السمة الأساسية لهذا الاضطراب هي نوبات متكررة من القلق الشديد (هلع) وهي لا تعتمد على مواقف محددة ولا يمكن التنبؤ بها. وتتباين الأعراض البارزة من شخص لآخر كما هو الحال في اضطرابات القلق الأخرى ولكن من الأعراض الشائعة البداية المفاجئة للخفقان وألم الصدر والاحساس بالاختناق والدوار وأحاسيس بالواقعية واختلال الأنيس وكأنه يعيش في حلم والخوف من الموت وفقدان التحكم في النفس وفقدان العقل والجنون. وعن مدى انتشاره في دراسة عربية وجد ان اضطراب الهلع منتشر بنسبة 5-25% من المترددين على العيادات النفسية وبنسبة 3% من مجموع أفراد الشعب، وتشير الاحصائيات إلى ان 30 - 50% من المرضى المترددين على أطباء القلب والذين لا توجد بهم أدلة كافية على مرض في الشرايين التاجية يعانون من اضطراب الهلع. وعادة ما يبدأ اضطراب الهلع في أوائل العشرينات من العمر ونوبات الهلع من حيث المدة تستمر كل نوبة على حدة لمدة دقائق فقط وقد تطول عن ذلك أحيانا وكذلك يتباين معدل ومسار تلك النوبات وهي أكثر شيوعاً بين النساء ويعيش المرضى أثناء نوبة الهلع حال متصاعدة الشدة من الخوف. ومن أعراضه نشاط زائد بالجهاز العصبي اللا إرادي تؤدي بالمريض إلى الخروج العام من المكان. وإذا حدثت نوبة الهلع في موقف معين كأتوبيس القطار أو زحام فقد يسعى المريض الى ان يتجنب ذلك الموقف. ونوبات الهلع المتكررة والتي لا يمكن التنبؤ بها قد تتسبب في خوف المريض من البقاء لوحده أو الخروج إلى أماكن عامة، وكثيرا مايلي نوبة الهلع خوف مستمر من الإصابة بنوبة أخرى أي القلق من القلق أو الخوف من الخوف وهناك نوبات الهلع والتي نشاهدها في الممارسة الإكليكية لدى ما يسمى برهاب الساح.. وهو الخوف من الأماكن التسعة أو الأماكن العامة كالقطارات والطائرات وسط الزحام أو الخوف من السفر وحيداً وهنا تكون نوبات الهلع نتيجة شيء محدد ويمكن التنبؤ به وبالتالي يمكن للمريض تجنبه مما يترك المريض في حالة عزلة وإعاقة شديدة لنشاطاته العامة العملية والأسرية حيث ربما يكون حبيس البيت. الأعراض والتشخيص: حددت نوبات متكررة قد تكون اسبوعية مرة واحدة أو أكثر وقد يكون الاضطراب قصير الأمد (أسابيع أو شهورا أو عدة سنوات) ولابد من توفر أربع أعراض على الأقل من الأعراض الآنية خلال كل نوبة وهي: - الشعور بالاختناق وسرعة ضربات القلب. - الدوخة والإغماء والخوف من ان يصبح مجنوناً. - الخوف من الموت والغثيان واضطراب المعدة. - الاحساس بالتنميل والخدر وألم في الصدر السرعة والارتجاف والتعرق. ويجب أن تكون تلك الأعراض بدون سبب عضوي أو بسبب خوف موضوعي. الأسباب والتفسيرات لحدوث نوبات الهلع: أ- عوامل بيولوجية: وهذه خصوصاً في اضطراب الهلع غير المصاحب لأي نوع من أنواع الرهاب المحدد، حيث لوحظ تبلد في استجابة هرمون النمو عند تنشيطه وكذلك هرمون منشط الغدة الدرقية ونقص في هرمون البرولاكتين. ولوحظ في مرضى القلق ان لديهم ضعفا في القدرة على القيام بالنشاط الرياضي مما يزيد عندهم حمض اللاكتيك اكثر من الأسوياء وعند حقنهم بلاكتات الصوديوم يحدث نوبات هلع في 70% من مرضى الهلع و 5% فقط لدى الأسوياء. ويلاحظ وجود بروز في الصمام التاجي الميترالي