(الزراعة العضويّة) تمثل أحد الخيارات والوسائل المهمة للوصول إلى أفضل أنواع الإنتاج الزراعي من ناحية الجودة والصحة والقيمة الغذائية لا من ناحية الكم.. ومع الأسف الشديد فإن الزراعة بالأسمدة الكيماوية أصبحت وسيلة لكسب المال فقط دون النظر إلى صحة الإنسان نظراً للكميات الكبيرة التي تنتج من خلال استخدام الأسمدة الكيماوية.. أصبح هؤلاء الجشعون من تجار المحاصيل الزراعية وخصوصاً الخضروات يشترون هذه الأسمدة الكيميائية التي ستدخل في تركيب هذه المحاصيل وبكميات كبيرة تنتج كميات كبيرة من هذا المحصول ندفع ثمناً له صحتنا.. يجب القيام منذ الآن بخطواتٍ جادة نحو تشجيع الزراعة العضويّة تشجيعاً جاداً وذلك من خلال عددٍ من الخطوات التي يجب أن تبادر لها وزارة الزراعة.. وبالفعل هناك عددٌ من التجارب الناجحة لعددٍ من الشركات في الزراعة العضوية كشركة الوطنية.. ويجب تشجيع مثل هذا التوجه عند الشركات الزراعية الصغيرة وعند الأفراد.. ان (الزراعة العضويّة) تعتمد على سماد المواشي.. واستخدامه هو إكمال لدورة التغذية الطبيعية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى بين النباتات والحيوانات.. أما استخدام الأسمدة الكيميائية الصناعية فإنه يكسر هذه الدورة والحلقة.حيوانات تتغذى على النباتات - سماد عضوي تتغذى عليه النباتات - تغذية حيوانات، وهذه الدورة التي تنتج من تغذية النباتات والحيوانات ستنتج غذاءً نباتياً ولحوماً يتغذى عليها الإنسان.. كما أنها ستنتج لنا دورة اقتصادية أخرى تدعم الاقتصاد الوطني كما يلي: 1- إنتاج للسماد العضوي بزيادة تربية الحيوانات والمواشي. 2- إنتاج محاصيل غذائية طبيعية يقبل عليها المستهلكون لجودتها. 3- ينتج عن هذا زيادة مطردة في تربية الحيوانات والمواشي مما ينتج عنه زيادة في إنتاج اللحوم الطبيعية اللذيذة. 4- ينتج عن هذا وجود فرص عمل في تجارة المواشي وتجارة المحاصيل الزراعية. 5- مما سبق يُنتج لنا دعم للاقتصاد الوطني وزيادة في الأمن الغذائي. 6- إيجاد فرص استثمارية وعملية لأبناء الوطن.. فمن الممكن في حال نجاح الزراعة العضويّة زيادة الناتج المحلي الزراعي في مجالي الزراعة وتربية المواشي.. وبالتالي فإن الزراعة العضويّة لا تدعم فقط الإنتاج الزراعي وإنما تدعم أيضاً تربية المواشي وبالتالي فنحن مثل من يصطاد عصفورين بحجرٍ واحد فنكون دعمنا الإنتاج الزراعي المحلي وكذلك إنتاج اللحوم.. ونكون قد أكملنا الدورة الطبيعية التي كسرتها الأسمدة الطبيعية الضارة بالصحة من كل النواحي، فالإنسان يتغذى على المحاصيل الزراعية الناتجة من التغذية بالأسمدة الكيميائية وكذلك يتغذى على اللحوم الناتجة من مواشٍ تتغذى على هذه المحاصيل.. ان الأسمدة العضوية تذهب هباءً وهدراً مما يشكل مورداً اقتصادياً غير مستغل.. بل انما ربما تكون أقل كثيراً في التكاليف من الأسمدة الكيميائية التي تحتاج إلى عمليات معقدة وإلى مصانع وإلى عمليات تسويق أما الأسمدة العضويّة.. فربما تكون في نفس موقع الزراعة ولا تحتاج إلى أي تصنيع أو نقل أو تسويق.. ومن الراجح أنها أقل تكلفة بكثيرٍ من الأسمدة الكيميائية.. فلماذا هذا التجاهل لهذه الأسمدة.. سؤالٌ يجب أن تجيب عنه وزارة الزراعة.. بعد أن فتحت المجال لكل ما هب ودب من هذه الأسمدة التي لا يعلم مصدرها أو مكوناتها - بل وبأسعار كبيرة تعتبر استنزافاً للاقتصاد الوطني. إن هناك عدداً من الرؤى التي يجب الوقوف عندها كما يلي: 1- يجب تشجيع الزراعة العضوية حتى تتغلب على الزراعة