاعراً فأرثيه أو كاتباً فأسجل صفحات نظيفة طاهرة تسطر بأحرف من ذهب بل من رياحين الجنة لأشدو بها عن مكانة ذلك الراحل إلى جنات النعيم إن شاء الله تعالى. فلقد التقيت برائد فصله (1-5) فذكر لي من محبة زملائه الطلاب أن قاموا مشكورين مأجورين بجمع تبرعات من مدخولهم لشراء برادة ماء لوضعها في أحد المساجد لتكون صدقة جارية لابني رحمه الله، ولقد كان وقعها على صدري وقلبي محل الرضا والفرح بأن ابني له محبون كثر، من طلاب ومعلمين جزاهم الله خيراً، الذين هم خير من أعانني مع والدتهم (أم محمد) حفظها الله بتربيته مع إخوته وأخواته، السائرين في درب حفظ كتاب الله - عز وجل - في حلقات تحفيظ القرآن الكريم (محمد وسعد) وأخواتهم - حفظهم الله جميعاً - كذلك، ولله الحمد والمنة. والموقف الثاني: هو ذكر بعض منسوبي المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالشفاء عن جهوده وحبه للخير ونشر وتوزيع الأشرطة والكتيبات والقيام بتفطير الصائمين وجمع التبرعات لصالح المكتب، وكذلك مدرسوه في حلقة (ذي النورين) بحي الشفاء، أثنوا عليه خيراً ودعوا له، وسألوا الله كلهم أن يكون شفيعاً لوالديه وأهله، وأن يكون من الشهداء. وفي يوم الثلاثاء 9-4-1426ه رأيته بعد تغسيله مبتسماً. وقد أم المصلين لصلاة الظهر مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وصلى عليه صلاة الجنازة بعد ذلك فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين حفظهما الله، وقد حضر الصلاة عليه جمع كثير من أهل الخير كباراً وصغاراً. أسأل الله عز وجل أن يكون ممن قيل فيهم :(اقرأ وارق وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا) وذلك يوم القيامة.. إنه سمع قريب. هذا رجائي لكل من قرأ مقالتي هذه أن يدعو لابني بالرحمة والقبول، وأن يجعله شفيعاً لوالديه، وأن يكون ذلك مدعاة وتشجيعاً لكل ناشئ في رحاب القرآن الكريم، أن يسير على ذلك الدرب، وليعلم أن أهل القرآن هم أهله وخاصته وأنهم ممن يلبس على رأسه تاج الوقار، والله الموفق، والهادي إلى طريقه المستقيم كل منحرف سائر على طريق الغواية إلى طريق الهداية. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. الباحث الشرعي بالرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء