في مثل هذا اليوم من عام 1977م أعاد الرئيس جيمي كارتر في خطبة ألقاها في جامعة نوتردام، تأكيده على التزامه بحقوق الإنسان كركن ركين في سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية، واستخف بفكرة (الخوف المتطرف من الشيوعية الذي قادنا يوماً إلى احتضان أي ديكتاتور ينضم إلينا في خوفنا). جاءت خطبة كارتر كعلامة ونقطة تحول فاصلة في سياسة الولاياتالمتحدة في الحرب الباردة. تم انتخاب كارتر كرئيس سنة 1976م، أثناء نزيف أمريكا من حرب فيتنام، وتساءل الكثيرون عن أسس الدبلوماسية الخارجية الأمريكية. وعد كارتر بالتغيير، وأثناء خطابه في جامعة نوتردام في الثاني والعشرين من مايو سنة 1977م خط رؤيته لمستقبل دبلوماسية أمريكا. بدأ بالكلام عن (النجاح الساحق) في أمم مثل الهند، واليونان، وأسبانيا، ونجاحها في الحصول على حكومات ديموقراطية. هذه النجاحات جددت ثقة أمريكا في قوة الديموقراطية وأن على الولاياتالمتحدة أن تتحرر من الخوف المتطرف من الشيوعية، الأمر الذي دفع أمريكا إلى التحالف مع ديكتاتورات قساة غلاظ القلوب وافقوا على محاربة التهديد الشيوعي. فالمطلوب هو عالم جديد تواجه فيه أمريكا (سياسة تستند إلى احترام لقيمها وتفاؤل برؤيتها التاريخية) ثم اقترح كارتر خطوات قال إنه يتخذها لدعم (التزامه بحقوق الإنسان كأساس أصيل ودعامة هامة في السياسة الخارجية). إن التزام كارتر بحماية وتقدم حقوق الإنسان كركن أساسي في سياسته الخارجية قد حشد له تأييد الكثير من الأمريكان، وغيرهم حول العالم، ممن آمنوا بأن الولاياتالمتحدة في صراعها ضد الاتحاد السوفيتي تقوم بأفعال تستحق عليها التوبيخ. وقد شوهت حرب فيتنام صورة أمريكا باعتبارها حامي حُمى الضعفاء ونصير الحرية، وضربت كلمات كارتر عن القيم الأخلاقية على الوتر الحساس في قلوب الكثير من الأمريكيين المحبطين بسبب تصرفات حكومتهم.لكن نتج عن هذه السياسة بعض الجدل. وعندما سقط دكتاتور نيكارجوا أناستازيو سوموزا وشاه إيران سنة 1979م، انتقد معارضو سياسة كارتر الخاصة بحقوق الإنسان الرئيس على سقوط النظامين، وهما اللذان كانا حليفان قويان في الحرب ضد الشيوعية. وجاء رونالد ريجان خليفته سنة 1980م بحملة رئاسية ضده، وكان من أهم ما ذكره فيها أن سياسات خصمه قد أضعفت أمريكا في صراعها ضد الاتحاد السوفيتي.