أتقدّم بهذه الرسالة المفتوحة لكل أهلي وأحبتي وإخواني من أهل هذه البلاد الطيبة المباركة منبهاً ومحذّراً مما يحاك ضدنا كسعوديين من مؤامرات ودسائس ينسجها أعداء النور وكارهو الخير، في ليل سواده كسواد قلوبهم التي تفيض حقداً وكراهية وحسداً، أعمى الغيظ أبصارهم وبصائرهم، يقطر السم الزعاف من كلامهم مغلفاً بالعسل، يظهرون خلاف ما يبطنون كفانا الله شرهم ورد كيدهم في نحورهم، نسأل الله أن يحمينا من شرورهم ويردهم خائبين خاسرين بإذن الله. أحبتي: كلكم يعرف أن كل ذي نعمة محسود، فكيف وهي نعم عديدة لا تعد ولا تحصى؟ نسأل الله أن يعيننا على حسن شكرها، ولا يخفى عليكم كيف كان حال أبائنا وأجدادنا، وكيف كان حال البلاد والعباد، من جهل وفقر ومرض وفرقة وخوف وتخلف في كل شيء، ولكن لخير أراده الله بهذه البلاد وأهلها قيَّض لها رجلاً من أهلها أمده بعونه وتوفيقه، وأعانه رجال أوفياء حكماء عقلاء شجعان، فتوحّدت البلاد بعد فرقة، وانحسر مد الجهل وانجلى ليل المرض وأشرقت شمس العلوم، وعمّ الرخاء، واختصر الزمان سنينه فتحقق في أعوام قليلة ما كان يحتاج لسنوات طويلة وذلك بفضل الله ثم هذا الرجل وأعوانه المخلصين وتسلّم الراية من بعده أبناؤه الذين حافظوا على الأمانة فساروا على هداه واتبعوا خطاه واجتهدوا لما فيه الخير، ثم إنهم بشر يخطؤون ويصيبون كغيرهم من الناس وليسوا معصومين لكن لا يُلام المرء بعد اجتهاده فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر، فلله الحمد والمنة، رحم الله عبد العزيز ومَن توفاه الله من أبنائه ورجاله وألبس من بقي أثواب الصحة والعافية وثبتهم على طريق الحق، وهداهم بهداه وأمدهم بعونه. نعم إخواني هذه كانت حالنا قبل عبد العزيز - رحمه الله -، كنا بدواً رحلاً فقراء متفرِّقين أذلاء أهلكتنا الأمراض وأنهكنا الجهل، فلا أمن ولا أمان، وكانت حالنا لا يعلمها إلا الله، وها أنتم ترون ما نحن فيه الآن من عزة وكرامة ونهضة شاملة في كل القطاعات فأنشئت المؤسسات العلمية من مدارس ومعاهد وجامعات وبنيت المستشفيات وشقت الطرق وأقيمت المصانع وانتشرت المزارع وتحول ماء البحر الأجاج إلى عذب فرات وعمَّ الخير والرخاء ولم يقتصر هذا الخير علينا، بل أظل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وانتشر الأمن والأمان، وهذا من فضل ربي علينا ثم بجهود المخلصين من أبناء هذه الأرض وعلى رأسهم ولاة أمرنا حفظهم الله. ولكن البعض لم يعجبهم ومما يؤسف له أنهم منا ومحسوبون علينا, وتربوا على أرضنا الطيِّبة، فاشتعلت نار الغيرة في صدورهم وانفجرت براكين الحقد في قلوبهم. فاتخذوا أعذاراً واهية وهمية كالدعوة المزيّفة الكاذبة إلى الإصلاح حجة ومدخلاً للإفساد، فبالله عليكم هل يكون الإصلاح بنشر الفوضى؟ وهل يكون الإصلاح بقتل المسلم؟ (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (93)) سورة النساء، ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا اللّه، وأني رسول اللّه، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيِّب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، ثم إذا وقع شيء من هذه الثلاث فليس لأحد من آحاد الرعية أن يقتله، وإنما ذلك إلى الإمام أو نائبه، وهل يكون الإصلاح بنشر الفتنة؟ وهل يكون الإصلاح بالكذب والافتراء؟ وهل يكون الإصلاح بالدعوة والتحريض على التمرد والعصيان؟ وهل يكون الإصلاح بالدعوة لحرق وتدمير منشآتنا النفطية؟ أليس هذا النفط لنا كلنا؟ ألا يستفيد من عائداته المواطن وكثير من المسلمين في كل بقاع الأرض؟ زعموا أنهم إنما يسعون لإخراج الكفار من جزيرة العرب؟ فهل جزيرة العرب هي المملكة فقط؟ مع أنها الوحيدة التي تطبِّق شرع الله هل أقيمت عندنا الكنائس ودورعبادة الوثنيين؟ فالأمر واضح جلي أن الهدف والقصد إنما هو إبعاد المملكة عن دورها الريادي عربياً وإسلامياً، فأين هم من الجهاد في فلسطين؟ أليس تحرير المسجد الأقصى من رجس اليهود أولى؟ لماذا نسمع جعجعتهم بتهديد اليهود منذ سنين طويلة ولا نرى طحناً؟ ولا أثر لهذه التهديدات على أرض الواقع؟ فلم تخرج طلقة واحدة من بنادقهم على اليهود في فلسطين، مجرد تساؤل حيرتني الإجابة عليه. يريدون أن نعود للزمن المظلم، يريدون فرقتنا بعد تجمعنا، يريدون فقرنا بعد غنانا، يريدون موتنا بعد حياتنا، يريدون جهلنا بعد علمنا، يريدون خوفنا بعد أمننا، يريدون مرضنا بعد صحتنا، يريدون ذلنا بعد عزتنا، ويقولون ندعو للإصلاح، فقاموا يؤلبوننا على ولاة أمرنا ويحرضوننا عليهم (قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) 30 سورة التوبة)، هل يحسبوننا بهذه السذاجة لنستمع لفحيحهم؟ أم يظنوننا بهذا الغباء لننصت لنقيقهم؟ فهل هناك عاقل يقبل بهذا الكلام الفارغ؟ أم صوّرت لهم عقولهم المريضة أن علاقتنا بولاة أمرنا هشة ومنقطعة كغيرنا فننساق وراء عوائهم ونحقق أهدافهم المشبوهة؟ إن كان هذا إصلاحهم فلا نريدهم ولا نريد هذا الإصلاح، ألا خابوا وخاب مسعاهم، (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ30) سورة الأنفال)، فوالذي لا إله إلا هو لا يطيعهم إلا جاهل أحمق بليد غافل، ومن فضل الله أن هؤلاء لا وجود لهم بيننا وليسوا منا، فالمواطن السعودي بكل فئاته أكبر وأعقل من ذلك. فالحذر الحذر من هذه الأفاعي، والحذر الحذر من خفافيش الظلام، والحذر الحذر من الطفيليات النكرة، والحذر الحذر من أعدائنا الكارهين لنا والحاسدين لما نحن فيه من نعم الله علينا المتمنين زوالها، الساعين لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب الوطن والمواطن، سواء كانوا أشخاصاً أو قنوات مسمومة. فلنحافظ على بلادنا وعلى مقدراتنا ولنتمسك بوحدتنا وسبب عزتنا، ولنقتد بسلفنا الصالح في السمع والطاعة لمن ولاَّه الله أمرنا ولنصن مقدساتنا من عبث العابثين وكيد الكائدين ولنحسن شكر النعمة ليحفظها الله من الزوال (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ 7) سورة إبراهيم). هذه صرخة من محب لوطنه وأهله مخلص لولاة أمره أبثها وأدعو الله أن تجد آذاناً صاغية وعقولاً واعية. داعياً الله أن يحفظ بلادنا وولاة أمرها وأهلها من كل مكروه وسوء، وأن يديم علينا نعمه ويبارك فيها وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظ علينا أمننا وأماننا وإيماننا، ونسأل الله أن يهديهم للحق فكل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون، إنه ولي ذلك والقادر عليه.