كنا نعيش في وسط نار تحت رماد. نار لو اشتعلت لأحرقت الرطب واليابس. نار لو سعرت لقضت على نهضة شاملة، بذلنا فيها ولها كل ما نملك، ولعل هذا كان الهدف، ولكن الله ستر علينا وعلى بلادنا الغالية. ستر الله علينا فكشف أوضاع الفئة الباغية الظالمة قبل أن تفتك بالبلاد والعباد.. لطف الله بنا فاكتشفنا ما لديهم من متفجرات هائلة، وأسلحة فتاكة، وعقل مدمر شرير. الهدف لهؤلاء أوضح من عين الشمس في وضح النهار. العودة بهذه البلاد إلى.. الظلام، القتل والتشويه والترويع لكل من مشى على أرضها الطاهرة مواطنا أو قادماً أو حيواناً.. هذا هو هدف الصهيونية وترتيبها وخططها. وهؤلاء الطغاة أداة لها علموا بذلك أم جهلوا.. استطاعت الصهيونية العالمية أن تجند فئة من شباب هذه البلاد لمحاربة هذه البلاد في الداخل، وتشويه اسمها دينياً وسمعة في الخارج.. أقول ذلك بكل ثقة لأن من يحقق أهداف أعداء الدين والوطن هم أعداء بنفس الدرجة أو أزيد من ذلك. لقد حققت الأجهزة الأمنية في المملكة منجزات عظيمة في مكافحة الإرهاب. ودفعت في ذلك دماء طاهرة من رجالها الأوفياء، لقد أثبتت الأجهزة الأمنية قدرتها على دحر هذه الفئة الباغية، وكشف جحورها. ثم تابعت المملكة نجاح أجهزة الأمن بنجاحات أخرى، جندت الأجهزة المعنية بالفكر بنشر الفكر الصحيح، ومحاربة الفكر الضال، قام الإعلام بدوره، وما زالت كل أجهزة الدولة كل في مجاله يعمل بصمت، وجد دؤوب لمحاربة هذه الفئة وهدي من يهتدي منها، والتعامل مع الضال بما يستحق، ولم تكتف المملكة بهذا كله، بل دعت دول العالم إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإهارب في الرياض عرضت فيه المملكة تجربتها ومعاناتها ونظرتها للإرهاب. عرضت موقف الإسلام كدين ختم الله به الرسالات من الإرهاب. عرضت موقف المملكة شعبا وحكومة من الإرهاب، وأنه ظاهرة وسلوك شرير لا دين له ولا وطن ولا ولاء ولا انتماء. هدفه تشويه الإسلام والعرب والوطن، وإعطاء الأعداء فرص التدخل في شؤون المنطقة الداخلية. وسيلته القتل والتشريد والترويع للبشر، والتدمير والتخريب لمنجزات التنمية ومقدرات الوطن.. ختم هذا المؤتمر بتوصيات جيدة كفيلة بمحاربة الإرهاب ودحره إذا ما تعاون الجميع في ذلك، وتوج تلك التوصيات بإنشاء مركز دولي لمحاربة الإرهاب يتم من خلاله تبادل المعلومات عن الإرهاب والإرهابيين، وتبع ذلك حملة وطنية لمكافحة الإرهاب. تهدف الحملة إلى تعبئة الرأي وحث جميع قطاعات المجتمع إلى الوقوف صفا واحداً، ويداً واحدة ضد الإرهاب. هذا الإرهاب بوجهه القبيح الظاهر والخافي يستهدف الجميع، لا يفرق بين مواطن ومقيم، بين رجل وامرأة، بين مسن وطفل، لا يهمه إلا أن يدمر الوطن ويعود به إلى الظلمات، ويروع المواطنين والمقيمين ويفقدهم الثقة في وطنهم، والتوازن والهدوء في حياتهم ومعيشتهم. ما هو واجبنا كمواطنين ومقيمين في القضاء على الإرهاب ومن جعل نفسه مطية ووسيلة له. ذلك يختلف حسب فئة الإرهابيين. من المعروف أن عصابة الإرهاب تتكون من اربع فئات: الفئة الأولى هم أصحاب الفكر الضال والمخطط الإجرامي الذي استطاع أن يغرر بالشباب، ويسخرهم لخدمة أهدافه الشريرة؛ هؤلاء يجب أن نتعاون في تعرية فكرهم وضلال مذهبهم، وفساد