كلية الملك فهد الأمنية الشرف والعطاء    الشرقية: عروض عسكرية للقوات البحرية احتفاءً بيوم الوطن    منظمة الأمم المتحدة للسياحة تعلن تصدر المملكة لدول مجموعة العشرين في نسبة نمو عدد السياح الدوليين خلال أول 7 أشهر من العام الحالي 2024    بلدية الخبر تحتفل باليوم الوطني ب 16 فعالية تعزز السياحة الداخلية    البكيرية تستعد للاحتفاء باليوم الوطني 94 بحزمة من الفعاليات    الصين لا تزال المصدر الرئيس للاوراق العلمية الساخنة    القيادة تهنئ الحاكم العام لبيليز بذكرى استقلال بلادها    زاهر الغافري يرحلُ مُتخففاً من «الجملة المُثقلة بالظلام»    الفلاسفة الجدد    حصن العربية ودرعها    أبناؤنا يربونا    مآقي الذاكرة    "البريك": ذكرى اليوم الوطني ال94 ترسخ الإنتماء وتجدد الولاء    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على ضمك    شكر وتقدير لإذاعتي جدة والرياض    تشكيل الإتحاد المتوقع أمام الهلال    مصر: تحقيق عاجل بعد فيديو اختناق ركاب «الطائرة»    اختفاء «مورد» أجهزة ال«بيجر»!    إسرائيل - حزب الله .. لا تهدئة والقادم أسوأ    الشورى: مضامين الخطاب الملكي خطة عمل لمواصلة الدور الرقابي والتشريعي للمجلس    انخفاض سعر الدولار وارتفاع اليورو واليوان مقابل الروبل    "الأوتشا" : نقص 70% في المواد الطبية و65% من الحالات الطارئة تنتظر الإجلاء في غزة    رياح سطحية مثيرة للأتربة والغبار على القصيم والرياض    فلكية جدة: اليوم آخر أيام فصل الصيف.. فلكياً    2.5 % مساهمة صناعة الأزياء في الناتج المحلي الإجمالي    «النيابة» تحذر: 5 آلاف غرامة إيذاء مرتادي الأماكن العامة    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    "مدل بيست" تكشف مهرجان "ساوندستورم 2024" وحفل موسيقي لليوم الوطني ال 94    "أكاديمية MBC" تحتفل بالمواهب السعودية بأغنية "اليوم الوطني"    "تعليم جازان" ينهي استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني ال94    الأخضر تحت 20 عاماً يفتتح تصفيات كأس آسيا بمواجهة فلسطين    رياض محرز: أنا مريض بالتهاب في الشعب الهوائية وأحتاج إلى الراحة قليلاً    شرطة نجران تقبض على شخص لحمله سلاحًا ناريًا في مكان عام    حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس ترومان» تبحر إلى شرق البحر المتوسط    الدرعية تحتفل بذكرى اليوم الوطني السعودي 94    مجلس الأمن يعقد اجتماعا طارئا لبحث التطورات في لبنان    بيع جميع تذاكر نزال Riyadh Season Card Wembley Edition الاستثنائي في عالم الملاكمة    «لاسي ديس فاليتيز».. تُتوَّج بكأس الملك فيصل    الناشري ل«عكاظ»: الصدارة أشعلت «الكلاسيكو»    «مكافحة المخدرات» بجازان تقبض على شخص لترويجه 13,981 قرصاً من الإمفيتامين    أمانة القصيم توقع عقداً لمشروع نظافة مدينة بريدة    رئيس جمهورية غامبيا يزور المسجد النبوي    ب 2378 علمًا بلدية محافظة الأسياح تحتفي باليوم الوطني ال94    وزارة الداخلية تُحدد «محظورات استخدام العلم».. تعرف عليها    المراكز الصحية بالقطيف تدعو لتحسين التشخيص لضمان سلامه المرضى    زعلة: ذكرى اليوم الوطني ال94 ترسخ الانتماء وتجدد الولاء    "الصندوق العالمي": انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن مرض الإيدز والسل والملاريا    حركة الشباب تستغل النزاعات المحلية الصومالية    «الأرصاد»: ربط شتاء قارس بظاهرة «اللانينا» غير دقيق    خطيب المسجد النبوي: يفرض على المسلم التزام قيم الصدق والحق والعدل في شؤونه كلها    خطيب المسجد الحرام: أعظم مأمور هو توحيد الله تعالى وأعظم منهي هو الشرك بالله    محافظ حفرالباطن يرأس المجلس المحلي    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    قراءة في الخطاب الملكي    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمير سلطان بن عبد العزيز.. مؤسسة الخير
في كتاب جديد للواء الدكتور إبراهيم المالك.. يحلل الأعمال الإنسانية للأمير سلطان
نشر في الجزيرة يوم 01 - 02 - 2005


قراءة وعرض -ا لنقيب عبد الرحمن بن سعد الجبرين
امرأة إفريقية تبدو في خمسينيات عمرها، لكن المعاناة والجوع جعلاها تبدو أكبر من ذلك بكثير.. كانت جالسة بعد أن أنهكها التعب، وهي تحفر في جحر النمل بحثاً عما اختزنه هذا المخلوق الضعيف من حبوب، لأنه لم يعد أمامها إلا هذا السبيل كي لا تموت هي وأولادها!!
