فاصلة: (الكتابة هي رسم الصوت) - حكمة فرنسية- بالرغم من احتراف مهنة الكتابة إلا أنها تظل مهنة غير ثابتة، وترتبط كثيراً بمزاج الكاتب ونفسيته! ومن ألد أعداء الكتابة تزاحم الأفكار في ذهن الكاتب؛ إما لطبيعة أحداث حياته التي مهما حاول فصلها عن الكتابة إلا أن الأحداث تطل برموزها؛ لتفسد عليه خلوته مع الفكرة، خاصة أن شخصية الكاتب غالباً تلتقط الأحداث بشكل مختلف عن الآخرين؛ حيث يتأمل ما حوله بشكل أعمق من تأمل الآخرين، لكنه التأمل المغرق في الحدث دون أبعاد واقعية. الكاتب لا يستطيع أن يكتب فكرة محددة مختلفة عن أي فكرة أخرى تشغل ذهنه؛ إذ تخونه أحرفه؛ لذلك يُفاجأ الكاتب بأنه عندما همّ بالكتابة كانت لديه فكرة لكنه بعد انتهاء الكتابة يكتشف أنه كتب فكرة أخرى. لذلك من أصعب المقالات التي يكتبها الكاتب المحترف هي ما تأتي مخالفة لاهتماماته وأفكاره، ويستطيع القارئ اكتشاف فشل الكاتب وتشويش ذهنه من بين السطور. الكتابة ليست عملاً سهلاً ولا صعباً، إنها ببساطة أن تكون مستعداً لمواجهة الناس.. كل الناس؛ متى ما بدأت الكتابة فهم الرقيب الحقيقي الذي لا يجيز مقالاتك للنشر، إنما يجيزها لأمر أصعب، يجيزها لتدخل بوابة عقول قرائك، وهذا لا يعني أن يجامل الكاتب قراءه، ويتبني أفكارهم، لكن هذا يعني أن يحترمهم، ولا يستخف بهم. احترام الكاتب قرَّاءه مسألة جوهرية في امتهان الكتابة، وهذا يعني أن يحرص الكاتب على لقائهم مستعداً مهيًّأ لاستقبالهم حتى وهو لا يعرفهم فرداً فرداً، إنما حرصه على أن يكون ذاته معبراً عن أفكاره بشفافية يعني أنه يحترم قراءه؛ لذلك لا يوجد أقسى على أي كاتب محترف من خسارة أي من قرائه.. فالربح الحقيقي في عالم الكتابة ليس الشهرة أو المال - رغم أهميتهما - إنما الربح الذي يدوم هو ثقة القراء واحترامهم للكاتب. أما كيف يتحقق ذلك؟ فهي خلطة سحرية يعرفها الكاتب المحترف لمهنة الكتابة عن قناعة بها. [email protected]