مقصدهم، وذلك بإيضاح الفكر النير السليم للإسلام، وللمسلم الحق. الإسلام دين سلام وعدل وإخاء، دين مودة ورحمة، دين تفهم وتعايش وحوار، دين يحرم قتل الشجر والدواب وكل نفس رطبة فضلا عن تحريم قتل البشر وترويعهم، والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مليئان بالنصوص التي تتحدث بكل وضوح عن ذلك، والتفاسير المعتمدة وأهل الذكر يوضحون ما خفي وما التبس فيه الأمر.. الفكر المنحرف يجب أن يحارب بفكر صحيح في المدارس والجامعات، وفي المساجد والمنتديات في كافة وسائل الإعلام، في الطرق والممرات، في الندوات والمؤتمرات. كل أسرة يجب ان تعلم أبناءها الفكر الصحيح، ليهدي من ضل عنه إليه. الفئة الثانية من الضالين هي الفئة الممولة: والواقع أن تمويل هذه العمليات الإرهابية ومن يقوم بها تم بعدة طرق، الطريقة الأولى تلك التبرعات التي كانت تجمع من المصلين في المساجد والطرقات والاماكن العامة على أنها لدعم المجاهدين في سبيل الله، ولأعمال الخير مثل بناء المساجد ورعاية الأيتام ومساعدة الفقراء والمحتاجين وإفطار الصائمين، كان يدفعها الناس لهذا الغرض، بينما هي تحول لهؤلاء المفسدين والتمويل الثاني: كان يتم من قبل أشخاص معينين عارفين بوصول الاموال إلى هؤلاء، وعارفين أهدافهم وخططهم، ومقتنعون أنهم يعملون ما يعملون. هؤلاء هم الخطر الداهم، وهم من يجب أن يعامل معاملة الإرهابيين أنفسهم باعتبارهم الفئة التي منحها الوطن الأمن والامان وأتاح لها الفرص لتكوين ثروات طائلة بدلاً من استخدامها في الخير، دفعها للفقراء والمساكين، دفعها في بناء الوطن وتنمية وتثبيت أمنه ورخائه. راحت تغدق المال على هذه الفئة الباغية لكي تشتري بها المتفجرات، والأسلحة الثقيلة، والخفيفة، والسيارات المفخخة، وشراء النفوس الضعيفة والفقيرة، لقد كان جزاء هؤلاء الممولين لوطنهم ودولتهم جزاء سنمار.. هؤلاء يجب أن يوضح لهم خطورة تمويلهم للإرهابيين، وأن هذا التمويل يتعارض مع الدين ومع حقوق الوطن والمواطنين عليهم، ومن لم يرتدع ويعلن توبته يجب أن يردع بالقوة. ونحن كمواطنين يجب أن نسارع في كشف كل من يتعاون أو يتعاطف مع هؤلاء الإرهابيين، علينا في البداية إقناعهم بإيقاف دعمهم لهؤلاء المفسدين في الأرض، وتقديم كل ما لديهم من معلومات، وإذا لم يقتنعوا فعلى كل مطلع على حال فرد منهم تقديم ما لديه من معلومات لأجهزة الدولة فذلك أقل ما يفعل في حق الوطن الحبيب. الفئة الثالثة الذين نذروا أنفسهم أعداء للدين والوطن، تركوا أسرهم وأعمالهم وجندوا أنفسهم في خدمة الشيطان وأعداء الدين والوطن، رضوا بأن يكونوا مفسدين في الأرض، قتلة للأبرياء، مشوهين للدين الإسلامي، وللعرب وللوطن الحبيب. واجبنا تجاه هؤلاء كبير.. يبدأ بنشر الفكر السليم، وتنوير عقولهم، وإخراجهم مما أوقعوا فيه من التضليل. هذا الجهد يجب ان يصل كل فرد في المجتمع، ومن قبل كل فئة فيه؛ المدارس، والجامعات، الاجتماعات، واللقاءات، إيضاح خطورة الموقف الذي وقعوا فيه، النهج الذي سلكوه، توضح بكل وضوح تناقض ذلك الفكر مع نصوص الدين الإسلامي الصحيحة. من لم يقتنع منهم ولم تقترف يداه جرما يعود إلى سربه، ومن لم يقتنع وتلطخت يداه بالجرم يعاقب طبقا