لقد اختار المصور اللحظة المناسبة لهذه اللقطة وهي جالسة منهكة وأمامها الجحر محفوراً ومعولها في بطنه مستنداً في وضع يعبر عن العجز التام، والاستسلام للنهاية التي لا مفر منها.. بعد أن رفض حتى النمل التنازل لها عن بعض مخزونه.
شاهد الناس هذه الصورة بمشاعر مختلفة، أما بالنسبة للأمير سلطان فكانت هذه الصورة إنذاراً عاجلاً ونداءً خاطب ذلك الإحساس الخاص لديه.. كان معنى الصورة أن المطلوب تكوين لجنة خاصة لإغاثة ذلك البلد الإفريقي والدول الأخرى التي ضربتها المجاعة. وتم بالفعل تشكيل لجنة تولت أكبر عملية إغاثة يبدأها فرد.
هذه إحدى القصص والمواقف الإنسانية التي اشتمل عليها كتاب (الأمير سلطان بن عبد العزيز.. مؤسسة الخير) للمؤلف اللواء الدكتور إبراهيم بن محمد المالك مدير عام إدارة الشؤون العامة للقوات المسلحة، والذي أشار من خلال مقدمته إلى أنه لا يسعى إلى حصر المواقف الإنسانية للأمير سلطان؛ لأن ذلك صعب جداً إن لم يكن متعذراً، وإنما يحاول قراءة وتفسير ما وراء تلك المواقف والغوص في أعماق تلك النفس المشحونة بحب الخير للناس.
ويقع الكتاب في 226 صفحة من القطع الكبير، وقد قسمه مؤلفه إلى أحد عشر فصلاً تناول في كل فصل موضوعاً فرعياً يصب في الموضوع الرئيسي الذي يتناوله الكتاب، وذلك بأسلوب رفيع محكم النسج. وقد طبع الكتاب على ورق فاخر من الكوشيه المطفي ذي اللون البيج. وقد اعتني به تبويباً وإخراجاً؛ حتى تصميم الغلاف جاء جميلاً ومعبراً، ملوناً باللون الأخضر الذي يرمز للإثمار والعطاء، وعزز هذا المعنى بصورة السنابل التي ترمز للعطاء. ويتوسط الغلاف صورة الأمير سلطان مشرق الوجه مبتسماً كعادته - حفظه الله - يعطي ويبتسم.
تراه إذا ما جئته متهللاً
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
وقد صدّر المؤلف كتابه بكلمة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، جاء فيها: (حين أطلقت صفة (مؤسسة الخير) على صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز في إحدى المناسبات لم أكن أتجاوز الحقيقة ولكنني كنت واصفاً لها فحسب.. ذلك أن لكل إنسان قدرات محدودة في المشاركة والإسهام في العمل العام.. لكن سموه تجاوز هذا المفهوم وقدم نموذجاً فريداً ومتميزاً تلاشت معه وبه محدودية القدرة على العطاء متى امتلك الإنسان تلك المواصفات النادرة التي تتصل بجذورها في عمق النشأة وسلامة التربية، والتأسي بالقدوة الصالحة مع توافر ذلك الحس الإيماني المكثف الذي يقتدي التوجه نحو الخير ويستهدف رضا الله، وهذا ما يجسده - بوضوح - سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز في كل ما قدمه ويقدمه من لمسات حانية تزيح البؤس وتحل السعادة).. ويمضي سموه قائلاً: (وكما هو معروف فإن من النادر أن يتحول رجل بأعماله وجهوده إلى مؤسسة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من شمولية واستمرارية وسخاء، لكن الأمير سلطان بن عبد العزيز استحق بأفعاله وإنجازاته الماثلة هذه الصفة التي يتفق الجميع على جدارة سموه بها).. ويختم كلمته بقوله: (إن سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز غصن مثمر بالخير في شجرة المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - المورقة على الدوام، ومن عادة الأشجار الشامخة التي تسقى بماء الإيمان أن تنتج أغصاناً يانعة.. وهذا هو سلطان بن عبد العزيز مؤسسة الخير).
ثم أورد المؤلف اللواء الدكتور المالك كلمته في مستهل الكتاب فقال فيها: (مشكلتي عند إعداد هذا الكتاب، كانت إضافة إلى ما سبق أنني وبحكم قربي منه - أي الأمير سلطان - أعرف أن كل يوم - ولا أبالغ إن قلت كل ساعة - يشهد إضافة أخرى إلى مكوناته الكثيرة، والتي لا يود إلقاء الضوء عليها، ولكننا نفاجأ بأن من مسح الأمير سلطان دمعته نقلها من السر إلى العلن، وأوصلها إلى ساحة الإعلام دون أن يقصد).. ويختم كلمته بقوله: (ما تم تسجيله في هذا الكتاب، إن هو إلا محاولة لا تغطي سوى نماذج محدودة.. من مكرمات وعطاءات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز الأمير الإنسان.. حفظه الله).
من هو الأمير سلطان؟
قبل الدخول في مادة الكتاب عرض المؤلف سيرة الأمير سلطان بن عبد العزيز منذ ولادته حتى الآن، مشتملا عرضه على ظروف النشأة والتربية وعلاقته بوالده الملك عبد العزيز، ثم المناصب التي تولاها والرحلات التي قام بها في ذلك الوقت.
وفي تقديم تحت عنوان (هذا الكتاب وهذا الأمير) قال المؤلف: ( ما صدر من نشرات، أو ما كتب في الصحف، حول أعمال إنسانية أو خيرية للأمير سلطان ما هو إلا قطرة في محيط أعماله.. لذلك فالمطلوب من هذا الكتاب تحليل هذه المواقف الإنسانية وتقديم تفسير وشرح يغوص في أعماق هذه النفس المشحونة بحب الخير للناس.. ونؤكد أن الحالات التي اختيرت هنا هي مجرد نماذج مما رصدته عين الأجهزة الإعلامية) والتي تختصر آلافا مثلها تمضي في السر ولا يعلم عنها.
النشأة.. التربية.. التركيبة.. الفلسفة
في هذا الفصل الذي يعد أول فصول الكتاب يستعرض المؤلف ظروف نشأة الأمير سلطان في صباه وشبابه، وكيف تأثر تربوياً ودراسياً.
ثم كيف كان تعاطيه مع المسؤولية المبكرة في إمارة الرياض، ومواقف عظيمة لا تنسى، مستعرضاً الفلسفة التي تقف دافعاً لتلك السلوكيات النبيلة، وذلك من خلال كلمات الأمير سلطان في المناسبات.
إنسانيات بلا حدود
بدأ المؤلف هذا الفصل بقصة الصورة - المذكورة في بداية هذه القراءة - والتي كانت السبيل في تشكيل (لجنة الأمير سلطان الخاصة للإغاثة) والتي تولت أكبر عملية إغاثة يبدأها فرد، وشملت خمس دول إفريقية.. فقد كلف سموه اللواء الدكتور فيصل بن جعفر عبد الله بتكوين لجنة للاطلاع على الوضع ومساعدة الناس هناك فسافر مع اللجنة ووصلت إلى النيجر ومالي وتشاد وإثيوبيا وحملت معها ما أطعم الجياع وكسا العراة، وحفرت الآبار ووزعت الخيام، وتم علاج آلاف المرضى.. ولم تتوقف مهمتها في حدود إشباع البطون بل صعدت إلى العقول وعلمت الناس مبادئ الدين.
ثم عرض المؤلف الأبعاد الكامنة وراء أعمال سمو الأمير سلطان الإنسانية من خلال اللجنة؛ فالبعد الدعوي كان متجلياً من خلال التوعية الدينية التي كانت جزءاً مهماً من القوافل الإغاثية التي وجهها الأمير سلطان إلى إفريقيا، والنتيجة إسلام عشرات الآلاف من الذين كانوا على الكفر والوثنية بعد أن عرفوا الإسلام الحقيقي على يد سلطان دون ضجيج وصخب إعلامي.
ثم انتقل المؤلف إلى الحديث عن مجال التنمية والصحة، مبيناً أن فلسفة الأمير سلطان لا تهدف إلى سد حاجة آنية وتترك صاحب الحاجة دون تحصين لمستقبله، دون أن يدخلها البعد الديني والبعد الدنيوي المستقبلي.
وذكر المؤلف أن اللجنة قامت بإنجاز مشروعات تنموية كثيرة في الدول الإفريقية بالذات، وأورد مركز الأمير سلطان في (نيامي) في النيجر كنموذج للنوعية المختلفة لمفهوم الأمير سلطان للعمل الإنساني.
ثم تطرق المؤلف لنشاطات اللجنة الأخرى كالمشاركة في المؤتمرات والندوات التي تخدم عملها وتسانده.
بعد ذلك عرض المؤلف اهتمام الأمير سلطان بعصب الحياة وهو الماء، وتشجيع سموه أي بحوث تزيد من موارده، وكان هذا التوجه أحد أهم الأمور التي تسعى اللجنة لتحقيقها؛ فكل قافلة للإغاثة كانت أول ما تفكر في حفر الآبار قبل أن تبدأ في توزيع الأغذية.
ثم انتقل المؤلف من القارة السمراء إلى أوروبا حيث امتدت يد سلطان الخير، ففي كوسوفا أنشئ مركز الأمير سلطان لجراحة المناظير، ثم ألحق بمؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية وخصص له ميزانية تشغيلية سنوية قدرها مائة ألف دولار. ويمضي المؤلف قائلاً: إذا ألقينا نظرة إلى موقع هذا المركز أدركنا سر الاهتمام به؛ فهو في منطقة شهدت محاولات إبادة وتهجير للمسلمين، فكأنه بهذا المركز يسهم في استقرار هؤلاء المسلمين المضطهدين، ثم يتبرع لهم بمبلغ 5 ملايين ريال.
