ما ترى من جمال في بعض الجبال والأنهار العذبة الجارية من سفوح الجبال والشمس عند الغروب أو الشروق من فوق الطبيعة الخلابة، والأنهار الأخرى الجارية على الأرض وعلى جوانب الأنهار الخضرة والبهجة والأزهار التي تسر الناظرين والأشجار الطويلة وفوقها الطيور المغردة في أصواتها العذبة والأشكال الجميلة وصفها رب الجمال سبحانه في خلقه فتبارك الله أحسن الخالقين قال تعالى:{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}. وما ترى من القصور الجميلة في شكلها وإبداعها من خيال العقول كل جزء من هذه الأجزاء الجميلة المحسوسة في هذه الحياة الدنيا أصلها من جمال الخلاق سبحانه لإنه هو (الباري) (المصور) وبعض المناظر في التصوير الإلهي لهذا الكون لها تأثير على النفس تجلب السكينة والتمتع بجمالها فالسكينة أصلها من الله ينزلها على من يشاء من مخلوقاته فإذا رأيت نفسيات بعض المؤمنين تجدها مطمئنة وساكنة قال تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} فسبحان من خلق هذا السكون والطمأنينة والجمال في الأشياء الروحية ويقابل الجمال الروحي الجمال الحسي الساكن الذي أمرنا بالنظر إليه وتدبره دون النظر إليه نظرة سريعة قال تعالى:{أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}. فأمرنا بالنظر إلى آية الجبال التي نصبت ولم تتحرك في يوم من الأيام ولم يحركها شيء وإذا رأيت الأشجار تجد الآية والجمال مثلها حيث يذكر سبحانه جمال السكون والثبات قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} وغير ذلك من المخلوقات الساكنة في خلقه وملكوته سبحانه. وفي مقابل المخلوقات الساكنة نجد المخلوقات المتحركة التي تزداد أهميتها ويكمل جمالها في حركاتها إذ لو توقفت لاختل نظام الكون واصبح ناقصاً أيضاً في جماله فسبحان المبدع البارىء المصور الذي ليس له مثيل ولا شبيه في خلقه فالريح والسحاب والماء والشمس والقمر وغيرها خلقت متحركة قال تعالى:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.وأما الريح أي الهواء فجمالها في نسناسها اللطيف الذي يتكون من ذرات صغيرة من الهواء لا تُرى بالعين المجردة وأحياناً تُرى مع اشعة الشمس وذلك عند نفاذ النور إلى غرفة مظلمة عبر نافذة صغيرة مثلاً، قال تعالى عن سليمان في ملكه العظيم الذي أعطاه الله اياه:{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ} وكل هذا الخلق الجميل محسوساً أو معنوياً سواء كان ساكناً أو متحركاً هو من صنع الله الذي أتقن كل شيء. وبعض أصحاب المعتقدات الخاطئة يعتقدون أن الآلهة موزعة في الكون فإذا رأى الجمال في بعض المخلوقات في الطبيعة أو في الحيوانات أو في الطيور أو في البشر نسبه إلى إله الجمال أو إلى إله الحب وإذا رأى شيئاً عظيماً نسبه إلى إله العظمة وهذا اعتقاد كله ليس في محله بل إنه ينقص من عظمة الله سبحانه، تعالى الله علواً كبيراً عن خلقه في أسمائه وصفاته، لكنها دلالة وإشارة إلى بعض صفات الله التي هي أعلى من صفات المخلوقات وأجمل وأحسن منها. ولا قرة لعيون وقلوب المؤمنين إلا يوم يرون رب العالمين الذي اتصف بالأسماء الحسنى والصفات العلى فتلك هي الغاية لكل مؤمن وهي أفضل نعيم للمؤمنين في الجنة. قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} وقال تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ففسرت الزيادة في الآية بالنظر إلى وجه الله الكريم وسماع كلامه والفوز برضاه والبهجة بقربه. والحرمان كل الحرمان لمن حجب عن ربه: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}. اللهم لا تحرمنا لذة النظر إلى وجهك الكريم.