كان الفراق الصعب والقاسي هو نهاية المشوار.. وكان الرحيل المؤلم هو خاتمة العشرة والتواصل.. وفي وحشة مفترق الطرق.. وعبر مسافات البين المؤرقة.. وخلال سراديب الأطلال والأمكنة السالفة كانت المشاعر تئن مما جرى، والعواطف الولهى تحن إلى ما مضى، فيبحر الخيال إلى تلك الأيام الموغلة في أعماق الماضي يدفعه الشوق والحنين إلى تفتيش الذاكرة الملتهبة التي أقضت عليها المواجع.. وانهال عليها تيار من الحزن والعذاب اللانهائي.. بقيت تأوهات حبلى أدمت الفؤاد.. بقيت أرتال من الأحزان في أقصى الوجدان تئن على ذكرى رحيل الماضي الجميل.. تبكي الجوارح الصادقة فراق ليالٍ حالمة وأيام خالدة عصفت بها رياح البين بغتة فصارت أثراً بعد عين.. ولم يبقَ سوى جرح دامٍ أُلملمه لعل وعسى مع قادم الأيام يلتئم من شدة وطأة الصدمة وفداحة الحسرة.. يتراءى على أديم وجهي الذي أنهكته سموم الزمن تساؤلات حرَّى قد ألجمها الألم عن البوح ردحاً من الزمن لتسلل الشعور بالضيم إلى ذاتي واستيطان الألم مسارب نفسي.. وها هي التساؤلات الجذلى قد آن لها أن تنطلق بلا هوادة في عنان الفضاء الفسيح تجوب الأفق وترنو للبعيد.. بات لهذه التساؤلات دوي في فضاءات الأمكنة الغابرة.. وداخل جدران الذكريات الفارطة، فكان المخاض العسير لتلك التساؤلات التي أعياها جور الزمن وكآبة التنائي.. فهل حقاً الأحلام تذهب بلا رجعة..؟ أحقاً تتوارى الآمال في غيهب النسيان..؟ أتندثر هنيهات العشرة خلف تراكمات الصد والجفاء؟ أتتوارى سويعات الصفاء من قاموس الذاكرة..؟ أتدفن أتربة الجحود أمكنة الوصال والحنين.. وتحولها في لحظة ذهول لأرض يباب....؟ أباتت الصحبة في زماننا هذا هماً ثقيلاً تنوء به العوائق؟ أأضحت الرفقة تجلب التوتر وتؤدي إلى القطيعة والخصام؟ أما زلنا نعيش في دائرة منغلقة نحو فهم الصحبة؟ أما زلنا نعيش في رحم البدائية وحب الذات؟ حقاً ما أصعب أن يصاب المرء بخيبة أمل كبيرة تجاه مَن كان يحب!!