ثم تطرق المؤلف إلى أعمال الأمير سلطان الخيرية على المستوى العربي؛ وذكر أنه في البحرين مثلا دعمت مؤسسة سلطان الجمعية البحرينية لتنمية الطفولة ببناء مقر لمركز تنمية السمع والنطق التابع للجمعية وبلغت تكاليف إنشاء المركز 2.5 مليون ريال، ويخدم 200 طفل يحتاجون إلى رعاية في مجال عيوب السمع والنطق، وعرفاناً لسموه بالفضل قامت إدارة الجمعية بإطلاق اسم الأمير سلطان على مركز تنمية السمع والنطق.
وفي السودان أطلق المشاركون في المؤتمر العالمي الإسلامي للإغاثة والتأهيل اسم الأمير سلطان على أكبر مشروع قومي في السودان في مجال الإعاقة والتأهيل.
وفي المغرب يمر نهر الخير المتدفق فيتكفل سمو الأمير سلطان بإنشاء المركز الجهوي لعلاج السرطان في مستشفى الحسن الثاني، والذي تبلغ مساحته خمسة آلاف وتسعمائة متر.
وفي الجزائر يقدم سموه هبة تقدر بنحو ثلاثة ملايين دولار لبناء مائتي وحدة سكنية في الجزائر العاصمة مساهمة من سموه في حل أزمة المساكن هناك.
ويستطرد المؤلف في سرد أمثلة على مساهمات الأمير سلطان الخيرية التي لا تحدها حدود، وهذه المرة في بلاد آسيا البعيدة حيث تبرع في كازاخستان لمدرسة الأطفال العسكرية بمبلغ مليون دولار.
تلمس الاحتياجات
في الفصل الثالث من الكتاب والمعنون بتلمس الاحتياجات تحدث المؤلف عن سجية من سجايا الأمير سلطان وهي مبادراته لنجدة المحتاجين دون أن يقدم أصحاب الحاجة طلبا. وأورد المؤلف حالة الدكتور عبد الوهاب المسيري - الكاتب المصري المعروف - والذي ما إن قرأ الأمير في الصحافة عن حالته الصحية، إلا وبادر متكفلاً بتكاليف علاجه في أي مكان يتوافر فيه العلاج في العالم، مع صرف مبلغ 50 ألف دولار مصروفات شخصية.
ثم يستطرد المؤلف قائلاً: إنها واحدة من آلاف الحالات التي هبّ فيها الأمير سلطان للنجدة من خلال معلومة جاءته عن طريق غير مباشر.. وإن هذه حالة من آلاف الحالات التي لا يسع الكتاب إحصاءها. واقتبس المؤلف كلمة للأمير فيصل بن سلطان، أمين عام مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، في حفل تدشين مشروع إسكان مؤسسة سلطان الخيرية في القحمة، والتي فسر من خلالها مبررات الصمت والكتمان لكثير من الأعمال الإنسانية حيث قال: (لقد حرصنا وبناء على توجيهات سموكم ألا نتحدث عن المؤسسة وعن أعمالها وندع مشروعاتها تتحدث عنها).
الاهتمام بتطوير الخدمات
في هذا الفصل تحدث المؤلف بداية عن الإخلاء الطبي أو كما سماه (المستشفى الطائر) وما يوفره من تجهيزات للتعامل وهو في الجو مع الحالة، حتى لا تتفاقم الإصابة ويتدهور وضع المريض. مبيناً أن ذلك يفسر سر حرص الأمير سلطان على تطوير الخدمات حتى لا تصبح مجرد ديكور ذي مظهر رائع. ثم تحدث المؤلف عن برنامج الاتصالات الطبية، معتبراً أنه أحد نماذج حرص الأمير سلطان على تطوير الخدمات، مبيناً أن هذا البرنامج يهدف إلى الإفادة من كل الخدمات الطبية من خلال الطب الاتصالي، وأن ربط مستشفيات المملكة بشبكة موحدة للطب الاتصالي سيمكن من وضع ملفات وبيانات ومعلومات المرضى في المملكة في شبكة واحدة؛ فيتمكن المريض في المستشفى العسكري في الرياض مثلاً من أن يعالج في جدة أو أبها أو الدمام لتوافر المعلومات الطبية الكاملة. كما أن جزء التعليم والتدريب في البرنامج يمكن تطبيقه عن بُعد بحيث يكون التدريب في جامعة أمريكية والطلبة يحضرون في الرياض لسماع المحاضرة وأداء الواجبات والامتحانات ورصد النتائج وهم في مكانهم.
ثم انتقل المؤلف للحديث عن وحدة زراعة الكبد التي وفرها الأمير سلطان في مستشفى القوات المسلحة في الرياض والتي تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، والتي اشتملت على احدث الأجهزة التي كلفت الكثير في شرائها وتدريب طاقم سعودي للإفادة منها. وقد قامت هذه الوحدة بإجراء 40 عملية زراعة كبد من متبرعين أحياء، وتتكون هذه الوحدة من 14 غرفة فيها 28 سريراً تحتوي كل غرفة على سرير للمريض وآخر للمتبرع، وكل غرفة مجهزة بجهاز مراقبة يساعد المريض على متابعة حالته بالإضافة للمناظير والأشعة الصوتية.
