مما لا شك فيه أن القارئ يبحث في ثنايا الصحيفة عن كاتب يخاطب عقله ويحاكي ما يجيش بخاطره وحوله من اهتمامات؛ لذلك يقبل القراء عادة على الصفحات، التي تنشر القضايا العامة والموضوعات المطروحة على مسرح الأحداث. ولكن هل القارئ قادر على استلهام ما يريده الكاتب؟ وبالمقابل هل الكاتب قادر على شد وإقناع القارئ.؟ إن العلاقة بين القارئ والكاتب علاقة طردية وعكسية في الوقت نفسه! فكلما اهتم الكاتب بما يعني به القارئ ازداد الأخير به تمسكا وتفاعلاً وتقبلاً، بينما يعرض عن ذلك الذي يستخف بعقليته، ويحاول زعزعة مبادئه أو يخاطبه بأسلوب هزيل. وقد يتبادر إلى الأذهان أن الكتابة مجرد كلمات مرصوفة يستطيع المرء صوغها ما أن تواتيه شهية الكتابة، بل على العكس من ذلك، فالكتابة فن راق لا يتقنه إلا من قاوم عصي الحروف، وكون من الأسطر الشحيحة كلمات تخاطب عقل المتلقي، وتعبر عن معاناته، وتنسجم مع اهتماماته؛ فقارئ اليوم مشارك في الأفكار والآراء، وليس متلقياً لها فحسب؛ لذا ينبغي أن يعنى به الكاتب عندما يناغي بأنامله السطور لينثر أفكاره في ثناياها معبراً عن معاناة أو داعياً للتمسك بسلوك إيجابي أو ترك آخر سلبي. ومتى ما تم التفاعل الإيجابي بين طرفي الثقافة: الكاتب والقارئ، كان ذلك مبشراً بحركة ثقافية دؤوب شعارها الطرح المتميز والتجاوب السريع؛ مما يقود إلى مجتمع مستنير قادر على مواكبة التغيرات.