إن الكاتب يلتمس العذر للجواهري، في امر لا عذر فيه إسلاميا ,, لأنه شرك, واستمعوا إلى الشاعر يقول في ص205: بعلقمة الفحل أزجى اليمين إني ألذُّ بمرّ الجنى ومبرر الكاتب أنه: تقدير عال,, من الجواهري لهؤلاء الشعراء الأفذاذ ، ونقول للشاعر وللكاتب، هذا الكلام مرفوض، ولا رخصة فيما يعارض العقيدة الاسلامية السمحة, والتماس الأعذار الواهية,, ضرب من العبث السقيم,! وفي (ص209) يقدم إلينا المؤلف بيتا من معلقة زهير بن أبي سلمى، هو قوله: ومن لم يصانع في أمور كثيرة يضرّس بأنياب ويوطا بمنسم ويشرح الكاتب معنى المصانعة بأنها: المداراة والمنفعة المتبادلة كأن تصنع عملا لأحد بهدف ان يُكافئك بمثله وما أراه,, أن المصانعة هي المداراة فنعم, اما ما ذهب إليه الكاتب من تفسير، كالمنفعة وما نسميه المصلحة ، فبعيد ودون همة الشاعر الذي نعرفه، وشهد له الكبار، وفي مقدمتهم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان يعجب بشعره، وكان يقول في زهير: إنه لا يمدح الرجل إلا بما فيه، وانه لا يتتبع حوشي الكلام , والذي قاله المؤلف، فإنه من حوشي الكلام والزاد الرخيص، الذي دون تطلعات ذلك الشاعر المتميز الجاد, وأوشك ان أقول إن الاستاذ زاهد زهدي,, لم يدرس ابن ابي سلمى كما ينبغي، وإلا لما قال ما قال من تعبير بعيد عن همة ورؤى الشاعر الجاهلي,, الذي يفرض عليك احترامه والاعجاب بشعره!. في (ص212) يسوق المؤلف أبياتا، يقول إنه عارض بها قصيدة الجواهري يا دجلة الخير وعند إلقائها بحضور ابي الفرات، لامه في إغفال ذكر أبي الطيّب المتنبي، حيث احتفى زاهد,, بالبحتري وبشار، مما دفع الاستاذ زهدي إلى ذكر المتنبي في بيت يقول فيه: البحتري وبشار وثالثهم ابو محسَّد راحوا وهو يحييه وهذا البيت,, عبارة عن نظم وهو كذلك هجاء، وهو ضعيف البناء والمعاني، والتكلف فيه ظاهر، وعبارة عن تجميع ألفاظ بلا معنى, ويعلق السيد زاهد,, بعد الاضافة,, التي أتت على ذكر المتنبي، انه ذكر المتنبي وفاء لأبي فرات الجواهري, وهذا القول يدين الكاتب، لانه يعني,, ان المتنبي لا يشغله، أو لا يستحق منه الذكر والاحتفاء والاشادة, وهذه سقطة تحسب على صاحب هذا القول!. نعود إلى التكرار، وهو من قبيل الحشو الزائد, فنجد في ذيل (ص227) إلى (ص232) الاشارة إلى المتنبي في شعر الجواهري، ثم نقرأ قول المؤلف في (ص228): أما الاوصاف الخاصة التي خلعها الجواهري على ذلك الشاعر العظيم، فإن لها موقعا آخر سيكون حيث نتناول القصائد الكاملة التي خص بها الجواهري بعض شعراء العهد العباسي ومنهم، المتنبي في شعر الجواهري, وأقول: لماذا هذا التكرار؟ ولماذا هذه الاطالة المملة؟ ولماذا لا يكون الحديث عن كل شاعر ورمز ذي قيمة,, في باب واحد وصفحات متتالية، بدل هذه - المطوحة واللت والعجن ، كما نقول في امثالنا السائرة!؟ لقد مررت بأربعين صفحة، من: (191 231),, في ذكر الشعراء الاعلام,, في شعر الجواهري، ثم بدءاً من (ص233)، نجد الشعراء,, الذين خصهم الجواهري بقصائد كاملة، منهم المتنبي والمعرّي والبحتري، وقد ذكروا في المقتطفات,, حسبما جاء ذكرهم في قصائد الجواهري, فلماذا الاطالة والتكرار الممل, وقد اخذت المساحة الاخرى (34) صفحة، وقد أضيف إليهم شعراء آخرون، منهم بشارة الخوري، وقد ذكر في المقتطفات!؟ أكبر الظن,, أن هذا الكتاب لو سلم من التكرار، لكانت صفحاته لا تتجاوز الاربعمائة صفحة، بدل (584) لو غربل كما ينبغي، واستبعد منه الحشو,! في (ص234) يذكر المؤلف ان ثمة ست قصائد,, لشعراء من العراق، منها ثلاث للشاعر الكبير معروف الرصافي، وأتساءل: لماذا ثلاث قصائد تساق عن الرصافي، والدراسة تختص في هذا الكتاب بالجواهري؟ أليس هذا زحمة ورص شعري بلا داع، وهو الذي يصفه المؤلف بمنهج رسمه!, والذي لم يعجبني في توجه المؤلف,, هو قول السيد زاهد: وتجدر الاشارة إلى انه من بين الشعراء الاربعة من مواطنيه يعني الجواهري في العراق لا يوجد سوى عربي واحد هو محمد صالح بحر العلوم، إذ ان الزهاوي كردي من قرية زهاوة والرصافي منحدر من اب كردي، اما بي كه س فشاعر كردي يكتب الشعر باللغة الكردية، انتهى كلام المؤلف, والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذا التصنيف؟, ولماذا هذه النعرة والعصبية؟ ألم يقرأ أو يسمع الاستاذ زاهد قول من لا ينطق عن الهوى,, صلى الله عليه وسلم: سلمان منا آل البيت , ولم يقل عليه السلام الفارسي!,, والفاروق عمر الملهم رضي الله عنه قال: أبوبكر سيدنا أعتق بلالا سيدنا,!، ولم يقل: بلالا الحبشي!, ويقول عليه السلام: كلكم لآدم وآدم من تراب ، وهو الذي يقول عنه شاعره الأثير عنده إلى النخاع: طين خبيث ! ترى الجواهري نفسه,, من أي نفيس المعادن صيغ وتكوّن واصطفاه خالقه، حتى يزدري الطين الذي هو منه؟,, أي منطق يا دكتور زهدي؟ بل اي جاهلية هذه التي ترددها انت وصاحبك الشاعر الفحل؟ ثم لماذا يعاب على الامريكان في التفرقة العنصرية؟, عيب ان نسمع هذا وان نقرأه,, ونحن في اوج الحضارة وازدهارها، ومن رجل يحمل أكبر الشهادات,, وأي عيب!؟ من القصائد التي قالها الجواهري في البحتري (ص238): مدّت بنو العباس كف مطاول فمشى الزمان لهم بكف مغوله ومنها قوله: فتعلمن ان الزمان إذا انتحى شهب السما كانت مداس خيوله إن شطر هذا البيت رديء,, لا ذوق فيه ولا أدب خطاب!, إن تلك الشهب التي اهانها الشاعر الجواهري، او الصفائحي، سماها الحق مصابيح، وذكر الكتاب العزيز ان الله زيّن بها السماء الدنيا، وأنها رجوم للشياطين، ولعل منهم بعض الشعراء,, الذين هم في كل واد يهيمون!, أي أدب هذا وأي خلق يسيغ هذا العبث والبهتان والقول الفائل!. وفي (239) نقرأ بيتا للمتنبي هكذا: وإذا كانت النفوس عظاما تعبت في مرادها الأجسام والصحيح: وإذا كانت النفوس كبارا وكلمة كبار,, أروع وأبلغ لفظا ومعنى,! وأعجبني الشعر الذي ساقه المؤلف، والذي قاله الجواهري,, في شاعر الامة العربية عبر تاريخها أبي الطيب المتنبي، مثل قوله: أيها المارد العظيم وقوله: يا صليبا عوداً، سابح الذهن، شريد العينين بين الغمائم ، وقوله: تحدّ الموت واختزل الزمانا فتىً لوّى من الزمن العنانا ولم يعجبني صدر البيت التالي: لأنه ركيك، وكلمة خبط قلقة، وعجزه جيد. فتىً خبط الدنا والناس طرا وآلى أن يكونهما فكانا ورائع قول الجواهري في صاحبه المتنبي: ولما استيأسوا من مستميت فلا أرضا أراح ولا ضعانا أثاروا خلف رحلك عاديات صباحا تستفز الديدبانا فكنت الحتف يدركهم عبيدا وأربابا إذا استوفى وحانا وإن كان لم تعجبني كلمة استوفى لانها نافرة,, وليست في موضعها، وليست شاعرية, والشعر الذي قيل في شيخ المعرة من القصائد الجياد المتميزة. وأنا مع المؤلف في عدم رضاه عن مطلع قصيدة الشاعر,, في تأبين الشاعر الكبير أحمد شوقي, ولعل