ويمضي المؤلف قائلاً: وهناك الكثير من الفوائد الاقتصادية والنفسية والاجتماعية لهذه الوحدة، لا شك أنها كانت خلف حماس الأمير سلطان لإقامة وحدة زراعة الكلى، والتكفل بكل النفقات على حسابه الخاص، حيث إن تكلفة العملية خارج المملكة تتجاوز مليوناً ونصف مليون ريال، أي أن هذه الوحدة وفرت حتى الآن للدولة 60 مليون ريال في الأربعين عملية التي أجرتها إضافة إلى فوائدها الأخرى حيث إن العملية تتطلب من شهرين إلى ثلاثة أشهر منذ إجراء الفحوصات إلى المتابعة بعد العملية ووجود الآباء في بيئة مختلفة يؤثر عليهم إضافة إلى عوائق اللغة وتكلفة سفر المرافقين وأهم جزء في عملية الزرع هو المتابعة حيث إن الجسم قد يرفض الكبد المزروعة إذا لم تتم المتابعة المستمرة للتحكم في عمل جهاز المناعة لدى الإنسان حتى لا يرفض الكبد المزروعة.
ثم تحدث المؤلف عن نهج الأمير سلطان في تبني ودعم الأفكار الجديدة، مستشهداً بدعم سموه لمركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء.
كما تحدث المؤلف عن بعد نظر الأمير سلطان في دعم قطاعات في الظل وهي القطاعات التي لا تلمس نتائج أعمالها على المدى القريب، مستشهداً بدعم سموه للسياحة من خلال إنشاء كلية الأمير سلطان لعلوم السياحة والفندقة التي تعتبر الأولى من نوعها في الوطن العربي في مجال التعليم الجامعي السياحي والفندقي.
الاهتمام بنشر العلم والثقافة
تحت هذا العنوان بدأ المؤلف الفصل الخامس من كتابه، للحديث عن رعاية الأمير سلطان للعلم والثقافة، فإلى جانب حالة الدكتور المسيري، يأتي موقف الأمير سلطان مع الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - عندما تبرع بقطعة أرض مساحتها 5 آلاف متر مربع لتقام عليها منشآت المؤسسة، بالإضافة إلى مبلغ مليون ريال نقداً.
ثم استشهد المؤلف على تقدير الأمير سلطان للعلم والعلماء والثقافة والمثقفين بأن تكفل بجميع تكاليف (مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز الثقافي) في جامعة الملك سعود والذي وقع عقد إنشائه في 27-1-2001م وهو يهدف إلى توثيق الصلة بين الجامعة والمجتمع.
ثم تطرق المؤلف لموضوع الموسوعة العربية العالمية وهي العمل الذي دعمه الأمير سلطان وتكفل برعايته، كون الموسوعة تتجدد كل عدة سنوات بإضافة الجديد في مجال العلوم والمعارف الإنسانية، وتبني مشروع ضخم كهذا - يتطلب إنفاقاً مستمراً - أمر لا يقدر عليه إلا النفوس الكبار مثل الأمير سلطان. وعرج المؤلف إلى موضوع كلية الأمير سلطان للسياحة والفندقة ليدلل على اهتمام الأمير سلطان بكل ما من شأنه نشر الثقافة في المجتمع.
والبعد الديني الذي يراه المؤلف متأصلا في كل عمل من أعمال الأمير سلطان، ها هو يخصه بأهمية في حديثه عن الثقافة الدينية التي يحرص الأمير سلطان على نشرها، ومن صور ذلك ما أورده المؤلف عن دعم سموه مسابقة الأمير سلطان لحفظ القرآن للعسكريين.
ثم استطرد المؤلف قائلاً: لم يتوقف اهتمام الأمير سلطان بنشر الثقافة الإسلامية عند حدود الدول الإسلامية بل وسع الدائرة لتشمل بلاداً المسلمون فيها أقلية محاصرة بثقافات أخرى.
ومثل على ذلك بإنشاء مقر برنامج سلطان بن عبد العزيز للدراسات العربية والإسلامية في جامعة كاليفورنيا الأمريكية، وجامعات أخرى مثل جامعة بولونيا. وفي دول إسلامية مثل الباكستان ومثل مؤسسة الأمير سلطان للتربية الخاصة في جامعة الخليج العربية في مملكة البحرين.
ويرى المؤلف في مركز الأمير سلطان الحضاري في تبوك تجسيداً لرؤية الأمير سلطان حول الثقافة التي ينبغي أن تنشر بين الناس.
كذلك جاء مركز الأمير سلطان للعلوم والتقنية في الخبر مجسداً لهذا المعنى. ويعد أحد المشروعات الرئيسية لمؤسسة سلطان الخيرية، ويهدف إلى تعريف العامة وخاصة صغار السن بمبادئ العلوم والتقنية، وتوسيع فكرهم العلمي والثقافي لمواكبة التطورات السريعة في التقنية.
الاهتمام بقضايا البيئة
تحت هذا العنوان بدأ المؤلف حديثه في الفصل السادس عن اهتمام الأمير سلطان بأمر البيئة، وقد جاءت المراكز والهيئات التي يدعمها سموه ذات الصلة بهذا الشأن ترجمة لهذا الاهتمام المترسخ لديه.
