ورد عند البخاري، عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين وفي رواية اخرى فاقدروا له،وورد عند مسلم قريبا من هذا الشهر هكذا وهكذا، ثم عقد إبهامه في الثالثة وقال: فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين . واذا تتبعنا احاديث رؤية الهلال في كافة كتب الحديث فانها تذكر على وجه الخصوص شهر رمضان او شوال او شعبان، فعلى سبيل المثال لا الحصر، عن عبدالله بن ابي قيس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان مالا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان فإن غم عليه عد ثلاثين يوماً ثم صام . هذه الاحاديث الواردة كلها بشأن رمضان خصوصا ولا يقاس عليها بقية الاشهر لكي نكمل الشهر ثلاثين يوما وذلك لخصوصية رمضان وحاجتنا الى اتخاذ قرار سريع حاسم لان الصوم يبدأ من اول الشهر ولا مجال للانتظار او التأجيل فكان هذا القرار الحاسم الصادر عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يذهب الشك وتطمئن اليه النفس، ولكن هل لنا ان نقيس هذا على الشهور الاخرى؟ الجواب يكمن في حاجتنا الى التعجيل في معرفة بداية الشهر كما في رمضان وما يترتب على ذلك من عبادات، فشهر ذي الحجة فيه تؤدى فريضة الحج ولكن ليس في يومه الاول، فيوم التروية وهو سنة يكون في اليوم الثامن منه،ووقفة عرفات في اليوم التاسع منه، معنى هذا ان عندنا فسحة لا بأس بها لاثبات بداية الشهر، فان غم في اليوم الاول او الثاني فبامكاننا الانتظار، ولكن لو استمر الاغماء مدة اطول، عند ذلك يمكننا ان نستعمل القياس ونطبق الحديث الشريف فنكمل الشهر ثلاثين وكذلك بالنسبة لشهر المحرم وتقدير صيام العاشر منه، وقد يسأل سائل كيف نحسب دخول الشهر اذا تريثنا عدة ايام ننتظر كشف الغيم؟ قال بعض اهل العلم: ان الرواية الثانية للحديث فاقدروا له خاصة بالعلماء الذين بمقدورهم استعمال الحساب او اية وسيلة من وسائل المعرفة التي لا يتطرق إليها الشك باستعمالها، ففي الدراسات الفلكية ذكر ان الفرق بين غياب الشمس والقمر في اليوم الاول في مدينة كالرياض مثلا، يتراوح بين 8 12 دقيقة وذلك حسب فصول السنة اي يمكن للفلكي حساب الوقت بدقة حين يعرف خط الطول ودرجة العرض والفصل ثم يصبح فارق التوقيت 52 دقيقة لسائر الايام اي ان مدة غروب القمر تزيد عن اليوم السابق 52 دقيقة ولهذا فالهلال الذي يغيب بعد غياب الشمس بستين دقيقة او اكثر بعدة دقائق يكون ابن يومين والذي يغيب 60+52 = 112 دقيقة يكون ابن ثلاثة ايام نلاحظ فرق الغياب بين ابن ليلتين وابن ثلاث انه كبير وهذا يمنع الوقوع في خطأ التقدير كما يجعل هلال اليوم الثالث متميزا بارتفاعه عن هلال اليوم الثاني، وهذا ما كان يدركه ابن الصحراء بالرؤية من الخبرة والمشاهدة. هذا مجرد اقتراح بالنسبة لغير شهر رمضان، لان الموقف محرج اذا اكملنا الشهر ثلاثين اذا غم الهلال ثم تبين في اليوم التالي ان الهلال غاب بعد ساعة من غروب الشمس، معناه انه ابن ليلتين لا ابن ليلة وبالتالي فان امامنا فسحة للتصحيح لاننا لم نشرع بعد في العبادة, والله الموفق.