يمكن لي أن أفتح الشباك الآن على سنوات العمر ولكن يلزمني الكثير من الوقت من العباءات السوداء لأقيم الحداد عليها. أما إذا اضطررت للإنصاف، فسأستدرك بالقول أنها لم تكن خاوية إلى ذلك الحد ولكنها كانت ملأى بأجنحة الأحلام المنكسرة والمتع المجهضة والحكايات الكبرى المتكئة على كراس لا مقاعد لها. ** أطل الآن من نافذة البيت فأرى سماء تلبس شفافية السحاب وخضرة الأشجار العالية التي تبتسم كلما نظرت إليها, إنها صورة واضحة إلى حدود الألفة ولكن شباك العمر يتماوج كليل امرىء القيس، ولا يتبقى منه سوى الضباب الذي يتفتح في الذاكرة وهو يحيط بالقرى الجنوبية في بلادنا ليغمرها بحنان رطب ويخنقها بانطفاء مصابيح النهار والليل معاً. كان أبي كلما ألمت به ضائقة من تقلبات الأحوال يتكئ على مقعدة الصخري ويستند إلى جدار صغير أمام بيتنا المطل من أعالي الجبال على الأودية ونثار القرى، فيرفع صوته غناءً شجياً مخضباً بالأسى وتباريح الوجع الدفين ليغني: لابد لك من ردة الله ياتهامة تنجلي عنك الغمامة ويكون ويكون ثم يتبعها بأنّة حارقة، وكنت أفاجأ بهذا الصوت العذب لأبي، ذلك الأب الدقيق في تفاصيل حياته والصارم في كل شيء,, فأنسى ملامحه وأدخل في رهبة الصوت والغناء لامس أولى بدايات العلاقة بين تفتح الطفولة على الشعر والغناء، وارتباط الشعر بحالات الوجد والتنفيس عن ثقل المخبوء، في الأعماق. في القرى الجنوبية المعزولة آنذاك التي عرفها بعضكم وعرفنا الكثيرين من مجايليكم من مختلف الدول العربية على سفوح جبالها من الأطباء والمعلمين والفنيين والتي استلهم من عوالمها إبراهيم نصر الله رواية "براري الحمى" يأخذ الشعر الشعبي موقعه الجوهري في منظومة الإرث الثقافي فيختص المبدعون بقول الشعر ويختص الجمهور بحفظه وإشاعته وإعادة صناعة ما فقدته الذاكرة منه ليشترك الطرفان في خلق جمالية المتعة والتواصل إلى درجة أنه باستطاعة كل فرد فيها رجلاً كان أو امرأة صنع قصيدة صغيرة تعبر عن الحالات الوجدانية الكبرى كالموت والولادة. تلك القرى في عتمتها ما زالت تحضر كلما يحضر الحنين إلى البدايات وإلى شهوات الصبي المقموعة وإلى ذاكرة الشعر البدوية، وحين استذكر بداية طعنة الشعر الأولى أبحث في الذاكرة عن تفاصيل يوم شتوي قاسمته الأمطار والضباب جاءتنا فيه خالتي، ونحن نتحلق حول النار في وسط المجلس ونكرع فناجين الزنجبيل، فجلست وثيابها تقطر من مطر شديد, قالت: موجهة حديثها لأبي روى لنا اليوم عمي الشاعر حميد المحضري قصيدة عن شاعر تهامي، وقد تحداني في فهم الرد، أما البدع فقد فهمته. تطلّعت في وجه أبي وقالت اسمع القصيدة يا غرم الله. ** يا هل بن دق يا هل بن دق ذا صب حوبه ذا صب حوبه توقفت قليلاً ثم اردفت بالقول إن الشاعر الآخر قد رد على هذا الجزء/ البدع يقول: ياهل بندق ياهل بندق ذا صبحوا به ذا صبحوا به ضحك والدي منتشياً بالنص وبمتعة تفسير جناس كلماته فأطلق ذائقتي الأولى على عتبات الجمال