يقاس رقي الأمة بقدر ما تحققه من تقدم في شتى ميادين الحضارة، وما التربية والتعليم إلا رافد من روافد الحضارة، لأنها الأرض الخصبة التي تغذي شجرة البناء والتشييد والتي يُقيل بظلها مجتمع يذوق طعم السعادة. لأجل هذا تتسابق الأمم نحو بناء جيل تربوي قادر على الإمساك بدفة الحضارة. لقد شهد العصر الحديث تحولاً في شتى مجالات الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، فلم يعد بحاجة إلى ما كانت تبعث به المدارس من خريجين لا يتقنون إلا حفظ المعارف والحقائق العلمية، بل اتخذ التعليم منحى تربوياً جديداً يحقق للمتعلم المهارات، ويكسبه المعارف والثقافات، ويرعى نموه من مختلف جوانبه التعليمية والعاطفية والسلوكية والاجتماعية والروحية التي تؤهله ليكون قادراً على مجابهة المشكلات التي تتحداه والعقبات التي تعترض طريقه، حتى يحقق الأهداف التربوية لأمته، وليكون عضواً فعالاً في مجتمعه، ليأخذ دوره في مصاف الأمم المتقدمة، بل يساهم في ازدهار الحضارة العالمية. إن النمو الفكري من أهم الأمور التي عُنيت بها التربية الحديثة حيث سخرت لخدمته جميع أجهزة التعليم ووسائله من منهج وكتاب ومعلم ومرافق تعليمية. فإذا كان الهدف التعليمي هو وصف للآلة التي يرغب المعلم أن يكون عليها تلميذه بعد اجتيازه خبرات تعليمية محدودة أثناء تعليمه، فإن الاختبارات التحصيلية هي أحد المحكات التي تقيس مدى تحقيق الطالب للأهداف المعرفية والمهارية والوجدانية. إن طرح السؤال الصحيح هو جوهر العملية التعليمية، لأنه يساعد الطالب بطريقة فعالة على التفكير بذكاء أوسع حول المسائل التي يتطرق لها موضوع الدرس، وكذلك فن السؤال يبرز مستوى المعلم وتمكنه من مادته وثقافته. من هذا المنطلق سعت التربية الحديثة إلى استخدام طرق متنوعة في تقويم الطلبة، حاصرة الطريقة المقالية في زاوية ضيقةٍ تتناسب وحجم الموضوعات التي تقاس بها وذلك لعيوب أشهرها ما يلي: - عدم دقة الدرجة التي يحصل عليها الطالب. - عدم شموليتها لمفردات المقرر. - غير مناسبة لموازنة أداء الطالب بغيره. - تتطلب وقتاً طويلاً من الطلاب للإجابة عنها. - احتمال فهم السؤال بأشكال مختلفةٍ من طرف الطالب. - يتطلب تصحيحها وقتاً طويلاً. - عدم اتصافها بالصدق والثبات والموضوعية. - تخلف راسبين. - لا تُعد الإنسان للحياة. أما الاختبارات الموضوعية فهي وسائل قياسية حديثة ترجع تسميتها لموضوعية تصحيح إجابتها. ومن مزاياها ما يلي: - دقة الدرجة التي يحصل عليها الطالب. - شموليتها لمفردات المقرر. - مناسبة لموازنة أداء الطالب بغيره. - تتطلب وقتاً قصيراً من الطالب للإجابة عنها. - أجوبتها ليست محلاً للخلاف. - سرعة تصحيحها، ويمكن تصحيحها آلياً. - اتصالها بالصدق والثبات والموضوعية. - تقلل من نسبة الراسبين. - تعد الإنسان للحياة. وتأتي الاختبارات الموضوعية بعدة صيغ أهمها ما يلي: أولاً: إكمال الفراغات: تستخدم في قياس قدرة الطالب على التذكر، ويتكون سؤال التكملة عادة من جملة أو عبارة قصيرة محذوفاً منها المعلومة المراد اختبار تذكر الطالب لها. ويراعي المعلم عند إعدادها ما يلي: - أن يكتب عدداً من العبارات القصيرة التي تخص المادة. - أن تحذف كلمة أو اثنتان مهمتان من كل عبارة على أن يبقى معناها