تعتبر اضطرابات القلق إحدى المشكلات المهمة في مجال الصحة النفسية ويعتبر مرضى القلق من أكثر المترددين على عيادات الصحة النفسية والعيادات العامة وقد أصبح الخواف الاجتماعي الذي يبدو في صورة خوف من التقييم أو النقد من قبل الآخرين يصنف كأحد اضطرابات القلق وفقاً لتصنيف الدليل التشخيصي والاحصائي للاضطرابات النفسية. وعلى الرغم من أنه لفترة طويلة كان يعتبر الخواف الاجتماعي من قبل الباحثين الأوروبيين أحد الاضطرابات التي يتم تشخيصها بصورة مستقلة، الا أن القليل كان يعرف عن هذا الاضطراب وعن طرق علاجه. جاء ذلك في دراسة حول الخواف الاجتماعي وذكرت أن دراسة المخاوف الاجتماعية بدأت على يد عالمي النفس البريطانيين ماركس وجلدر في عام 1966 ولم تكن من الاضطرابات المعروفة بالولاياتالمتحدة حتى عام 1980م عندما تم تصنيفها لأول مرة ولم تكن هناك دراسة منظمة لهذا الاضطراب قبل بداية هذا التاريخ وقد كان التركيز في السابق على المخاوف البسيطة والخواف من الأماكن المتسعة والقليل من الدراسات أجري على هذا الاضطراب حيث كان يعبتر من اضطرابات القلق المهملة وتشير بعض الدراسات إلى أن حالات الخواف الاجتماعي تمثل20% من الحالات العيادية يشير مركز الضغط النفسي واضطرابات القلق في الولاياتالمتحدة إلى أن مرضى الخواف الاجتماعي يمثلون 18.3% من بين الحالات المترددة للعلاج. ويمكن القول إن معدل انتشار حالات الخواف الاجتماعي يزيد على هذه النسب وربما يرجع ذلك إلى أن مرضى الخواف الاجتماعي لا يلجأون إلى العلاج نظراً لخوفهم من الحديث عن أنفسهم أمام الآخرين وافتقارهم إلى هذه المهارة يجعلهم أكثر عرضة للقلق علاوة على ذلك فإنهم يعتبرون أنفسهم غير كفء أو خجولين أو قلقين وهذه الاضطرابات أكثر شيوعاً لدى الاناث حيث يتراوح مدى انتشاره بين الرجال بين 0.9% - 1.7% بينما تبلغ نسبة انتشاره بين الاناث 1.5% - 2.6% وهي نسبة كبيرة إذا ما قورنت بالاضطرابات الأخرى والأنواع الشائعة من هذا الاضطراب هي الخواف من الحديث والأكل أمام الآخرين والخواف المعمم على جميع المواقف الاجتماعية، كما أن الاضطراب أكثر شيوعاً لدى الرجال عنه لدى الاناث وذلك في العينات العيادية وهناك من يشير إلى أن الاضطراب يشيع بنفس النسبة تقريباً لدى الذكور والاناث وربما يعود الاختلاف بين المعيارين إلى اختلاف العينات التي تتناولها الدراسات. وقد أجري العديد من الدراسات لتحديد مدى انتشار الخواف الاجتماعي وأجري بعض هذه الدراسات على عينات غير عيادية، ففي عينة مكونة من 223 من طلاب الجامعة في بريطانيا اتضح ان 24% من الذكور و12% من الاناث يخافون الخروج إلى المقابلات الاجتماعية بصورة شديدة بينما يخشى هذه المواقف بصورة متوسطة 31% من الذكور و46% من الاناث وفي دراسة أخرى على آلاف الشباب لتحديد الخجل وهو مفهوم قريب من الخواف الاجتماعي عبر40% من أفراد العينة انهم خجولون بينما اشار80% إلى أنهم شعروا بالخجل في موقف ما بينما أشارت دراسة أخرى على 3000 من الشباب العاديين ان اكثر المخاوف شيوعاً هو الخواف من الحديث أمام الآخرين، ويرى البعض ان هذه النتائج توضح ان العديد من الاشخاص العاديين يعانون من أعراض الخواف الاجتماعي الا أنه لا يوجد دليل على مدى تشخيص مثل هذه الحالات وفقاً لمعايير التشخيص المتبعة الا ان ما يميز جميع هذه الحالات هو تجنب المواقف الاجتماعية وهناك أربعة أنواع من المخاوف الاجتماعية هي الخواف من الحديث والاداء أمام الآخرين، الكتابة أمام الآخرين، تناول الطعام في المطاعم العامة، واستخدام الاستراحات العامة، وهناك من يرى أن اضطراب الخواف الاجتماعي يعد أكثر شيوعاً مما يذكر في الدراسات وذلك لأن مرضى الخواف غالباً ما يلجأون إلى بعض أساليب التكيف مع الاعراض كأن يصف الفرد نفسه بأنه خجول أو أن هذا هو طبيعته وأنه لا يمكن ان يتغير عن ذلك فقد نشأ بهذه الصورة وأن ما يبذله الفرد للتغيير مضيعة للوقت وليس هناك ما يدعو إلى العلاج وتذكر الدراسة ان هناك مجموعة من الخصائص المميزة للخواف الاجتماعي منها الحساسية والخوف من النقد وعدم الاستحسان، والميل إلى ادراك النقد وعدم الاستحسان الذي لم يحدث بالفعل، والاحساس بأنه أقل قدرة من الآخرين على إدراك المفاهيم الجامدة عن السلوك الاجتماعي الصحيح، وزيادة الوعي والانتباه من تركيز الآخرين عليه وفحصهم لأفعاله وتبدو الصورة الرئيسية للخواف الاجتماعي في الخوف الملح من موقف أو أكثر من المواقف الاجتماعية التي يواجه فيها الفرد انتقاداً محدداً من الآخرين ويكون الخواف من أن يقبل الفرد على فعل شيء أو التصرف بطريقة تؤدي إلى اشمئزاز أو تأثر الآخرين ويصحب هذا الخواف مجموعة من الأعراض مثل تجنب الموقف الاجتماعي مع ظهور القلق الشديد مصاحباً لهذه الحالة، وظهور خلل في بعض الوظائف المهنية او الاجتماعية أو أن يكون هناك حزن ملحوظ من هذا الخوف وشعور الفرد بأن الخوف مبالغ فيه وليس له ما يبرره وعلى الله الاتكال.