معالي الوزير - حفظه الله ووفقه ورعاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: إن البداية بالشيء صعبة جداً ولكن الاستعانة بالخالق تجعل مع العسر يسراً وليس هناك صعب مع الإصرار والصدق، ومع الحماس والجد قد يكون هناك شيء من الفتور وهذا طبيعي وموجود لدى الجميع، ولكن الإنسان الصادق - يا معالي الوزير - كما تعلمون - حفظكم الله - هو الذي يبذل ما يستطيع من جهد ويبحث عمّا يرضي الله - سبحانه - وما يجعل ضميره في راحة وطمأنينة. معالي الوزير.. إنه من فرط حبنا وتقديرنا لشخصكم النبيل نكتب لمعاليكم هذه الكلمات التي جالت في الخاطر وأبت إلا أن تخرج إلى النور لعلها تكون دافعاً إلى التذكير فقط وليس إلى النقد أو التجريح فأنتم أعلى وأجل من ذلك، وليس ذلك إلا بما رآه الجميع ولمسه من اجتهادكم وصدقكم. معالي الوزير.. نعلم أن الإنسان مهما بلغ من القوة والبأس والمركز ما هو إلا إنسان من قلب وروح وجسم من لحم ودم يحب ويكره، ويغضب ويرضى ويسعد ويشقى ويضحك ويحزن ملكاً أو مملوكا فقيراً أو غنيا وزيرا أو فراشا فهو الإنسان الذي نفخ الله فيه من روحه وكرمه وأعزه وسخر له كل ما على وجه البسيطة وأذلها له؛ فيجب عليه ألا يرهق نفسه ويتعبها في الأعمال اليومية، بل يجعلها كما قال الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم -: (ساعة وساعة) وإن كان ذلك في العبادة فإن أداء الواجب الوظيفي من أحد أنواع العبادة خصوصا إذا كان فيه من الإخلاص والجدية ما يرضي الله جل وعلا. هذا الإنسان البسيط مع اجتهاده وعطائه وكدحه وكفاحه المتواصل وقدرته وجبروته قد يغفل أحيانا عن أبسط الأشياء وقد يغفل عن أهمها وقد ينسى وقد لا يدرك أحيانا وقد.. وقد.. احتمالات كثيرة يحتاج معها الإنسان إلى مصارحة وتذكير وحديث وخلو مع النفس ومراجعة ومذاكرة.. ولا يخفى ذلك عليكم ولكن متى وكيف يذكر الإنسان وهو في مهمة مثل مهمتكم ومركز مثل مركزكم ومسؤولية بحجم مسئوليتكم؟ ولكن كل ميسر لما خلق له ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. معالي الوزير.. لقد استبشرنا خيرا حينما توليتم هذه الوزارة الحيوية وبدأ كل منا يهنئ الآخر قبل أن نهنئكم بقلوبنا ولو لم نصل إليكم بذلك، فنعم الرجل لهذا المكان أو كما قيل (الرجل المناسب في المكان المناسب) وبدأت الدعوات من الصغير والكبير والألسن تلهج وتدعو الله لكم بالتوفيق وان يجعلكم خير من ولي هذا الأمر. نقدر لكم حجم العمل الذي تقومون به والجهد الذي تبذلونه للسير بهذه السفينة ليس إلى شاطئ الأمان - كما يقال - بل إلى شاطئ الرفعة والرقي والتقدم وتذليل الصعوبات التي تقف أمام هذه السفينة لتوقف سيرها ولو للحظات. معالي الوزير.. نعلم أنكم وصلتم إلى هذه المكانة بجهدكم وكفاحكم ولولا قدرتكم وكفاءتكم لما اختاركم ولي الأمر - حفظه الله - لذلك، فنعم الاختيار وصادق الدعوات له ولكم بالتوفيق. إنكم وصلتم إلى رأس الهرم أي القمة ويحق لكم ذلك فالمنافسة الشريفة أوصلتكم إليه. إنكم في قيادتكم الحكيمة لهذه الوزارة تستطيعون أن تصعدوا بكل إنسان يعيش على ارض هذه البلاد المباركة والشريفة إلى القمة معكم وأن ينعم وبكل هدوء بالراحة والسكينة من عناء الجري وراء من يستطيع أن يوصل له حقوقه ومتطلباته المشروعة التي كان على وزارتكم أن توصلها إليه دون أي عناء، وهذا هو منهجكم الحقيقي الذي يراه ويلمسه الجميع، أو أن تبقوه في القاع يكافح ويكافح للوصول ولو إلى شيء يسير من حقوقه على وزارتكم وقد لا يصل إلا إلى اليسير أو إلى لا شيء. معالي الوزير.. لا يخفى على معاليكم قيمة وزارتكم الاجتماعية وتأثيرها في كافة أفراد المجتمع، فهي كالدم في الجسم لا يوجد عضو أو جزء من عضو ألا ولها فيه عروق مغذية فإما أن تدفع إليه حاجته من الدم والغذاء وإما أن تصيبه بالهزال والضمور. معالي الوزير.. كم من وكيل لديك في الوزارة وكم من مدير مكتب وكيل وكم من مدير عام ومدير إدارة ومدير ورئيس ومشرف وموظف وسائق وفراش وغيرهم وغيرهم..؟؟ قد تكون - يا معالي الوزير - تحيط علما بكبار الموظفين في وزارتك وكفاءتهم وأدائهم أعمالهم اليومية ولكن هل تحيط بكيفية معاملتهم للناس وتعاملهم مع صغار الموظفين الذين هم في اسفل الهرم الوظيفي الذي أنت في أعلاه تجتهد وتجتهد وهم يقبعون في قاعه يجتهدون أيضا ويجتهدون.. ولكنهم صغار مهما اجتهدوا؟ كم بينك - يا معالي الوزير - وبين من في القاع من منصب وكرسي؟ هل يصل من خلال هذه المناصب والكراسي ذلك الاجتهاد باسمه؟ هل له أن يطرح فكرة تؤثر في الوزارة وخططها، أو هل له أن يبدي رأيا أو أن يطلب حقا ويصل إليه بسهولة؟ قد يكون نعم. ولكن أمامه مشكلة يأمل أن يتغلب عليها وهي روتين الوصول وعثرات الوعود ممن هم أعلى منه، وأبواب التسويف وكلمات التخويف والقلق من الانتقام.. وغيرها.. مما يقف أما الصغار ويكون حجرا يمنع ويوقف الإبداع والعطاء؟ معالي الوزير.. هل تتذكر كم مرة في العام اجتمعت فيها بالمديرين العامين أو بمديري الإدارات أو المديرين، غير الوكلاء الذين تتصبح بهم كل يوم ولا ترى من بعضهم إلا المجاملات التي لو تخلى عنها لكأنه نسي ولم يتناول أحد وجباته اليومية، هل اجتمعت بهم وناقشتهم شخصياً عن أوضاع إداراتهم وعما يعانون منه مما يعطل أو يؤثر في سير أعمالهم؟ هل يمكن أن تفعلها مستقبلاً رغم ارتباطاتك الكثيرة ولو مرة واحدة كل ثلاثة أو ستة أشهر ولو في العام مرة واحدة أو في العامين؟ كم ستكون مؤثرة وتعطي من الطاقة للجميع. معالي الوزير.. هل نظرت إلى الوزراء الآخرين في وزاراتهم كيف يتحركون ويتفاعلون مع كبار الموظفين وصغارهم ويخططون وينفذون؟ ألا يكون هذا دافعا للمنافسة والسعي إلى التفوق؟ أنظر إلى زياراتهم لدوائرهم الصغيرة والكبيرة في بلادنا المتناثرة أطرافها التابعة لوزاراتهم وكيف يقابلون موظفيهم ويمازحونهم ويلاطفونهم دون عناء أو كبرياء أو تكليفهم ما لا يطيقون للإعداد لزيارة رسمية مكلفة جهداً ووقتاً ومادة الوزارة في أمس الحاجة إليها؟ هل سألت نفسك الكريمة كم فعلت ذلك من مرة منذ توليك الوزارة؟ وهل هناك جدول لهذا النوع من الزيارات في مشوارك الوزاري؟ أعتقد لأني من عامة الناس واشعر بما يشعرون به انك لو فعلتها مرة واحدة لتناقلها الناس كافة بأنها بطولة تقوم بها مرات ومرات وليست مرة واحدة، ولأنتجت ثمارا لا يقدرها أحد ولجنى الجميع من هذه الثمار وتذوقها. هل تتصور وقع تلك الزيارة حتى لو لم يتم اتخاذ أي قرار فيها.. فقط الزيارة، بشرط الابتعاد عن الرسميات والشكليات واصطحاب الأعداد الهائلة من المجاملين الذين يحاولون قلب الحقائق دائماً وإظهارها خلاف حقيقتها، أو الذين يبتسمون أمامكم ويكشرون من خلفكم؟ هل اتصلت يوما ما ولو عشوائياً بأحد موظفي وزارتك في أي منطقة أو مدينة أو هجرة ولو هاتفياً وشحذت همته للعمل وسألته بصراحة عن وضعه وإدارته ولو للتشجيع ولرفع القدر؟ معالي الوزير.. في وزارتكم وفي كثير من الوزارات مديرو إدارات ومديرون ورؤساء أقسام طالت مدتهم في مراكزهم مما يجعلهم يمارسون عملهم للعادة وليس للإنتاج والتطوير وإعطاء العمل حقه، بل انهم من فرط التعود يمارسون العمل بكل برود، ومنهم - كما تعلمون - من له اكثر من عشر سنوات أو عشرين سنة وبعضهم قد يبقى في مركزه حتى التقاعد رغم أنك أنت لا تبقى في مركزك ولو ربع مدة بقائهم في مراكزهم. ألا يرى معاليكم أن في تغييرهم وتحريكهم إعطاء مجال للإبداع والتغيير وتجديد الدماء وتجديد الأماكن، وفي هذا أيضا تحجيم وتقليل من أمر الواسطة التي تشكل وباء في كل دائرة من الدوائر؟ معالي الوزير.. الكثير من أبناء الوطن لا يعرفون أسماء الوكلاء الكثر الذين يجلسون للعمل في الوزارة الجليلة وذلك لقلة ما نراهم في الواقع أو الصحف أو الزيارات في حالة انشغالهم في أمور أخرى.. ألا يمكن أن يقوم الوكلاء أو أصحاب المراتب الرفيعة في الوزارة بجولات مفاجئة حتى لو كانت دون محاسبة أحد فإنها تدفع العمل إلى الأمام وتؤدي إلى تجديده وستكون منهجا لصغار المديرين لتلافي آثار الزيارات المستقبلية المماثلة؟ معالي الوزير.. اعتذر عن هذه الأسئلة ولكنها دليل الصراحة بمعناها الحقيقي. معالي الوزير.. الجلوس مع النفس ساعة واحدة في الأسبوع مثلاً وإعطاء الخيال فيها راحة للتحليق في سماء التذكر والتفكر والتفكير في الأمور الصغيرة والكبيرة المتعلقة بالعمل في كل أنحاء الوزارة أو التي تخص صغار الناس وضعافهم ممن لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بوزارتكم وهم كثر، هو دافع ليس لك فقط بل لوزارتك كلها للتجديد والتجدد وإعادة الحيوية العملية لها. معالي الوزير.. ألم يحدث أن سألت هذا السؤال: لماذا تكثر الكتابة في الصحف عن إدارات الوزارة المنتشرة في أنحاء بلدنا الحبيب؟ ولماذا تكثر التساؤلات؟ ولماذا لا يرد مديرو الدوائر المعنية على تلك التساؤلات..؟ معالي الوزير.. نعلم أن في كل دائرة مكتب للعلاقات العامة وأن الدولة - حفظها الله - قد أوصلت الصحف إلى مكاتب المديرين وبالمجان.. فلماذا لا يقرؤون ما يكتب عن إداراتهم وتقصيرها ويقومون بالرد عليها لإيضاح الأمر للجميع؟ ولمَ لا تكون هناك جهة في الوزارة مختصة بمتابعة هذه الأمور مع مديري الدوائر المعنية؟ ولمَ لا تكون هناك مصارحة ومكاشفة وشفافية مع المجتمع؟ إننا نتمنى النجاح للجميع ولم نكتب ذلك إلا لهذا الرجاء. معالي الوزير.. بلادنا الحبيبة واسعة ومترامية الأطراف وتحتاج إلى جهود جبارة لخدمتها ولا تطلب منكم عصا موسى - عليه السلام - للتغيير والإنتاج ولكن تتمنى أن تكونوا عند حسن ظن ولي الأمر الذي ولاكم هذه المهمة الصعبة وألا تكونوا ممن قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم من ولي أمراً من أمور المسلمين فشق عليهم فاشقق عليه) ولا ممن قال فيهم: (إذا اسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) فأنتم ستكونون مع الإصرار والإخلاص وتقوى الله - عز وجل - من أهله - إن شاء الله - فإن الأجر من الله - جل وعلا - مضاعف لكم إذا كان الإخلاص {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}. أخيرا يا معالي الوزير.. الإعلام - معالي الوزير - يرضي الجميع فنتمنى أن نرى لكم ظهوراً في الإعلام تتحدثون فيه عن الإنجازات التي قدمتها الوزارة وعن الخطط المستقبلية للتطوير وعن أداء الوزارة وعن التعديلات، وعن طرق الوصول إلى مديري الدوائر التابعين للوزارة والذين قد جعلوا على مكاتبهم حرسا متخصصا ويتفنن في (تصريف) المراجعين وغيرهم. ختاما معالي الوزير.. اقدم لكم أطيب اعتذاري فقد أكون تجاوزت بعض الخطوط ولكنها المصارحة ان لم تجدها من الخاصة فلابد أن يصارحك بها أحد يوما ما ولقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة.. ) ونحن نعلم أنكم تقومون بعملكم خير قيام دون تقصير أو ملل ولكن قد يكون هناك بين الآلاف من الموظفين التابعين للوزارة من يحتاج إلى تقويم وتوجيه فإن نقصه وضعفه في العمل والإنتاج ينسب إلى وزارة معاليكم إن لم يكن لكم شخصياً. هناك الكثير ولكن الإطالة قد تجلب الملل ويكفي في ذلك التلميح فهو مفتاح الأمور.. نسأل الله لنا ولكم ولولاة أمورنا التوفيق والنجاح الدائم، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء وأن يجعل كيد من أراد بها سوءاً في نحره.. إنه ولي ذلك والقادر عليه. * الوزير المعني هو كل وزير في حكومتنا الرشيدة.