في الاسبوع السابق تطرقنا الى خرافة الخصوصية او السرية في بعض الوسائل التقنية والالكترونية وذكرنا البريد الالكتروني والاتصالات، واليوم نكمل الموضوع بذكر بطاقة الائتمان وأدلة الهواتف المتوفرة في الانترنت. أما بطاقة الائتمان أو الكردت كارد فلم تسلم هي الاخرى من لصوص المعلومات اذ تباع المعلومات الخاصة بالأفراد وتشترى بأبخس الاثمان. ولا يهمنا هنا سرقة معلومات البطاقة لاستخدامها في الشراء وهي قضية تقع تحت موضوع الاحتيال Fraud ولكن لحسن الحظ أنه يمكن مساءلة الشركة المصدرة للبطاقة عن اي عملية لم يقم بها المستخدم الحقيقي لمعرفة المستخدم المحتال وارجاع القيمة للمستخدم الحقيقي. أما المعلومات التي تعطيها هذه البطاقة الامينة للآخرين فهي كثيرة جدا وبواسطتها يعرف أصحاب الشركات المصدرة لهذه البطاقات ما تلبسون وما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم، فمثلا عندما تدفع قيمة شيء في المطار فيعرفون انك في المطار تنتظر الاقلاع وعندما تشتري بضاعة او وجبة اثناء الوصول الى دولة اخرى يقولون الحمد لله على السلامة فقد وصل صاحبنا مطار كذا وكذا تذهب إلى الفندق وتدفع قيمة الغرفة يقولون إن فلانا نزل في فندق كذا وكذا وعندما تذهب الى ماكينة الصراف في موقع معين يقولون ان الكاش الذي معه قد انتهى وهو في الموقع الفلاني وهكذا. وكذلك من قراءة فواتير البطاقة الشهرية يعرفون ماذا تحب من الاطعمة والالبسة والمراكب وغيرها، وقد تتعجب من معرفة بعض الشركات لاسمك وعنوانك وحتى معرفتهم للاشياء التي تحبها والاشياء التي لا تحبها وذلك من خلال كمية الدعايات والرسائل التي تصلك في البريد بشكل يومي من هذه الشركات عن الاشياء التي تحبها وترغبها، وطبعا هذه الشركات قرأت فواتيرك فعرفت ماذا يجب ان ترسل لك، ولحسن الحظ او لسوئه اننا هنا في المملكة لم نصل الى المستوى الذي وصل اليه العالم في كثرة استعمال بطاقة الائتمان او في مستوى خدمة البريد. ولو كان كذلك لرأينا كيف تكون كمية الرسائل اليومية التي ترد الينا من هذه الشركات باسم كل فرد من افراد العائلة ليرسلوا له الدعايات والإعلانات الكثيرة عن البضاعة التي يريد. والآن دعنا نعرج على ادلة الهواتف الموجودة على الانترنت فما هو معروف ان كثيرا من شركات الاتصالات العالمية وضعت ادلة الهواتف والعناوين الخاصة بالمشتركين على الانترنت ليسهل وصول الناس اليها بدون ازعاج موظف السنترال عن رقم معين. وهناك قصة في هذا الجانب حصلت لي شخصيا اذ استأجرت أحد البيوت في بريطانيا بعد أحد الساكنين البريطانيين وقد كان صاحبنا هذا لا يدفع الفواتير ولا يدفع قيمة المشتريات الآجلة وقد خرج من البيت بدون ان يخبر هذه الشركات التي تطالبه بسداد هذه الفواتير والمشتريات بتغيير عنوانه لديها. وقد ازعجني كثرة الرسائل اليومية التي تأتي باسمه وازعجني كذلك كثرة زيارات محصلي الديون من هذه الشركات التي تطالب بسداد ديونها وبحثت عن هاتفه الجديد في دليل شركة الاتصالات على الانترنت. وبالفعل فبعد كتابة اسمه اظهر البحث هاتفه الجديد وهواتفه السابقة وعنوانه الجديد وعناوينه السابقة، فاتصلت عليه وذهل لما عرف انني قد اخذت عنوانه ورقمه من الانترنت، وبعدها اخبرته بأنني سأخبر هذه الشركات بعنوانه الجديد إن لم يغير عنوانه لديهم، وبعدها وقفت سيول هذه الرسائل وزيارات محصلي الديون لي. وختاما فإنه في هذا العصر صارت معلومات الاشخاص وخصوصياتهم واسراراهم بفضل التقنية الالكترونية وتقنية الاتصالات مكشوفة للكثير من البشر وصارت الخصوصية والسرية ضربا من المحال. ورحم الله أبا العتاهية لو كان حيا لقال: إذا خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي كثير.