الكيماوية أو تكون مساوية لها في التكلفة.. فمما لا شك فيه أن الزراعة الكيماوية تنتج أضعاف ما تنتجه الزراعة العضويّة.. ومن هنا فإن من الصعوبة محاربة الزراعة الكيماوية.. ومن الصعب إغلاق مصانع الأسمدة الكيميائية فهي عملية تجارية بحتة.. والزراعة بالأسمدة الكيميائية كلها عملية تجارية أي ربح أكبر قدر من المكاسب والأموال بأقل التكاليف وبغض النظر عن جودة الإنتاج ومناسبته للاستهلاك الآدمي.. وتشجيع الزراعة العضويّة لا يأتي بإغلاق مصانع الأسمدة الكيميائية.. وإنما على الأقل تشجيع الزراعة العضويّة تشجيعاً كبيراً وذلك عن طريق: أ- إيجاد دعم للأسمدة العضوية كأن يكون هناك دعمٌ رمزي مثل 10 ريالات لكل ردٍ من الأسمدة العضويّة أو 5 ريالات لكل م3 أو طن من الأسمدة العضويّة التي يلاحظ نقلها إلى المزرعة مع معرفة الهدف من نقلها ونوعية المحصول التي يتغذى عليها.. ان مثل هذا الدعم سيوازن تكاليف الأسمدة العضويّة مع الأسمدة الكيميائية ويجعل الإقبال عليها كبيراً من قِبل المزارعين.. مع العلم بأن كثيراً من المزارعين يستطيع أن يسد حاجته من الأسمدة العضويّة ويتركها تضيع هباءً لعدم وجود حافز لاستخدامها ولعدم قناعته بجدواها نظراً لأن الكل يبيع منه أكثر كمية من الإنتاج الزراعي ويربح أموالاً طائلة لاستخدامه أسمدة كيميائية فليس لديه أي حافزٍ تشجيعي لاستخدام هذه الأسمدة في الزراعة ولهذا أقترحُ أن تقوم وزارة الزراعة بدراسة تشجيع هذه الزراعة بالأسمدة العضويّة بالتعاون مع البنك الزراعي ويقوم بعدها البنك بتقديم هذا الدعم كما يقدم الدعم لزراعة النخيل والمعدات الزراعية.. وبدون وجود مثل هذه الحوافز التشجيعيّة فسيظل إنتاج الأسمدة الكيميائية والزراعة الكيميائية هي السائدة في السوق. ب- أن يكون هناك تسهيلات لتسويق المنتجات الزراعية العضويّة.. وخصوصاً في أسواق الخضار (حلقات الخضار) التي هي غالباً مملوكة للبلديات ويتم تأجير المحلات فيها على الباعة وان يتم منح المحلات مجاناً وبدون أجرة من قِبل البلديات وذلك لبيع المنتجات الزراعية العضويّة.. وقد يقول البعض ومن يثبت أن هذه المنتجات أو تلك هي منتجات عضويّة.. فنقول: يجب أن يكون في كل سوق خضار هناك جهاز فحص لهذه المنتجات فهناك منتجات يثبت خلوها كلياً من الأسمدة الكيميائية وحتى المبيدات الكيميائية.. فحين الفحص المبدئي وثبوت خلو هذه المنتجات من الأسمدة الكيميائية يسمح لهذا المزارع ببيع منتجاته في هذا المحل.. أو أن يتم تحديد مظلة مستقلة لبيع المنتجات العضويّة يتعارف عليها المزارعون وكل مزارع يعرف تماماً المزرعة التي تنتج منتجات عضوية كما أنه من الممكن إصدار شهادة من قِبل وزارة الزراعة لكل مزرعةٍ تنتج منتجات ومحاصيل عضويّة عن طريق زيارتها دورياً وفحص منتجاتها.. ان وجود مثل هذا الفحص من قِبل البلديات هو شيءٌ ضروري وذلك ليس فقط لتشجيع الزراعة العضويّة.. وإنما لرفض المنتجات الزراعية التي تتجاوز بها التغذية الكيميائية الحد المسموح به أو استخدام مفرط للمبيدات الحشريّة في المحاصيل الزراعية.. ج- ان يتم السماح لمن ينتج منتجات زراعية بالأسمدة العضويّة بالبيع في الأماكن العامة وبدون اشتراط محل خاص له. د- ان يتم القيام بحملة دعائية للزراعة العضويّة من خلال وسائل الإعلام ومن خلال فروع وزارة الزراعة لتقديم ندوات ومعارض متخصصة للمنتجات العضوية والدعاية لها مجاناً من خلال الصحف ووسائل الإعلام ودعم الإعلانات عنها لتسويقها. 