وتحدث المؤلف عن مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء ومحطة الأبحاث في جامعة الملك سعود، والذي كان مركزاً محدود النشاطات حتى بلغ الأمير سلطان حاجته للدعم ولم يتردد ووجّه بتفعيل وزيادة دوره لإخراجه من الإطار الأكاديمي إلى رحاب المجتمع العريض.
ثم انطلق المؤلف في الحديث عن الماء الذي جعله الأمير سلطان محوراً لحركته الإنسانية في العديد من المواقع، ولكي يطور أبحاث استخراجه خصص جائزة لأبحاث المياه.
ويستشهد المؤلف بكلمة للأمير سلطان يفسر من خلالها اهتمامه الكبير بأمور البيئة وإنفاقه السخي عليها، وذلك في حوار مع إحدى الصحف السعودية مؤكداً أن اهتمامه بالبيئة بدأ منذ عام 1373ه عند تشكيل أول مجلس للوزراء في المملكة حيث تولى سموه آنذاك وزارة الزراعة، وكان من أهم أهدافه إعادة توطين البادية، مشيراً إلى أن اهتمامه بالبيئة لم يكن وليد حدث معين بقدر ما هو نابع من تعاليم الدين الحنيف والموروثات التقليدية، فالحفاظ على موارد البيئة الطبيعية في مواقع عديدة في الكتاب والسنة مثل: ترشيد الصيد وعدم الإسراف في استخدام الماء، يؤكد أن هذا المنهاج يبدأ مع طفولة الإنسان المسلم.
كما أوضح المؤلف كيفية انعكاس اهتمام الأمير سلطان بأمور البيئة على توجيه الاهتمام نحوها حتى في المدن والمناطق الحضرية، فقد وضع الاعتبارات البيئية في كل الأنشطة التنموية خاصة عند إقامة المخططات العمرانية والمباني والمجتمعات التجارية والسكنية مع العمل على توفير كل المرافق فيها مثل: شبكات المياه والصرف الصحي بهدف إيجاد بيئة سليمة لقاطني ومرتادي هذه المباني.
ويتحدث المؤلف عن إيمان الأمير سلطان بأهمية إيجاد وسيلة لجعل دعمه محركاً للمختصين وأصحاب الخبرات في أي مجال من المجالات، فكل دعم يقدمه يهدف من ورائه إلى تحقيق فائدة دائمة ممتدة، وهذا ما جعل سموه يقدم الجوائز والحوافز في مثل جائزة الأمير سلطان لأبحاث المياه.
ثم تطرق المؤلف لصندوق الحياة الفطرية وكيف وقف الأمير سلطان خلف هذا الصندوق بدعمه المادي، ومن خلال حث رجال الأعمال على دعمه لكي يؤدي رسالته وعمله، فالبيئة أحد أهم محاور اهتمام سمو الأمير سلطان، وإن كانت عملاً ضخما بالغ التعقيد، ففي أوروبا تشكل البيئة موضع اهتمام قطاع كبير من رجال الأعمال والمؤسسات العلمية والاقتصادية، ويتطلب الإنفاق تضافر جهود جهات كبيرة وكثيرة تحس بأنها المستفيد الأول من هذا العمل، إلا أن إنسانية الأمير سلطان اختصرت الطريق الصعب، فوفر من ماله الخاص نفقات المراكز المتخصصة في المجالات المتصلة بالحياة الفطرية والبيئة.
تلبية المناشدات
في هذا الفصل السابع يذكر المؤلف بعض النماذج لتلبيات الأمير سلطان مناشدات المحتاجين، فيذكر قصة (أحمد) الذي كان ينتظر حكم الإعدام طوال سبع سنوات قضاها في زنزانته، بعد أن أدانته المحكمة بقتل شخص، إلى أن تدخل الأمير سلطان بدفع الدية لأهل المقتول وقدرها 4 ملايين ريال فكانت النتيجة عودة (أحمد) إلى أهله وأطفاله.
كما ذكر المؤلف قصة المعوق الذي أشار للأمير سلطان عندما كان خارجاً من نادي الفروسية في الرياض بعد رعاية سموه أحد الاحتفالات فيه، فوقف له الأمير وسمع مطالبه وتعهد بتلبيتها.
وأعقبها بنماذج لتلبيات الأمير سلطان المناشدات التي تناهت إلى مسامعه، مثل تبرع مؤسسة سلطان الخيرية بمبلغ مليون ريال سنوياً لمؤسسة الشيخ العثيمين.
وعندما دعي لافتتاح مستشفى جمعية البر الخيرية في عنيزة، أعلن تبرعه للمستشفى وللمركز الحضاري بمبلغ ثمانية ملايين ريال. وعندما علم سموه أن أبناء منطقة نجران يتمنون إقامة مركز للكلى تبرع بكل تكاليف إنشائه، والأمر نفسه حدث في القصيم عندما افتقدت المنطقة مركزا لقسطرة القلب حيث تبرع الأمير سلطان بتكلفة إنشائه.