التي تطل من أغصان اللغة. اشتعلت المخيلة في حقل يستمد شعريته من جناس القافية اللدنة التي تتيحها اللهجة الشعبية خارج شبكات النحو والصرف وكان مخيال الشاعر الشعبي الذي يتوسط دائرة العرضه منشداً على البديهة قصائده ومطولاته يفتنني ويعدني بأمجاد قريبة وضخمة. وحين ظننتني قد تمكنت من عدة القصيدة دونت مطولتي وقرأتها على والدي، الذي استمع إلي بحيادية ما زلت أتذكرها، وحين أكملت إلقاءها أمامه، قال لي : هذا الكلام ما هوب سمين وهذا مصطلحه النقدي للتمييز بين جيد القول ورديئه وأكمل : ثم انك لم تحفظ قصيدتك بعد فكيف ستلقيها أمام الناس؟ ** والدي لم يكن شاعراً ولكنه كان متذوقاً متميزاً وحافظاً لبعض أجود ما يقال، غير أنه في ذلك اليوم أجهض أول الأحلام وهيأني باكراً لاستقبال المزيد، فتوقفت عن مشاغبة القصيدة الشعبية ذات المرقى الصعب علي منذ ذلك اليوم وحتى الساعة، بيد أنني ورغم الهزيمة قد احتفظت في ذاكراتي بشيء غير يسير من افتتاني بالشعر الشعبي، مالبث فيما بعد أن تسلل إلى بعض نصوصي التركيبية سواء مما أنشأته ضمن سباق القصيدة أو أخذته عن غيري كشكل من أشكال تداخل النصوص. لم يبق من القرى إلا ذاكرة الضباب التي تنسحب على ماتراكم بعدها، وأظنني ولدت في صباح شتائي مضبب بعد سنوات قليلة من بواكير نيران قصيدة التفعيلة التي حدثنا عنها مدرس الرسم في المرحلة المتوسطة. ** كان مدرسنا الفلسطيني الذي فارق وطنه بعد النكبة مفعماً بالأمل ومجنوناً بالشعر والألوان، وأذكر أنه طلب منا في إحدى حصص الرسم أن نقف دقيقة حداداً في ذكرى الوطن المغتصب، وبعد أن دخلنا طقساً لم نألفه قط بدأ يحدثنا عن مسارات النهوض القومي من رماد اليأس في كافة الاتجاهات وأشار إلى الثورة الشعرية التي أحدثتها قصيدة الشعر الحر كدلالة على تجديد روح الأمة ونهوضها، ثم انتقل إلى موضوع الرسم وطلب منا تصميم بطاقة معايدة، رسمنا في قلبها خارطة فلسطين وفي أعلاها كتبنا بخط عريض كلمةعائدون . لا أعرف الآن في أي منفى أو معزل من معازل السلام يقيم سميح العزه ولكنني أعرف أنه القى في ضميري الثقافي معنى يعز علي نسيانه مهما تطابقت غيوم الأزمنة الثكلى، كما بذر في قلبي حلم مرحلة النهوض القومي وتطلعاته الكبرى عبر تجلياته العديدة التي كانت الناصرية أبرز علاماته. ** ليس من وقود للشعر أعظم من تجارب الحب الصامت بين طرفين لا يجرؤ أي منهما على البوح به فيغدو ناراً لا يخفف من حرقتها إلا إعلان حالة العصيان على التقاليد وهو ما لا طاقة لي على احتمال تبعاته، فما كان للعواصف الوجدانية الا مركب البوح الشعري والتقيد بشروطه. تعددت حالات الحب والفتيات يكبرن على عجل فيتزوجن ويتركن لي طعنات الفقد والحنين وكتابة الشعر العمودي، ولكنني في كل تجربة كتابية، كنت أجدني خارجاً من مخاض القصيدة بكثير من الطيش وقليل من الابداع وبإحساس يشبه انكسار اللذة يدفعني للاعتراف بأن ما يعتلج في داخلي لا يمكن تمثله شعرياً