استدعى الأمير سعود الفيصل ذواكرنا لإعادة التأمل في مضمون بيان الأمير عبدالله والرئيس بوش المشترك.. وأضاف سموه من عنده استجابة لمن سأله ما زاد به على التفاصيل التي أشار إليها البيان السعودي الأمريكي المشترك.. وقال كلاماً جميلاً عن الأجواء التي سادت مباحثات الأمير عبدالله مع كل من الرئيس الأمريكي ونائبه ووزيرة الخارجية، ووصفها بأنها حميمة أو هكذا قال.. وكان من الواضح أن وزير خارجيتنا لم يُخْفِ شيئاً على رؤساء التحرير حين اجتمع بهم، وإذا كان هناك ما كان ينبغي أن يقوله أو من اعتقد منا بأنه قد أخفاه، فالسبب - بنظري - أنه لم يُسأل عنه، ولم يُطلب منه أن يعلق عليه أو يزيد به تفصيلاً على ما ورد بالبيان. * * * قال الأمير إن الرئيس الأمريكي استجاب لدعوة سمو ولي العهد لزيارة المملكة، ومثله وافق نائب الرئيس ووزيرة الخارجية على أن يقوما بزيارة للمملكة، ولهذه الزيارات القادمة دلالاتها في التأكيد على عزم الدولتين على بناء علاقات على أسس متينة.. وتحدث سعود الفيصل طويلاً عما أسماه بالحميمية في العلاقات التي كانت ثم عادت سريعاً إلى طبيعتها بحماس من الجانبين، حرصاً منهما على أن تكون بمثابة الروح للمستقبل الذي رغب عبدالله وبوش أن يرسماه لمستقبل العلاقات السعودية الأمريكية. * * * ما قاله وزير خارجيتنا بتوجيه كريم من ولي العهد كان كثيراً وكبيراً.. وقد أسعدنا ما صرَّح به لنا وأثار به الفرح في نفوسنا؛ لأننا عند المقارنة بين زيارتين للأمير عبدالله إلى أمريكا في غضون سنتين.. بكل ما صاحب الزيارة الأولى من تباعد نسبي في وجهات النظر.. وما رافق الزيارة الثانية من تلاقٍ واضح وجلي في المواقف والتوجهات.. نجد أن الأمير والرئيس قد نجحا في الثانية في الوصول إلى قناعات لطي صفحة التباين في وجهات النظر.. وأنهما بحكمتهما وبُعد نظرهما لم يكونا مقيدين بمأزق أحداث الحادي عشر من سبتمبر. * * * يقول سعود الفيصل: إن مباحثات (كروفورد) أعادت العلاقات بين البلدين الصديقين إلى حرارتها السابقة، ليس على المستوى الشخصي بين الزعيمين فحسب، ولكن على مستوى المصالح المشتركة التي يطمح لها الزعيمان لشعبيهما.. وعلينا - بنظري - لكي نحدد أهمية وطبيعة هذه المباحثات، ونستخلص ما تم التوصل إليه خلالها من نتائج، أن نتوقف عند الأسماء التي شاركت مع الرئيس بوش كأعضاء في الجانب الأمريكي، ووافقت الرئيس على كل قرار اتفق عليه مع الجانب السعودي.. أمريكا كما هو معروف دولة مؤسسات، وتمثيل هذه المؤسسات بنائب الرئيس الأمريكي ووزيرة الخارجية ومستشار الأمن القومي ومساعديهم إلى جانب الرئيس، هو إجماع على القبول والموافقة على ما تم الاتفاق عليه، وهو ما يعني أن علاقات بلدينا تعود إثر زيارة الأمير إلى موقع أكثر صلابة وقوة مما كانت عليه من قبل، وهذا هو المهم. * * * لقد كانت المباحثات بين بوش وعبدالله - يقول سعود الفيصل - انسيابية، وأنه لم يشبها أي فترات انقطاع أو وجوم أو صمت.. وأن الانتقال من موضوع إلى آخر كان يتم بشكل تلقائي وعفوي، وكأنهما صديقان قديمان رأيا بعضهما، فبدأ كل واحد يحكي ما عنده للآخر ويتبادل الحديث التلقائي معه.. وهذا بالتأكيد لا ينفي أن بعض الموضوعات المطروحة في المباحثات استغرق بحثها وقتاً أطول؛ لحاجتها الى التحليل والتمحيص وفق ما صرَّح به الأمير سعود.