ثم انتقل المؤلف للحديث عن مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية أحد المشروعات الخيرية لمؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية، وهذه المدينة مخصصة لتقديم خدمات صحية وتأهيلية شاملة، وسعتها 400 سرير ومهمتها تقديم خدمات علاجية شاملة للمرضى المحتاجين من الذين يعانون أمراض الإعاقة.
وقد فصل الحديث عن هذه المدينة نظراً لما تقدمه من دور إنساني كبير، وذكر من أقسامها: مركز التأهيل الطبي وطاقته 250 سريراً وهو أكبر مركز طبي لتأهيل المعوقين في الشرق الأوسط، ومركز النقاهة وطاقته 150 سريراً ويقدم خدمات للمرضى بعد العمليات تساعدهم على سرعة الاندماج والإنتاج، والعيادات التخصصية الشاملة، ومركز الجراحة النهارية، ومركز تنمية الطفل، ومركز علاج وجراحة الوجه والجمجمة، ومركز الأبحاث والدراسات، وغيرها من الأقسام المساندة والإدارية.. هذه المدينة بكاملها هي هبة من هبات سلطان الإنسانية لعموم المحتاجين إلى خدماتها.
ويعود المؤلف للحديث عن مواقف الأمير الشخصية، ويذكر موقفه مع معلمه في صغره (علي السناري)، والذي أورد له مواقف تربوية حازمة في أول الكتاب، أما هذه المرة فالسناري ليس كحاله الأولى مدرساً قوي الشخصية لا تلين له قناة، وإنما شيخ كبير قد أثقلت كاهله مطالب الحياة، وفي حاجة إلى من يخفف عنه ويساعده، وما إن تناهى الخبر إلى مسامع الأمير سلطان إلا وهب بأريحيته المعهودة مع كل الناس فكيف مع معلمه، واشترى له بيتاً في جدة.
(مبيريك) أيضاً كان له نصيب من أريحية الأمير ووقفاته حينما حالت قلة ذات اليد دون زواجه من ابنة عمه، إلا أن الأمير سلطان حالما علم بحاله ذلل الصعاب وتكفل بكل ما يحول دون زواج مبيريك من بنت عمه، من مهر ووظيفة ومصاريف، في قصة لا تخلو من الطرافة.
الأصداء
استهل المؤلف هذا الفصل بعبارة ولا أبلغ للأمير سلطان حينما قال في حفل جمعية الأطفال المعوقين الذي أقيم لتقديم جائزة الخدمة الإنسانية لسموه: (إن المعوق الحقيقي من وجد المال وغلب عليه الشح).
هي عبارة تنطوي على الكثير من الدلالات والتفاسير لما يقوم به الأمير سلطان من الأعمال الخيرية.
وبما أن هذا الفصل الثامن مخصص للأصداء التي أعقبت بعض أعمال الأمير ومبادراته الخيرية، فقد أورد المؤلف شهادات ثناء عطر من جامعات وجمعيات خيرية وهيئات من دول مختلفة كالباكستان والولايات المتحدة والسودان وآيرلندا وغيرها.
وتحت العنوان الفرعي: (جائزة الخدمة الإنسانية) قال المؤلف: (هناك الكثير من الجوائز والأوسمة قدمت للأمير الإنسان من جماعات أو مؤسسات، تدفقت عليها مياه عطائه الإنساني دون انتظار لشكر أو ثواب، ولكن الجهة التي استقبلت تلك الخدمة أبت إلا أن ترد الجميل). والمؤلف بهذا يحاول أن يفسر سبب تسرب بعض الأعمال الخيرية إلى الإعلام والتي يحرص الأمير سلطان على كتمانها.
منبع كل هذا العطاء
وفي الفصل التاسع تحدث المؤلف عن منبع العطاء الذي لا ينضب وهو مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، التي تدير هذا النشاط الإنساني الضخم الذي تفرعت منه فروع العطاء كلها من مؤسسات للإغاثة، وأخرى لنشر كلمة الله، وثالثة لرعاية أهل الإبداع ونشر العلم، ورابعة لتقديم خدمات إنسانية طبية متكاملة، وغيرها من مؤسسات تحافظ على إنسانية الإنسان برعايته في مأكله ومسكنه وصحته وحاجاته المادية والفكرية والروحية.
ثم استعرض المؤلف نظام المؤسسة وأهدافها وفلسفتها في العمل الخيري ومواردها وتعاونها مع المؤسسات الأخرى. وبعد ذلك نقل بعض الانطباعات على لسان أمينها العام الأمير فيصل بن سلطان ومديرها العام المهندس ماجد القصبي.
ثم استعرض بعد ذلك رصدا لبعض إنجازات المؤسسة، حيث بلغ إجمالي تبرعاتها للهيئات 111.919.931 ريالاً سعودياً، وللأفراد 4.565.182 ريالاً، ولتمويل الأبحاث والدراسات 8.953.400 ريال.
بعد ذلك تناول المؤلف بالتفصيل لجنة الأمير سلطان الخاصة للإغاثة مبيناً مكاتبها وأقسامها ومهام كل قسم، أما إنجازاتها فعرضها بالتفصيل في الفصل العاشر.
