تحتضن محافظة رفحاء (شمال المملكة) كثيراً من المواقع الأثرية التي لا تزال تحتفظ ببعض معالمها الأساسية، وتعد المحافظة الأراضي الأولى في المملكة العربية السعودية التي تحتضن هذا الدرب التاريخي المسمى درب زبيدة، وهو من الدروب المهمة التي تنقل الحجاج من بلاد العراق وما ورائها إلى الديار المقدسة، ويقطع هذا الدرب أراضي المحافظة من الشمال إلى الجنوب، وينتشر على طوله الكثير من المواقع والمنشآت الأثرية من آبار وبرك وغيرها. ويبلغ طول الدرب داخل المملكة 1400 كيل، وعرف الدرب قبل الإسلام باسم طريق الحيرة مكة، وينسب الدرب إلى السيدة زبيدة بنت جعفر الأكبر ابن أبي جعفر المنصور زوج هارون الرشيد الخليفة العباسي، وقد اهتمت السيدة زبيدة بالدرب اهتماما بالغاً لخدمة وراحة الفقراء والمحتاجين من الحجاج. وقد شهد هذا الأثر المهم الكثير من زيارات عدد من الرحالة الأوروبيين الذين دوّنوا ملاحظاتهم في عدد من المؤلفات والكتب التي ألفوها من أمثال الرحالة الفنلندي جورج فالين (1845م 1848م)، والسيدة الليدي بلنت وزوجها ويلفرد (1878م) والرحالة هوبر، والرحالة ليشمان، كما تطرق إلى الدرب في عدد من المؤلفات عدد من الرحالة الأوبيين أمثال بيرتون، دوتي، ألويس موزل.. منازل الدرب في رفحاء: تبدأ منازله في رفحاء بدءاً من بركة الظفيري شمالاً حتى بركة العرائس جنوبا بالتتابع. أشهر البرك * بركة الظفيري: تقع على مقربة من حدود المملكة مع العراق (شمال رفحاء) وتقع في منطقة سهلية تسمى الظفيري وتحيط بها بعض الكثبان الرملية، وتخترقها الشعاب الصغيرة التي تنحدر حتى تصب في هذه البركة الأثرية حتى يدخل الماء عبر مصفاة إلى البركة، ويوجد جنوب البركة بقايا لمبنى حجر مستطيل الشكل، وقد زارها الرحالة هوبر ووصفها بأنها جميلة، وكذلك الرحالة موسل زارها وهي مغطاة بالطمي حتى نصفها. * بركة العمياء: تقع شمال رفحاء بين الظفيري وبرك القاع، وتضاريس منطقتها وعرة وتكثر حولها التلال، وشكل البركة مربع، ويوجد حولها أطلال مبانٍ، زارها الرحالة موزيل وذكر أنها كبيرة الحجم. * برك القاع: تقع شمال شرقي رفحاء إلى الشماء من بركة الثليماء التي تبعد عنها 17 كيلا، وتقع بركة القاع في منطقة تقذة الحمرة، وهي مستودعان للمياه على شكل مربع، وقد غطت الرمال معظم هذه البركة، وتوجد حول البرك آثار مهدمة لقصر أو حصن، ووصفها الحربي في كتاب (المناسك) فقال: (بها قلعة ومسجدان وقصر وهو أحصن منازل الطريق بناء وبه أربع برك). * الثليماء (الهيثم): شمال شرقي رفحاء، وتبعد عنها بحوالي 17 كيلاً، وهي إلى الشمال من بركة الجميماء بحوالي الكيلين، وهي بركة دائرية الشكل حرة في منطقة منخفضة محاطة بالتلال من جميع الجهات، ويوجد حولها آثار لبقايا منازل قديمة، وأماكن الاستراحة التابعة للمحطة التي أنشأت البركة من أجلها. * الجميماء (الجريسي): شرق رفحاء وتبعد عنها بحوالي 11 كيلا، وتشمل الجميماء بركة بجوارها بر من جهة الشرق، وبقايا لقصر قديم، وما زالت تحتفظ بمعالمها إلى الآن، وفي وسطها الشرقي (دَرَبع) يحتوي