للشريعة الإسلامية، على كل فرد يعرف فرداً من هؤلاء أو ممن يتعاطف معهم أو يميل إلى فكرهم أن ينير فكره، ويزيح الغشاوة التي ظللت عليه وإذا لم يجد منه تجاوبا يبلغ عنه. علينا عدم التساهل مع هؤلاء تلبية لقربى أو علاقة صداقة أو جوار أو غيره، ذلك أن هؤلاء نار مستعرة إن لم نبادر في إطفائها أكلت الرطب واليابس. الفئة الرابعة من هؤلاء المفسدين في الارض هم المتعاونون مع هؤلاء المفسدين يدخل في ذلك من يهرب المتفجرات والأسلحة والذخيرة، ومن يساعد في ذلك او يسكت عن أمر اكتشفه من امر هؤلاء. تشمل ايضاً المدربين لهم الذين يقدمون لهم المساكن والمآوي أو الأكل والشرب، أو يساعد في تنقلهم من مكان إلى آخر. أو يكتم معلومات مهمة عنهم، كل هؤلاء يعتبرون في حكم الإرهابيين أنفسهم، إذ بدون هؤلاء ينكشف البغاة، قد يكونون بعلم وإصرار وموافقة على فكرهم ومنهجهم، وفي هذه الحالة هم منهم ويجب عليهم ما يجب على المفسدين. إما مغرر بهم وهؤلاء لم يعد لهم عذر بعد الحملة المعلنة وبعد الانتصارات التي حققها الأمن الوطني على هؤلاء.. لقد انكشفت الغمة، وانجلى الحق، واتضح الباطل. إننا كمواطنين ومقيمين تقع علينا مسؤولية عظيمة تجاه الوطن، وتجاه هؤلاء المفسدين في الأرض. لعل من أهمها بالإضافة إلى ما ذكرته اعلاه: 1 - مناصرة رجال الأمن في أداء واجباتهم سواء كان ذلك تفتيشا أو متابعة وملاحظة أو كشفا أو قبضا على هؤلاء. 2 - اعتبار كل فرد نفسه رجل أمن والقيام حيثما كان بحراسة هذا الوطن ومكتسباته والدفاع عنه قولاً وعملاً. 3 - الكشف للجهات الأمنية وإبلاغها عن أي أمر نشك فيه، أو يثير لدينا تساؤلات. ونترك لرجال الأمن وللجهات المعنية التصرف مع الموقف سواء كان ذلك في مسكن أو وسيلة نقل أو في موضع شخص معين وغير ذلك. 4 - طرح المجاملات جانباً فموضوع الوطن، وأمنه يجب ألا يكون محل مجاملات بل يجب أن نكون صرحاء ولو مع أنفسنا وأولادنا وأسرنا. 5 - نشر الفكر الصحيح في حب الوطن، وفي معاملة المستأمنين من أهل الكتاب، وممن يخالف أو نختلف معه ديناً وفكرا، وكذا في حقوق الحكام ورجال الفكر والعلماء ورجال الامن والمواطنين والمقيمين مالهم وما عليهم. 6 - التزام الحذر في الفتوى وترك الأمر لرجاله خاصة عندما يتعلق الأمر بأمن الوطن والمواطنين. 7 - استغلال كل إمكانات الوطن من إعلام ومساجد ومدارس واجتماعات وندوات ومؤتمرات لنبذ الإرهاب، وكشف خلاياه، وهتك ستره ومحاربة الحاملين للوائه، وضرورة التعاون مع الأجهزة الامنية في ذلك. 8 - استمرار الحوار الوطني بين فئات المجتمع المختلفة لنشر لغة وثقافة الحوار أولا، ولمعرفة اتجاهات واحتياجات ورغبات أبناء المجتمع والعمل على تحقيقها كلما سمحت الظروف بذلك وحسب خطط مدروسة وبرمجية موضوعة. 9 - محاربة التطرف والغلو والدعوة الواضحة إلى الوسطية والاعتدال التي دعا إليها الإسلام، وتطبيق تلك الوسطية سلوكاً ومنهجاً للحياة في المجتمع. ونبذ ما سواها. 10 - اتباع الشفافية والوضوح في التعامل مع هذه الظاهرة وإشراك المواطن قولاً وفعلاً لكي يشارك مشاركة فعالة في محاربة الفكر الضال ومن يتخذه منهجاً وطريقة. اللهم اجعل هذا البلد آمناً. وجنبه وأهله كل شر ومكروه إنك على كل شيء قدير.