المؤشرات الرقمية
في هذا الفصل الذي يعد عاشر فصول الكتاب تناول المؤلف بلغة الأرقام والجداول إنجازات لجنة الأمير سلطان الخاصة للإغاثة مفصلة في كل دولة من الدول التي شملتها أعمال الإغاثة، والجوانب التي تم الإسهام فيها كالفعاليات الطبية التي شملت 139360 مستفيداً والدعوية والغذائية التي بلغت 2278 طناً، وإفطار الصائمين والأضاحي التي بلغت ما يقارب 30.000 أضحية، وفي مجالات التنمية كبناء المساجد والمدارس وحفر الآبار وغيرها.
ثم انتقل المؤلف للحديث عن المهمات المتنوعة كاستضافة الحجاج، واستقبال طلبات المراجعين كطلبات بناء المساجد والمدارس والمستوصفات والآبار والمنح التعليمية وغيرها، وإعمار قرية كونزا، ومعالجة مشكلة النخيل في تشاد، وإهداء معدات طبية وسيارات إسعاف لحكومة إثيوبيا، بالإضافة إلى تمويل بعض الأنشطة والبرامج والندوات والمؤتمرات بتكلفة تقدر بحوالي 21.634.276 ريالاً.
ولكل زرع موسم حصاد، وإن كان الأمير سلطان يقدم ما يقدم ويزرع ما يزرع رجاء الحصاد الأخروي، ولكن تأبى الجهات التي شملتها مكارم سموه إلا أن تعبر بأشياء رمزية عن شكرها له، فها هو المؤلف في نهاية هذا الفصل يسوق المبررات التي بموجبها منحت جمعية الأطفال المعوقين سموه الكريم جائزتها عام 1418ه وتسمية الكثير من مرافقها في مختلف مناطق المملكة باسم سموه الكريم عرفاناً بما قدمه لها ولمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة.
جائزة راشد للشخصية الإنسانية لعام 2002م
ويمتد في هذا الفصل الحادي عشر والأخير من فصول الكتاب حديث المؤلف عن تكريم الأمير سلطان، ولكن هذه المرة من جهة محايدة وتصويت شارك فيه عشرة آلاف شخص من الدول العربية كلها، بعد أن قدم كل بلد مرشحيه حيث نال الأمير سلطان ثقة 53% من المشاركين في التصويت على الرغم من أن كل واحد منهم له مرشح من أبناء بلده. بينما توزعت بقية الأصوات على عشرات المرشحين من أكثر من عشرين دولة.
وأورد المؤلف بعض ما ذكره سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس مركز راشد لعلاج ورعاية الطفولة في دبي عند إعلان فوز الأمير سلطان بالجائزة لعام 2002م والذي نصه: (إن هذا الاختيار جاء تعبيراً صادقاً عن الإنجازات الكبيرة التي حققها الأمير سلطان في مجال العمل الخيري عربياً ودولياً لخدمة الإنسان أينما كان).
واختتم المؤلف اللواء الدكتور إبراهيم المالك كتابه هذا بخاتمة قال فيها: إن ما طرح بين دفتي هذا الكتاب.. ليس أكثر من نماذج قليلة، كل نموذج يمثل حالة من آلاف الحالات المماثلة.. جهد متواضع لتحليل، وبحث، واكتشاف، ومحاولة توثيق المواقف الإنسانية للأمير الكريم.. هنيئاً للوطن بأمير الخير والإنسانية سلطان بن عبد العزيز وكفاني من قال فيه:
ما كنت أحسب أن الخير في رجل
حتى عملت فكان الخير إياك
وهبت للضعفاء القوة ارتسمت
فكنت واهبهم والله أعطاك
****
نقاط سريعة:
* هذا الكتاب يعد الكتاب الثاني للمؤلف اللواء الدكتور إبراهيم المالك عن الأمير سلطان بعد كتابه الأول (سلطان.. سبعة وثلاثون عاماً من العطاء في وزارة الدفاع والطيران) الذي صدر بمناسبة المئوية، واهتمت مادته برصد وتوثيق جهود ونشاطات الأمير سلطان منذ أن تولى وزارة الدفاع عام 1382ه حتى صدور الكتاب عام 1419ه.
* يلحظ القارئ للكتاب أن المصادر التي رجع إليها المؤلف في بعض أجزاء الكتاب عبارة عن صحف يومية ونشرات؛ وهذا يعطي قيمة كبيرة للكتاب من حيث كونه أول مؤلف يتحدث عن حياة الأمير سلطان وإسهاماته الإنسانية.
* ركز المؤلف من خلال استنتاجاته لمدلولات الأعمال الإنسانية للأمير سلطان على أنها تركز على العمل دائم النفع وليس ذا الأثر الآني، وأن هذه الأعمال تشهد كل يوم إضافة جديدة، مما يجعل حصرها صعباً جداً، إضافة إلى الآلاف التي تمضي منها سراً دون أن تصل إلى الإعلام، وما تسرب خبره إلى الإعلام ما هو إلا نماذج تمثل آلاف الحالات في الخفاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.