للوقف مكانة هامة في نظام التكافل الاجتماعي في المجتمع المسلم، فهو أحد الروابط الاجتماعية خاصة بين أفراد المجتمع الموسرين والمحتاجين، وتتعدد فوائد الوقف فهو يخدم جميع مجالات الحياة التي يخصص لها سواء الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية ومن الأدلة على مشروعية الوقف قوله تعالى: {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}(272) سورة البقرة وقوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}(92) سورة آل عمران وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم.. وقد أوقف الموسرون من الصحابة والسلف الصالح أوقافاً للفقراء والمحتاجين تأكيداً وإقراراً لهذه السنّة الحسنة التي حضَّ عليها وبيَّن فضلها القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة. وتكمن أهمية الوقف في ديمومة منفعته وبقاء أصله وارتباطه بالغرض الذي خُصص له فحين، يوقف المسلم عيناً لجهة من جهات البر أو فئة من المحتاجين فإن ملكية ذلك الوقف تخرج عن تصرفه وتصبح منفعتها دائمة للموقوف عليه مما يمثِّل عنصر استقرار مادي مستمر وفق الشروط التي أقرها الواقف. ويعج مجتمعنا بنخبة من أهل البر الذين أنعم الله عليهم بالمال ولديهم الاستعداد الفطري لدعم العديد من المجالات الحيوية التي تحتاجها شرائح عديدة من المجتمع من خلال تخصيص أوقاف يعود ريعها للإسهام في سد تلك الاحتياجات مثل مكافحة الفقر، دعم البرامج التعليمية في كافة التخصصات الدينية والدنيوية وعلى رأسها جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، إقامة مؤسسات صحية لخدمة الفقراء، وكذلك للامراض المعضلة، دعم الهيئات الخيرية الخاصة برعاية المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة وتوزيع المساعدات الغذائية والدوائية، بناء المساجد والصروح التعليمية، وإذا خصصت أوقاف كافية لدعم تلك البرامج فسوف يضمن ذلك استمرارية عملها وتحقيق أهدافها الخيّرة دون تذبذب أو توقف. ويأتي دور الإعلام لنشر إيجابية إحياء سنّة الوقف بتسليط الضوء على الفضائل المتعددة للوقف وتعددية المجالات التي يمكن الإسهام من خلالها والنماذج الإسلامية من الصحابة والتابعين ممن اقتدوا بهذه السنّة وأحيوها وهم القدوة الحسنة المؤثرة، ويمكن تفعيل دور الاعلام من خلال تخصيص برامج وندوات سنوية دورية يستضاف فيها أهل العلم والخبرة في جميع التخصصات المعنية تبث رسائل إلى رجال الأعمال والمقتدرين لتذكيرهم بدورهم الإنساني خاصة مع وجود بذور الخير في نفوسهم مما يدعم هذا التوجه وتكوين خلفية معرفية وصورة واضحة تُمكنهم من إدراك أهمية التبرعات الوقفية ومنفعتها الدائمة للأغراض الخيرية الشرعية وجدواها في محاربة الجهل والفقر والمرض ومكانتها في الإسلام مع بيان عظيم ثوابها واستمراره بعد الموت، يفترض أن تقوم وسائل الإعلام في بلدنا بدورها لدعم الأعمال والبرامج والمجالات الخيرية بطريقة منهجية ودورية فما أكثر المجالات التي تحتاج إلى أضواء تلفت الأنظار إلى منجزاتها وبيان أهميتها والدور الحالي للإعلام جيد وفاعل لكنه ليس الدور المأمول الذي نتطلع إليه والأصل أن يقوم الإعلام بدوره الخيري تجاه المجتمع ويتعدى دوره الناقل إلى دوره المشارك بوضع خطط منتظمة ودورية على مدار العام تُخصص للجمعيات والمؤسسات والهيئات الخيرية لتوضيح منجزاتها وبرامجها للداعمين والمهتمين، وبالله التوفيق.