وفق ضوابط العمود الشعري. ** لم أطلع في المرحلة الإعدادية في قرى الجنوب إلا على تجارب قليلة وفقيرة من قصيدة التفعيلة لم تستهو ذائقتي أو تستفز حساسية التمثل أو التقليد، فبقيت في البرزخ الذي صاحبني في رحلتي إلى مدينة جدة، حيث انتقلت لدراسة المرحلة الثانوية، وهنا وفي مناخ أفضل تعرفت على بعض نماذج قصيدة التفعيلة في الصحف وعبر برامج الإذاعات فوجدتني أخطو خطواتي الأولى للتعبير عن لحظة تاريخية شخصية وموضوعية، تجلت فيها مفارقات الحب والنكسة، واجتمعت عبرها معاناة الفشل العاطفي والهزيمة الحزيرانية، ليدفعني ذلك الصخب والعنف في الطريق الى حسم خيار كتابة شعر التفعيلة رؤية وتعبيراً، وحينها تلمست علاقة الشعر بالتطهير وقدرته على خلق المعادل التعبيري الممكن لموازاة فداحة الهزائم ومفارقات الأزمنة. ما زلت أطل من النافذة على سيرة لا أملك اختيار موقع نظري في ضبابها العصي على ما أريد، لكن ما استخلصه من مخالسة الرؤية إلى تمثلاتها يزيدني يقيناً بصواب جدل العلاقة الخاصة بين البناء الفوقي وواقعه الشامل تزامنياً وتاريخياً. ** وحين تحضر رحلتي من قرى الجنوب إلى الظهران في شرق المملكة عام 86م لدراسة الهندسة في كلية البترول والمعادن، سوف لن تنام في طيات الذاكرة تفاصيل تلك الرحلة عبر الصحراء من الطائف حتى سواحل الخليج العربي, لقد عبرتها بالسيارة لكنها عبرتني وأيقظت في وجداني مخيال الشعراء الذين تنقلوا في هذه الأمكنة عبر سهولها وكثبانها وهضابها وأسكنوها روحاً خلدها ديوان العرب فتأسست في تلك الرحلة ذاكرة الحنين لطفولة رعي الغنم ومراقبة النجوم في الليالي الصافية التي عشتها صغيراً لتمتزج بذاكرة قصيدة الصحراء أو صحراء القصيدة القاسية والحنونة والمفرطة في العرى والمغرقة في غموض التوقع والتي تفتح أمامك أرجاءها وتقصي عنك اسوارها. إنها أبد يتبدى وارتحال يتكرر، تلك هي صحرائي التي لا يحجبها ضباب نافذتي اليوم ولاشباك قريتي بالأمس رأيتنى فيها أرافق أمرؤ القيس، وابن الفجاءة وطرفة ابن العبد، والأعشى، والشنفرة، والسليك، وأمضي بنفس اللحظات الشعرية والوجودية التي عاشوها. المكان هنا ليس المكان المتخيل أو الحيز الثقافي الموجود بالمكان، وإنما هو وجود بالقوة تلبسني وشغل حيزه بحنان، واستدعى محمول الذاكرة الشعرية البدوية وصيره لوحة جدارية واسعة تتقاطع مع منطق تكوينها ذاكرتي الشعرية فيما بعد. ** في الظهران كان المكان مؤثثا بشكل جيد لإعداد مهندس ولكن الشعر يجيد المخاتلة فيستبدل كتاب الكيمياء بديوان شعر، وكتاب الرياضيات بمجلة ادبية أو جريدة (ولعلي أستذكر مجلة "أفكار" الأردنية أيام محمود سيف الإيراني، ومجلة "البيان" الكويتية، وثقافة مجلة "الأسبوع العربي" أيام فاروق البقيلي)، وكنت أجيد المراوغة فأجمع بين الألداء في السنوات الأخيرة بنجاح، لكن اللعبة استشكلت علي في السنتين الأخريين حتى أقسم الشعر أن ينتقم من الهندسة بعد التخرج. ** كان المناخ في الكلية منسجماً في ظاهره إلا أنني تعرفت على قلق بواطنه، وبعد أن كان الوعي متشظياً فكرياً واجتماعياً وإبداعياً، أصبح الآن يبلور ركائزه الأولى ليحل الشعر كقاسم مشترك بين الحب والوطن، والوعي والعروبة، والالتزام والهموم المرحلية. نشرت قصائدي ابتداء من عام 70 ميلادي، وبالقرب من رواد قصيدة التفعيلة في بلادنا العلي والقصيبي أسهمت إلى جوار شاعرين آخرين هما سعد الحميدين وأحمد الصالح في توطين مفهوم قصيدة التفعيلة وتوسيع دائرة انتشارها وتأثيرها. وقد بدت لي القصيدة كفاعلية ممكنة لاختراق السائد وإعلان التساؤل حول كمال المنجز، وفتح الأبواب العلنية لتأسيس ذائقة جديدة تؤدي دور المفاعيل الثقافية والاجتماعية الأخرى الغالبة في وسط يعاديها ويصمها بتخريب لغة القرآن. ولسنوات عديدة أصبحت قصيدة التفعيلة معركتي الأولى مع البنية المحافظة سجالا وكتابة، حتى كادت أن تغدو قضية التزام وتحزب. **ورغم الطبقات الكثيفة للذرائع الاجتماعية، فقد كانت المؤسسات الرسمية أكثر تسامحاً وسعة أفق منها، حيث أفسحت المجال في الصحافة والحياة الثقافية في حدود ملائمة ، لأساتذة الجامعات والمثقفين من إخواننا العرب المساهمة بدورهم التنويري في نشر إبداعاتهم ومساهماتهم البحثية والنقدية. وكان للعديد منهم دوره الهام في إقامة جسر ثقافي مع مستجدات الإبداع ومدارس النقد الأدبي بين الداخل والخارج، وحيث فتحت الصفحات الأدبية أبوابها لفاعلية تأثير عميق نعده تأسيسا لحياتنا الثقافية المعاصرة، وللوفاء فإن الذاكرة تستحضر منهم: الدكتور أحمد زكي، وجواد الطاهر، وفواز عيد، وراضي صدوق، وسالم النحاس، وسباعي عثمان، وشاكر النابلسي، وعبدالرحيم نصار، ونسيم الصمادي، والدكتور الشنطي، وراشد عيسى ومحمد القيسي فيما بعد وسواهم خلال فترة الستينات والسبعينات. ** بيقين قاطع أجزم أن المشهد الشعري إبان مرحلة الستينات والسبعينات قد شكل أرضية حساسية الذائقة الجديدة التي استمدت بؤر مرتكزاتها الفكرية والجمالية من المشهد الشعري ذاته، ودليلي على ذلك خاص بواقع ساحتنا الثقافية في المملكة التي ظهر فيها شعراء شكلوا سياقا منسجما في الرؤية والتعبير خلال السبعينات والثمانينات تأسيسا على قراءاتهم لمنجز تجربة الشعر في البلاد العربية الأخرى حتى غدت أصواتهم جزءا من التيار الشعري العربي العام. وفي سنوات الجامعة قرأت تجارب العديدين من شعراء قصيدة التفعيلة من السياب إلى البياتي وتأثرت كثيرا بمحمود درويش ونزار قباني في بادئ الأمر، غير أنني انحزت فيما بعد الى سعدي يوسف, ولقد أنفقت زمنا طويلا وجهداً في القراءة لتجاوز تأثير درويش ونزار لأن صوت كل منهما يفضح المتلبس به منذ العتبات الأولى، فيما تدشن تجربة سعدي الفنية بتنويعاتها المختلفة أبواباً للآخرين لاقتفاء أثره والتأسيس على فتوحاته. وهذا الشاعر الكبير كثير التجريب متعدد الطرائق التعبيرية، منفتح في قصائده التركيبية على الأصوات المختلفة (الشعر الشعبي، مقاطع عمودية، مقاطع نثرية، تعابير يومية) انتقال متمكن بين البحور، غنائية شفافة وقدرة على هضم الأفكار والشعارات والمصطلحات السياسية وجعلها عناصر منسجمة مع شعرية النص، ولعله أهم الشعراء الذين التفتوا إلى اليومي والمهمل والعابر وأبرزهم في الاشتغال على قصيدة اللفتة الصغيرة، واللمحة المتأملة لانفتاحه على الشعر العالمي وترجمته لبعض دوايين الشعراء، حيث أسهم بشعره وترجماته في استحداث ظهور حساسية أصبحت الآن أرضا خصبة لكتاب قصيدة النثر, ولكل هذا أصبح معجز سعدي مرجعيتي الشعرية لفترة من الزمن، وأصبح لزاما علي إلغاء نشر ديواني الأول في 74م وإخفاء قصائده لأن أصوات درويش ونزار كانت تترصدني في مقاطعه. ** لقد تعلمت من سعدي جماليات التعددية والتجاور، مثلما تعلمت منه ومن غيره نحو القصيدة التركيبة واستدعاء مخيال الذاكرة الشعرية أمكنة ومفردات وأشخاصا، وأصبحت هذه العناصر قواسم مشتركة في تشكيل نصي الشعري، لكنني لم (أتعلم) منهم غزارة الإنتاج، لأسباب عديدة لعل أهمها الانشغالات المتشعبة والمتناقضة التي عملت عليها خلال حياتي، فلم أنجز سوى ثلاثة دواوين بعد تجاوز تجربة الديوان الأول المجهضة, وقد تأخر نشر أولها رياح المواقع حتى عام 87م، فيما نشرت الثاني بياض الأزمنة في عام 95م، وقد نشر الثالث بأجنحتها تدق أجراس النافذة عام99م. ** لست وصيا على أحد أو نائبا عن آخر، لأعيد الهيبة للأيديولوجيا التقدمية التي أصبح الحديث عنها اليوم مشوشا وقريبا من حدي الطعن أو النسيان، أما في تجربتي فقد كانت بابا مشرعا على استلهام عناصر وأسس النهضة، ومكونات الحداثة، وأفقا لتغيير ميزان النظر إلى الأصل والنهاية والتركيبة والمسار نحو الغاية الحلمية و"أن نسير على الأرض دون إنحناء" كما يقول الشاعر السعودي محمد العلي. ولعل خصوصية التعاطي مع تلك الأيدلوجيا تثاقفا وممارسة ومغامرة جعل منها افتتانا سريا بالجوهر والحلم، وزهدا يفترق عما يصطرع عليه الآخرون من مغانم علنية في الدول الآخرى. لقد كانت الأيدلوجيا في لحظتها التاريخية تلك، ومكانها الخاص بي، فضاء لحرية التساؤل الذاتي والجمعي، وإجابات على تشوف ظامئ أضحت فيه مطرا يسح على التربة العطشى في صحرائي التي عشقتها فأورثتني إيجابية القلق الذي يغدو في الفضاء المغلق قرينا للامتلاء بقناعة أو تفاصيل خارجة، ويأخد هيئته كيد، تدل على الطريق. ** كان عام 74م، بدءا لمخاض تجربة حياتية وتثقيفية وإبداعية حسم الشعر فيها صراعه مع عدوه اللدود، حيث عملت مهندسا في أرامكو في عمل لا هندسة فيه واجتهدت في تصفية صوتي الشعري من آثار اساتذته، وبدأت بتأثيث المعنى بالسفر إلى عواصم الثقافة العربية من بغداد إلى القاهرة والبحث عن مصادره الفكرية في مظانها فكف الشعر عن احتكار أحادية مرجعية المضامين النهضوية وبقي مضمارا للتجليات والمكاشفة, سأبسط الحديث عن تجلياته وأهم فواصله ومعطياته في الجزء الثاني من هذه الشهادة,,!