إلى الراحلة التي أسرجت فرسها وامتطت صهوته لتغادر هذه الدنيا الفانية إلى الدار الباقية في يوم يستضيف فيه الرفيق الأعلى من عباده من يختارهم في هذا اليوم الفضيل يوم الجمعة الثامن من صفر 1426ه ذلك اليوم الذي ضاقت بي الدنيا بما رحبت يوم ارتفعت روحك الطاهرة يا أمي إلى بارئها. هتف المنادي للصلاة على جثمانك الطاهر فكانت صلاة تختلف عن سابق صلواتي.. صلاة ارتعدت لها فرائصي ودب الفزع والحزن في كل ركن من أركاني.. وعندما عدت إلى منزل كان يجمعني بك دلفت بخطى ثقيلة حيث الغربة تحاصرني وتطوقني فهل أسمع غير صوت صدى صوتي الحزين وأنا أهتف باسمك أمي.. كان كل ركن فيه يشهد دفء حنانك وربيع كلماتك.. وكل جزء فيه يحكي قصص كرمك وجزيل عطائك.. يا نهراً يتدفق عطاء بلا حدود.. يا دوحة يتفيأ ظلالها من في الوجود.. إنها أسطورة الحب الكبير.. التي ملأت الدنيا جمالاً وحبوراً.. والحضن الدافئ الذي اشاع في الكون محبة وسروراً.. أي نار تشتعل بين أضلعي.. أي لوعة تسكن بين جوانحي.. طيفك لا يفارق ناظري ولا يغادر هاجسي.. وفراقك أدمى مقلتي وأفرغ فؤادي.. أتراني أستعيد بهجتي التي بددها الحنين إليك.. أم تراني استجمع قواي التي أوهنها الشوق إليك.. أجمل ما في طفولتي أنت... تغدقين علي من الحنان أعذبه.. وأروع ما في شبابي أنتِ.. تسدين إلي من النصح أعظمه.. صوتك ينساب رقراقاً في مسمعي.. يا أعذب صوت هتف باسمي.. طيفك الطاهر يزورني في يقظتي ومنامي.. يا أجمل طيف سكن مهجتي واحتواه فؤادي.. كل القصيد وان جاد قليل في رثائك.. وجميع القوافي تعثرت في وصف جميل خصالك... عزائي بك ولك يا والدي الحبيب (أبا خالد)... يا من بصبرك وجميل احتسابك قويت عزيمتي وضمدت جراحي.. وبصدق أبوتك وفيض حنانك خففت جلل المصاب وأزحت كثير همي والتياعي.. أمد الله بعمرك.. وأطال بقاءك.. وتغمد فقيدتنا بواسع رحمته.. وأسكنها فسيح جناته.. وأنزلها منزلة الصديقين والشهداء والصالحين.. وجمعنا بها في الفردوس الأعلى.. وأجزل الله المثوبة والأجر لكل من واساني وكل من قرأ هذه السطور ودعا لحبيبتي بالرحمة والغفران... إنه ولي ذلك والقادر عليه..