كان خبر وفاة معالي الأمير مساعد بن أحمد السديري - رحمه الله - أثناء إعلانه في التلفزيون السعودي ببيان صادر من الديوان الملكي كالصاعقة عليّ، فهذا الرجل - رحمه الله - من المخلصين لدينهم ثم مليكهم ووطنهم. عرفته قبل كثير من40 عاماً عندما كان أميراً لمنطقة تبوك، وجالسته، وكنت أرى فيه الصدق والصراحة، وتقييمه للرجال، ومشاركته ابناء المنطقة أفراحهم واتراحهم. وأذكر أنه زارنا في منزلنا عام 1383ه عندما توفي والدي الشيخ عيد بن حرب شيخ قبيلة بني عطية، وحضر الجنازة، وشاركنا أحزاننا، ونقل لنا تعازي القيادة الرشيدة في وفاة والدنا - رحمه الله - كما نقل تعازي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - حفظه الله - وحرصه على نقل تعازي سمو سيدي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وابلاغنا التعازي إلى جميع افراد أسرتنا وإلى والدتي رحمها الله. وقد وقعت حادثة قتل أثناء توليه إمارة منطقة تبوك قبل أكثير من أربعين عاماً عندما قتل شخص أحد أفراد قبيلة بني عطية، وهذا الشخص القاتل ينتمي لقبيلة أخرى، وقد بذلت جهوداً كبيراً من أجل التنازل كون أسرة القتيل رفضت التنازل. وقد طلب مني الأمير مساعد بن أحمد السديري - رحمه الله - بذل جهدي من أجل الإصلاح والتنازل، وأخبرني أن أبلغ أسرة القتيل وذويه عِظم أجر عتق الرقبة، خصوصاً أن مشايخ ووجهاء قبيلة القاتل قد حضروا إلى تبوك من خارج المنطقة لأجل التنازل، وقام معاليه - رحمه الله - ومعه هذه الجاهة بالتوجه إلى منزل أسرة القتيل، وكنت موجوداً وعدد من وجهاء قبيلة بني عطية، حيث كان معاليه يحظى باحترام وتقدير كبيرين لدى الجميع، وطلب حسب عادات أهل البادية (عدم شرب القهوة إلا أن ينفذ طلبه)، فرد عليه أهل القتيل: اشرب قهوتك. وقبل شربها تحدث عن طلبه (أن تعفوا أسرة القتيل عن القاتل) وفعلاً تم ذلك. وشرب معاليه - رحمه الله - القهوة وتنازلت أسرة القتيل دون أي مقابل ولما جاء به الأمير مساعد السديري. هذا جزءٌ يسيرٌ مما أذكره عنه، وله مواقف لكن أسأل الله الذي لا إله هو أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، فنحن نكتوي بفراقه، ولم ننسه رغم مرور أكثر من40 عاماً وهو مغادر لمنطقة تبوك، وكل من ذكره وجالسه عرف هذا الرجل الشهم الكريم، فلا نملك إلا أن نقول: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.