كل من قدر له أن يضيع جزءاً من وقته في قراءة ما أكتبه ربما يعرف أني لا أكتب عن الأحياء خشية اتهامي بما أتحاشاه وأستعيذ منه وقد استعاذ منه سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم ولكن ما دفعني للخروج عن هذه القاعدة هو صدور الأمر الملكي الكريم بتعيين معالي الدكتور عبدالله بن صالح العبيد وزيراً للتربية والتعليم وقبل أن أتحدث عن هذا الرجل وعن تطلعات المواطنين أسأل الله أن لا يخيب ظنهم أود أن أقول لأبي أحمد معالي الدكتور محمد الرشيد وداعاً وتوفيقاً لك فقد قدمت ما لديك وسيكمل خلفك المسيرة ثم أوجه ندائي لمعالي الدكتور عبد الله بن صالح العبيد بأن يكمل المسيرة ويحقق تطلعات وأماني مواطنيه فقد أُعطي زمام أم الوزارات مع تقديري لجميع الوزارات المهمة فهي أم لكل مسؤول وفي أي وزارة فقد مَرَّ بها إما طالباً أو معلماً أو موظفاً إدارياً ولعل مايزيدها أهمية أن أول وزير لها هو خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الذي عاصرنا اهتمامه بنشر التعليم بحيث لم يمضِ على تعيينه إلا أشهر قليلة حتى انطلقت البعوث لفتح المدارس في السهول والوديان ورغم ما وضع في دربه من عقبات فقد اجتازها وحقق نقلة حضارية فقد كانت أول عقبة تواجهه هي ندرة المتعلمين الذين يمكن أن يسند إليهم تعليم النشء فأمر بتوظيف الفصول العليا لتعليم الصفوف الدنيا وأصحاب الكتاتيب لتعليم القرآن وأمور الدين ونتج عن ذلك ظهور أجيال متعلمة ومتربية لتقود نهضتنا الآن. يا معالي الوزير أعانك الله على ما حملك التربية التربية يا معالي الوزير في عهدنا وأنت تذكره حينما كنت طالباً كان المدرس قدوة للطالب وكنا نهابهم تقديراً وتوقيراً لا خوفاً فقارن هذا بما يحدث اليوم من خوف المدرس من الطالب وماهي الأسباب وفي نظري أن السبب يرجع إلى عدة أمور منها أن بعض المدرسين - هداه الله - لا يقدر هذه الرسالة العظيمة وهي مهنة الأنبياء وما يترتب عليه من ظهور بالمظهر اللائق به سواء داخل الفصل مع الطلاب أو خارجه ومنها شفافية التعليمات التي تصدر للمدرس وتكون معلومة لدى الطلبة مما يقلل من حزمه وهيبته وهي ولاشك تتمشى مع التربية الحديثة ولكن لكل تربية مناخ ونحتاج إلى وقت لكي يتوفر مناخ بعض أساليب التربية ومنها ما يجري حالياً من عدم تحميل الطالب أي مسؤولية تؤهله لمواجهة الحياة فقد قدر لي قبل فترة دخول مدرسة من المدارس فوجدت الطلبة يتجمعون قريباً من بوفيه المدرسة والأوراق تغطي أرجلهم فسألت لماذا لم يُعوَّد الطالب على وضع كل شيء في موضعه فقالوا إنهم ينتظرون عامل النظافة ليقوم بذلك فأي عنصر هذا سيخرج إلى الحياة وهو ينتظر الشغالة تقدم له ملابسه وفطوره ثم يأتي إلى المدرسة ليواجه مثل هذا، هذا في الابتدائية ثم تبدأ مشاكل أخرى عندما يبدأ وقت التباهي بالسيارات والملابس والحديث عن التفحيط والسباق والتجاوز ومنظار الطالب في ذلك الوقت أقل تعتيماً للأمور وعواقبها وهناك يا معالي الوزير بيت القصيد وهو حسن اختيار المدير بدءاً من مدير المنطقة وهو المرجع لها والقدوة أيضاً وانتهاءً بمدير المدرسة فمدير التعليم هو قدوة الجميع ويجب ألا يكون معيار الاختيار هو المؤهل العالي فقط وإنما القدوة والمهارة والصفة القيادية وتفهم الأمور وألا يكون دوره التوقيع على ما يقرره غيره فهذا يولد مراكز قوى تحيط به وتحجبه عن مصالح الجميع طلبةً ومدرسينَ وتتكون لديه غريزة عدم إشغال النفس والركون إلى الراحة والمظهر بل يجب أن يكون حازماً وقوياً وقدوةً حسنةً في سلوكه وتربيته وعلمه ثم مدير المدرسة وهو الأقرب إلى الطالب يجب أن يكون اختياره بدقة وعناية حتى لو أدى ذلك إلى طرح فكرة جعل الإدارة دورية بالانتخاب داخل المدرسة بعد وضع شروط مهمة تربوية وعلمية يجب أن تتوفر في المرشح من بين هيئة المدرسة وأن تكون الإدارة بحد أعلى ست سنوات للابتدائية وثلاثاً للمتوسطة ومثلها للثانوية وتقدر فترة عملهم وتخلد لهم في المدرسة كما يجب أن يختار من بينهم كبير للمعلمين يساهم في تقييمهم ومتابعة الأداء وأهم ما في ذلك اختيار مدرس الدين ومدرس الأدب ومدرس التاريخ الذين يجب عليهم توفير مراجع لهم تنقل من خلالهم إلى افهام الطلبة وأهم شيء فيها هو تفسير القرآن الكريم والسير النبوية ومراحل نزول القرآن والتفسير بطريقة تكوِّن أرضية مناسبة لتلقي العلوم على أصولها فقد كان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - يوجه مدرسي أبناه بتعليمهم سيرة ابن هشام إدراكاً منه - رحمه الله - في غرس الفضيلة في أذهانهم الغضة ومعرفة ما على المسلم من حقوق وما له وأذكر لك يا معالي الوزير أن هذا إضافة إلى ما في ذهنكم من تطوير سيحقق المطلوب بإذن الله.