أعلم أن الحملة شرسة وأدرك أنكما وجيلكما مستهدف وأنه قد يئس دعاة الفساد من جيلي ومن الجيل الذي بلغ أشده ولجأوا إليكما فأنتما الكثرة الكاثرة من المجتمع السعودي أنتما ومن دونكما تمثلون 60% من الشعب فرموا لكم حبائل الشيطان ومدوا خيوط الرذيلة ويريدون وقوعك يا ولدي وسقوط أختك وزينوا بأن ذلك هو الرقي والتقدم قال تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} سورة الأنعام (116). ولدي.. عرضت وسيلة إعلامية فتى مراهقاً وطلبت منك تمجيد جماله وتبجيل شكله وأرادت أن تستنوق الجمال وأن تسترجل النساء، وأن تسلب المال باتصالك الهاتفي وأن تسلب الحياء والوقار بتربيتك على هذا السلوك وتعويدك على هذه المشاهد فهل تريد يا ولدي أن يمثلك جمل صار ناقة؟ حاشا وكلا أن تتغير طباعك وأن تتلاشى رجولتك وأن يكون ذلك الشخص قدوتك وأن يهشم رجولتك، ولدي.. لا يخدعك بريق المنظر وحلو الكلام الممزوج بالسم والداء.. ولا يغرك وصف المشجع بالمتحضر والمتفوق والمخالف بالمتخلف المعقد. ابنتي.. إن الحياء هو الجمال وإن الموعود به أهل الجنة هن القاصرات الطرف المطأطآت الرأس المستترات المحتشمات: {حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} سورة الرحمن (72). {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} سورة الصافات (48). ابنتي.. ليس الجمال والتقدم والحضارة في تلك المسترجلة وإن قدوتك يا ابنتي هي ابنة الأنبياء وليس ابنة الشاشة العارضة لجمالها وفتنتها فابنة شعيب عليه السلام عندما وردت مع أختها ماء مدين لم تزاحم الرجال وتسق ماشيتها بل ظلت تمنع الماشية حتى يذهب الرجال ولما جاء نبي الله موسى عليه السلام إلى المكان ووجد الفتاتين تمنعان الماشية عن السقيا وسألهما قالتا: لا نسقي حتى يصدر الرعاة وأبونا شيخ كبير : {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} سورة القصص (23). أي ولو كان أبونا نشيطاً لتولى المهمة وزاحم الرجال وسقى الماشية ولكن شيخوخته حبسته ومع ذلك لم تزاحم ابنتاه الرجال وابتعدتا ثم لما عادت البنت التي هي قدوتك لتدعو موسى إلى أبيها جاءت وهي مستحيية مستترة. {فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} سورة القصص (25). هذه هي أخلاق القرآن التي نريدها لك يا ولدي ولك يا ابنتي وليس ما تريده تلك القنوات الفضائية الهابطة.. وقى الله مجتمعنا وحفظه من كيد شياطين الإنس والجن.