واضحاً ومفهوماً. - أن يتأكد عند الحذف أن واحدة تلائم الفراغ الموجود. - ألا يكون أكثر من فراغين في الجملة أو العبارة الواحدة. - ألا تؤخذ الجمل والعبارات حرفياً من الكتاب المقرر. ثانياً: الصح والخطأ: تتكون من عبارات أو جمل ثابتة تعبر عن حقائق أو مفاهيم أكاديمية مهمة يراد من الطلاب تذكرها ومقارنتها. ويُراعي المعلم عند إعدادها المبادئ التطويرية التالية: - أن يكون المفهوم المتجسد في السؤال إما خاطئاً أو صحيحاً. - أن توضع لفقرة أسئلة الصح والخطأ الحرف أو الرقم. - أن يكون حوالي نصف الأسئلة ذات إجابة خاطئة والنصف الآخر ذات إجابة صحيحة، مع مراعاة خلط أسئلة النصفين عشوائياً. - أن تكون لغة كل سؤال واضحة وبسيطة ومفهومة. - أن تكون جمل أو عبارات الأسئلة قصيرة. - ألا تحتوي على أسئلة تعجيزية أو مموهة. - ألا يحتوي السؤال على كلمة أو إشارة تؤدي مباشرة للإجابة الصحيحة. - ألا تكون عبارات أو جمل الإجابات الصحيحة أطول أو أقصر بشكل مميز عن عبارات الجمل الخاطئة. - أن تكون صياغة العبارات أو الجمل دائماً بالإثبات لا بالنفي. ثالثاً: أسئلة مطابقة العناصر (أسئلة الربط): تتكون من عمودين أو قائمتين أو شقين، يحتويان على معلومات يتعلق بعضها ببعض، يحتوي أحد العمودين على أسماء أو رموز أو أشكال، والآخر على أسماء أو مصطلحات أو أوصاف أو توضيحات أو حقائق، يقوم الطالب بالربط بينهما. وينبغي مراعاة الإرشادات التالية عند كتابة هذا النوع من الأسئلة: - أن ينتمي السؤال مباشرة للمادة الدراسية. - أن يكون واضح اللغة والمعنى. - أن تكون قائمة الاختيارات أو الإجابة أكثر من قائمة العناصر أو الأسماء المطلوب الإجابة عنها. - أن ترتب العناصر والاختيارات هجائياً أو رقمياً. - أن يستعمل الاختيار لمرة واحدة فقط. - أن يختص كل سؤال بنوع واحد من المعلومات. - أن يكون سؤال المطابقة على صفحة واحدة. - أن يوضع الرقم أو الحرف بجانب ما يناسبه في المجموعة الأولى. رابعاً: الاختيار المتعدد: يتألف سؤال الاختيار المتعدد من عبارة أو جملة تتعلق بحقائق أو مفاهيم أو معلومات معنية مرفقة بأربع أو خمس إجابات. وعند إعدادها ينبغي مراعاة الإرشادات التالية: - ألا يقل عدد الاختيارات عن أربعة ولا يزيد على ستة. - أن تكون جملة أو عبارة السؤال صحيحة وواضحة ومفيدة. - أن تكون جملة الاختيارات موجزة ومتشابهة الصيغة والطول. - ألا تحتوي على عناصر أو أسئلة تافهة لا تعني شيئاً للطالب. - أن تنتمي الأسئلة لموضوع المادة الدراسية المقررة. - ألا تحتوي الاختيارات على إشارات أو خصائص تشير إلى نوعية الإجابة الصحيحة. - ألا يكون هناك أكثر من إجابة واحدة صحيحة ضمن الاختيارات. - أن ترتب الاختيارات هجائياً أو رقمياً لتجنب تقريب الإجابة المطلوبة وتمييزها. - أن تستخدم الرسوم والصور والخرائط - إن أمكن- وذلك بحسب طبيعة المادة. وأخيراً إن مساعدة مراكز الإشراف التربوي ودعمها للمدرسين سواء في غرف الدراسة أو تزويدهم بالنشرات أو إقامة الدورات أسهم كثيراً في تحسين المستوى النوعي لتفكير الطلاب.فعندما توفرت للمعلمين المعلومات وهُيئت لهم الوسائل الكفيلة بوضع تلك المعلومات للممارسة، أصبحوا قادرين على الإبداع وانعكس ذلك إيجابياً على أبنائهم الطلاب.