2- لماذا لا تقوم وزارة الزراعة والمياه بدعم إنشاء شركات زراعية تقوم بإنتاج المحاصيل العضويّة وخصوصاً التي يتغذى عليها الإنسان يومياً وبشكلٍ مباشر كالخضار والبقوليات (الطماطم، البطاطس، البصل، الخيار، الكوسة، الباذنجان)، فقيام مثل هذه الشركة الزراعية بكل منطقة من مناطق المملكة عن طريق تغذية هذه المحاصيل بأسمدة عضويّة عن طريق تربية كمٍ هائل وكبير من المواشي، (الأغنام، الجمال) واستخدام أسمدتها العضويّة لتغذية هذه المحاصيل سيكون لدينا شركات كبرى تنتج المحاصيل الغذائية وكذلك اللحوم التي نقوم باستيرادها.. وقد يقول البعض إن استنزاف المياه الجوفية خطر على الأجيال القادمة.. فأقول إن لدينا صحاري بكر تموج تحتها بحار من المياه كالربع الخالي الذي يمكن إنشاء مدن زراعية كاملة فيه وفي قلب الصحراء لإنتاج منتجات عضوية وتربية المواشي خلاله. 3- أرى أن تقوم وزارة الزراعة والمياه ولعل معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بن عبدالرحمن بالغنيم هو خير رجل خير مرّ على هذه الوزارة من حيث غزارة معلوماته وعمق تفكيره وجديته بإخلاصه في العمل يتضح ذلك من خلال زياراته المتكررة لمناطق المملكة ومزارعها.. ولقاءاته مع المزارعين وتلمس همومهم.. وإطلاق المشاريع الناجحة.. أتمنى أن تقوم هذه الوزارة بدعم الجمعيات التعاونية الزراعية ومنحها المعدات الزراعية بأقساط ميسرة وتزويدها بالبذور المناسبة.. وان تقوم هذه الجمعيات بتشجيع الزراعة العضويّة عن طريق تزويد المزارعين في كل مدينة بالأسمدة العضويّة أو نقلها لهم مجاناً عن طريق شراء عددٍ من (القلابات) مهمتها نقل الأسمدة العضويّة للمزارعين مجاناً من أي مكان يشترونها منه داخل حدود المحافظة أو المنطقة الزراعية.. وأن تقوم كل جمعية تعاونية زراعية بوضع معارض زراعية يشترك في دفع إيجارها المزارعون الذين يريدون عرض منتجاتهم الزراعية التي يجب اشتراط أن تكون عضويّة.. فلو فرضنا أن إيجار المحل سنوياً 50.000 ريال واشتراك في هذا المحل 100 مزارع فإن الإيجار الذي سيدفعه كل مزارع سنوياً هو 500 ريال فقط.. بدلاً من استئجار محل من قِبل كل مزارع بقيمة تزيد على 10.000 ريال سنوياً.. يجب أن يتم دعم هذه الجمعيات من قِبل وزارة الزراعة معنوياً ومادياً وهي السبيل الوحيد للنهوض بالزراعة في بلادنا.. حيث إنها مهنة يعتمد عليها معظم أهالي المدن الريفية وهي داعمٌ لاقتصادنا الوطني.. وأن يكون أساس دعم هذه الجمعيات هو تشجيع الزراعة العضويّة.. 4- لماذا لا يتم منع استخدام الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشريّة في المواد الغذائية المباشرة للإنسان التي تستخدم يومياً وتباع في أسواق الخضروات مثل: الطماطم، والفاصوليا، والكوسة، والخيار، والبقوليات بأنواعها.. حيث إنها مواد غذائية مباشرة للإنسان، ويمكن استخدامها في الأعلاف التي تُزرع بكمياتٍ كبيرة جداً وتتغذى عليها الحيوانات ثم يتغذى الإنسان على لحومها، أو استخدامها في التشجير والحدائق والغابات، وكذلك القمح الذي يجف ثم يطحن مما يقلل من آثار هذه الأسمدة فيه. 5- ان في تشجيع استخدام الأسمدة العضويّة دعماً هائلاً للاقتصاد الوطني قد لا يوازي الكميات التي تنتجها الأسمدة الكيميائية بكثرة يتمثل ذلك في سد الحلقة المفقودة في الدورة الغذائية التي تبدأ بالنبات ثم الحيوان ثم الإنسان، وبالتالي تربية المواشي للحصول على الأسمدة العضويّة ثم زراعة النباتات والحصول على الثمار والأعلاف.. إن في ذلك دعماً للاقتصاد الوطني يجب دراسته جيداً.