في 50% من مرضى اضطراب الهلع بينما لدى عامة الناس 5% فقط. ب- الوراثة: لوحظ ان ما بين 15-75% من الأقارب الدرجة الأولى يصابون به. وفي التوائم المتطابقة 80%. ج - النظريات النفسية: في التحليلية تفسرها بان نوبات الهلع هي دفاع غير ناجح ضد القلق والخبرات فقط وقلق الانفصال في الطفولة. - النظرية السلوكية: تعزى القلق واضطرابات الهلع إلى تعلم استجابي من نماذج كما الوالدين وكذلك الارتباطات من مثيرات واستجابات نتج عنها هذا السلوك أو الهلع. - النظرية الموقفية: والتي تعزى اضطراب الهلع إلى أنه مجموعة من الخبرات التراكمية والتي تم ادراكها بصورة مشوهة وغير صحيحة والتي كونت معتقدات مشوهة وسلبية حول موضوع أو موقف تسبب في حدوث اضطراب الهلع. - ان تكون أسباب نوبات الهلع ناتجة من اضطرابات نفسية أخرى مثل رهاب الخلاء - رهاب المرض - رهاب اجتماعي اي رهاب محدد، وهنا يكون التشخيص رهابا. علاج اضطراب ونوبات الهلع: أ- الأدوية: مثل مضادات الاكتئاب. ب- العلاج النفسي: هناك عدد من الأساليب العلاجية النفسية المفيدة في علاج نوبات الهلع وخصوصاً المصاحبة لبعض أنواع الرهاب من هذه العلاجات: 1- العلاج السلوكي: -تمارين الاسترخاء - عمليات التنفس الصحيحة وهي عمليات تهدف إلى السيطرة على الجسم والعمليات العقلية معا وتخفيض مستوى القلق والسيطرة عليه. - التعريض المباشر الحي وسلب الحساسية للمواقف المشيرة لنوبات الهلع. 2- العلاج السلوكي المعرفي: والذي يهدف إلى تغيير المعتقدات والأفكار السلبية والمشاعر حول المواقف والأحاسيس التي تثير نوبات الهلع ومنها إثارة الأحاسيس التي يخاف منها المريض لتظهر له الأسباب الممكنة لأعراضه المرضية والتي لا تنسجم مع اعتقاده. - إيقاف سلوكيات الأمان لمساعدة المريض على إدراك عدم دقة اعتقاداته غير السليمة حول عواقب ما يحس به. - وقف أفكار القلق عندما تبدأ بدلا من السماح لها بالانطلاق. - سجل الأفكار التلقائية اليومية لتحديد الأفكار التلقائية غير الفعالة ودحضها بالأدلة واستبدالها بأفكار إيجابية فعالة. ج - العلاج الديني: للإسلام منهج في تحقيق الصحة النفسية ومنه: أولاً: تقوية الجانب الروحي لدى المسلم وقد ثبت ان التغير في الجانب الروحي الذي يعتبر أعمق الجوانب النفسية والتي يؤدي رفعه إلى تغيير أقوى في الاعتقاد والتفكير والمشاعر والسلوك لصحة نفسية أفضل ومنه: 1- تقوية الإيمان قال تعالى: {پَّذٌينّ آمّنٍوا وّلّمً يّلًبٌسٍوا إيمّانّهٍم بٌظٍلًمُ أٍوًلّئٌكّ لّهٍمٍ الأّمًنٍ وّهٍم مٍَهًتّدٍونّ} والأمن هنا يشمل الأمن النفسي من الهلع والفزع {وّهٍم مٍَهًتّدٍونّ} يهديهم إلى طريق الحق والخير والسعادة، والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. قال تعالى: {إنَّ پَّذٌينّ آمّّنٍوا وّعّمٌلٍوا پصَّالٌحّاتٌ وّأّقّامٍوا پصَّلاةّ وّآتّوٍا پزَّكّاةّ لّهٍمً أّجًرٍهٍمً عٌندّ رّبٌَهٌمً وّلا خّوًفِ عّلّيًهٌمً وّلا هٍمً يّحًزّنٍونّ} والخوف هنا يشير إلى المستقبل الذي قد يخافه مثل اضطراب القلق والمخاوف والهم والحزن يعني لما مضى مثل الاكتئاب. وهناك عدد من الآيات والأحاديث والأدعية النبوية التي تعالج هذا الجانب يمكن الرجوع إليها.