بكل الحب أودعك عنيزتي.. هكذا بدون رتوش أو نقوش أودعك عنيزتي وداع العاشق الولهان، وقد تشكلت في قلبي خارطتك التي كنتُ أحلم فيها وأعشق ترابها؛ ففيها ولدت وترعرعت وشممت هواءها العليل. وداعاً عنيزتي.. فقد حانت ساعة الفراق ولا أدري كيف سأحتمل هذا البعد وقد عجز عن حمله واحتماله جهابذة الكلمة فراحوا يصوغون بكائياتهم من أجلك، ولا أعلم كيف أستطيع فراقك في الوقت الذي لم يستطعه فطاحلة الشعر فراحوا ينظمون قصائدهم فيك؟! وداعاً عنيزتي.. فقد تشبعت من الركود ومللت الخمول وما عهدت نفسي إلا مشاكساً في عالم الحرف ودروب الكلمة وميادين الصحافة، وكلها لا يصلح لها الركود والخمول، وذلك كله لا يفسد محبتي وعشقي لك وهيامي بأجوائك.. وداعاً عنيزتي.. فكم أبكاني فراقك وسرى في جسدي ألم عظيم للابتعاد عنك، فما أشد البعد وما أصعبه الفراق، فقد تفارق عزيزاً غالياً وأنت في أوج عشقك وهيامك به، وقد تغادر بعيداً وأنت تعتصر من الألم والحزن ما الله به عليم. وداعاً عنيزتي.. فكم كنت قاسياً عليك وعنيفاً على محبيك راجياً العفو والصفح، سائلاً الله جلت قدرته أن أعود إليك وقد تحققت كل الأماني والآمال، وتفتحت لك بوابة عطاء للخير تقضي على شرور أنفسنا وتحطم كل من يحاول العبث بمكتسبات الوطن، وألهمني الصبر على هذا الفراق البعيد. وداعاً عنيزتي.. فقد يعجز القلم عن الوفاء بحقك، وهو حق يجب أن تتمتعي به. واعلمي أيتها العنيزة أن حبَّنا لك وهيامنا بك هو صورة نموذجية لحب الوطن الكبير، ولكنك تتفردين بقمة العشق للوطن الكبير، ولا يستطيع أحد أن ينكر علينا حبنا لك وعشقنا لبياض الوجه وجماله، فكم أنت جميلة رائعة ونحن السعداء بك. وداعاً عنيزتي.. فقد توقفت في حنجرتي غصة كبيرة تمردت على نفسي وأبت إلا أن تكون صعبة في تحركها لحظة الفراق لثغرك الباسم ومحياك الجميل؛ فقد منحك الله جمالاً تكسوه طبيعة خلابة، وألبسك الله تعالى ثوب العز والشرف تستقبلين به محبيك في يوم فرحك واعتزازك بهم. وداعاً عنيزتي.. فكلما حاولت أن أستوقف سبل الوداع وجدت كلماتي تتسابق معبِّرة عن شكل آخر ووجه جديد لهذا الوداع.. وكلما حاولت تهدئة الموقف زارني في الظلام طيف آخر يثير شجون الوداع ويمنحني دفعة جديدة لوداعية أخرى تصرفني عن التوقف في محطات الوداع وتهز في مشاعري أطياف أُخر. وداعاً عنيزتي.. فهؤلاء محبُّوك ما أكثرهم وما أحوجهم إليك وما أقدرهم على حبك، فلعلنا قد أوفيناك بعض حقك، ولعلهم يستطيعون مواصلة المشوار عبر رحلة طويلة من الحب والوفاء لك أيتها المليحة الرائعة والجميلة. وداعاً عنيزتي.. فكل عشاق الحرف والكلمة وقفوا عاجزين عن استخدام أدواتهم لوداعك، وكل حملة القرطاس والقلم تمردت عليهم أدواتهم وهم يحاولون توظيفها من أجلك في لحظات الوداع ومحطات الفراق، فلا نبالغ إذا قلنا إننا قد وجدنا قسوة عنيفة في تلك المحطات الوداعية من أجلك. وداعاً عنيزتي.. وداعاً عزيزتي.. وداعاً أيتها المليحة النجدية..