على إحدى عشرة درجة، وقد زار البركة عدد من الرحالة الأوروبيين مثل الليدي بلنت، والرحالة هوبر والرحالة ليشمان، ويعد الرحالة الأوروبي لويس موسل آخر الرحالة الذين زاروا البركة عام 1915م. * زبالة: إحدى المحطات الأساسية على الدرب جنوبرفحاء بحوالي 25 كلم، ويوجد بها الكثير من البرك والآبار، وكثير منها يحتفظ بشكله الأساسي ويستفيد الأهالي والبادية من هذه الآبار، ومن الآثار الموجودة في زبالة أطلال قصر (حصن) زبالة الذي تقادم ولم يبق منه إلا جدرانه. * بركة الشاحوف (الرضم): وتقع جنوبرفحاء بحوالي 30 كيلاً، وعدد من البرك والأطلال ردمتها الرمال ولم يتبق منها إلا البركة الدائرية الشكل. وكان بالقرب منها مسجد ومصفاة وقباب خلفها كما ذكر الحربي في كتاب المناسك. * بركة أم العصافير: وتقع جنوبرفحاء بحوالي 50 كيلاً إلى الجنوب من زبالة وقد ردمتها الرمال وغطتها الأشجار فلم تعد واضحة المعالم، وتبدد بقاياها على شكل مربع ويلاحظ وجود آثار منزل قديم، وإلى الجنوب من البركة يقع أحد أعلام طريق الحج. * الشيحيّات (الشقوق): جنوبرفحاء إلى الجنوب من زبالة، واشتق اسمها من نبات الشيح الذي يكثر حولها، كما يكثر حولها الكثير من البرك والآبار وفي الأماكن المرتفعة أقيمت المنازل والقصور التي تهدمت ولم يبق منها سوى بعض الحجارة، أما البرك فقد ردم بعضها وغطتها الرمال. وقد زارها الكثير من الرحالة الأوروبيين وأشادوا بأسلوب بنائها وخصوصا البرك الدائرية والمربعة.. * خنيفس الشمالي والجنوبي: تقع جنوبرفحاء على الطريق بين الشيحيّات والحمراء، وهي مواقع صغيرة تقع على شعيب خنيفس، وهي مبان وآبار قد اندثر أغلبها، ويوجد شمال خنيفس الشمالي قصر للسيدة زبيدة. * بركة الحمراء (الرسمية): تقع جنوبرفحاءوجنوب الشيحيات بحوالي 16 كيلاً، وقد بنيت هذه البركة بمكان منخفض في منطقة جرداء نوعاً ما، وقد غمرتها الرمال، ويوجد لهذه البركة مصب يسمح بمرور الماء خلاله، وعلى الطريق بركة زبيدية وقباب ومسجد يدعى الرتمية. * بركة حمد: تقع جنوبرفحاء، وإلى الجنوب من برك الحمراء بحولي 13كيلاً، وهي بين صحراء الدهناء وصحراء النفود، وقد تعرضت البركة للإصلاح من قبل وزارة الزراعة والمياه عام 1393ه، كي يستخدمها أهل البادية، وتوجد بالقرب منها بقايا أساسات جدارية لمنازل واستراحات قديمة. * العشّار (البطان): موقع العشار إلى الجنوب من رفحاء وإلى الجنوب الغربي من قرية لنية (105كم من رفحاء) وموقعها في كثبان رملية في صحراء النفود الكبير (نفود الدغم) ويوجد هناك الكثير من البرك وبقايا الآثار لبقايا قصور ومنازل سكنية وأسواق. * العرائش (المهلبية/ التناهي): تقع جنوبرفحاء وإلى الجنوب الغربي من العشار التي تبعد عنها بحوالي 20 كيلا، وتضم العرائش أربعة مواضع هي العرائش الشمالي، العرائش الأوسط، والجنوبي، ويوجد بهذه المواقع الكثير من البرك وبقايا المنازل. ويلي العرائش بركة البدع (الثعلبية) وبهذا تكون البرك جاوزت حدود محافظة رفحاء وصولاً إلى الديار المقدسة مروراً بالكثير من مناطق المملكة.