لتسكين القافية نصيبا في ثقل المطلع, وبقية القصيدة شعر حي نابض، يليق بأمير الشعراء, وكذلك الحال,, في الشعر الذي قاله الجواهري في شيخ المعرة لائق ومنصف له وجميل. وشعر الجواهري في شاعر النيل حافظ إبراهيم اكثره فاتر، وهذا النمط من القريض,, ما يتكلفه الشاعر، يقوله ونفسه ليست مهيأة لان تجيد وتبدع، فينسج تراكيب فيها نفور وثقل، فيصبح الشعر نظما غير محلق، وغير رائع. وانظروا إلى مطلع قصيدة الشاعر في رثاء حافظ إبراهيم، ترونه فاترا، والمطالع عناوين القصائد الجياد وغير الجياد, ويمكن ان يكون تعبيرا ابلغ,, لو كتبه ذو بيان!. نعوا إلى الشعر حرا كان يرعاه ومن يشقُّ على الأحرار منعاه وحتى البيت التالي وما بعده، شعر غير حي، لانه لايهز قارئه، ولا يشجيه, واقرأوا قوله: واستدرج الكوكب الوضاء عن افق عالي السنا يُحسر الأبصار مرفاه حوى التراب لسان كله مُلح ما كل محترف للشعر يُعطاه للأريحية منشاه ومصدره وللشجاوة والإيناس حدّاه تخير الكلم العالي فسلطه على القوافي فحلّاها وحلاه شعر تحس كأن النفس تعشقه أو أنها اجتذبت بالسحر جرّاه ريع القريض بفذ كان يملأه من الجميلين مبناه ومعناه أجل,, لو ان ناثرا بارعا كتب، لكتب اجمل من هذا النظم,, المتكلف الركيك، وحينما مررت بقول الشاعر: للأريحية منشاه ومصدره، تذكرت ايام كنت في الجمارك، وتمر بي معاملات منها: شهادة المنشأ، ومصدر السلعة! ان هذا النظم,, لا يليق بالقائل ولا بمن قيل فيه! وما كان ينبغي ان يقدم في كتاب الاخ زهدي، ومع ذلك,, فهو يقدمه ويقول في (ص250): ويشير الجواهري باعجاب شديد إلى شعر حافظ , والاعجاب في تقديري يولد اعجابا، وهذا ما لم نلقه في كلام الجواهري، ومن الغريب والمؤسف,, ان يقول المؤلف، وكأنه يغالط نفسه او يسرح بالقارئ,, ليزيّن له نظما,, لم يرق الى مستوى الشعر النابض، ولا يليق ان ينسب إلى الجواهري، لانه دون ما ينبغي ان يكون وان يقدم!, يقول المؤلف: ويختتم الجواهري مرثيته لحافظ بأبيات رائعة معبرة، تجعلنا نعتقد أن القصيدة بكاملها كانت أعلى جودة في مراتب الشعر, وكلمة نعتقد التي اتكأ عليها المؤلف,, ضرب من المغالطة، فإذا كان واثقا مما يقول، كان ينبغي ان يجزم ويؤكد,, ما يعتقد، وإلا فلا قيمة لهذا الاعتقاد المهزوز، والشعر او النظم امامنا لكل ذي بصيرة، ليسلط عليه مواصفات الجودة والرداءة!, والابيات التي قال عنها الكاتب رائعة هي: ما انفك ذكر الردى يجري على فمه وما امرّ الردى، بل ما أحيلاه ومن تُبرّح تكاليف الحياة به ويلمس الروح في موت، تمناه إني تعشقت من قبل المصاب به بيتا له جاء قبل الموت ينعاه نعم هذه الابيات الثلاثة الخاتمة,, أفضل من سابقاتها، ولكنها لا ترقى إلى الروعة,, التي عناها المؤلف!. وقصيدة الشاعر الجواهري في إلياس أبو شبكة ، ضرب من الشعر المتكلف، فالعاطفة فيه ليست جياشة، وهو نائم إن صح هذا التعبير، لانه لا يهز قارئه ولا يثيره، وليس هذا نفس الشاعر,, الذي نعرفه, والمؤلف يؤكد ذلك في تعقيبه! يقول الجواهري: أخي إلياس ما أقسى الليالي تنيخ بكلكل وتقول مالي تسمّعُ إذ تصامم للنجاوى وتهمس إذ تخارس للنّمال وتفرشنا أماني من حرير وفي طياتها سم الصِّلال وتدنينا وتبعدنا وتلهو بنا لهو العواصف بالرمال ونلمسها وتلمسنا عَيانا وتمرق مثل طيف من خيال كنت أود من الاخ زهدي,, ان يمدنا بشيء من قصيدة الرصافي، التي بعث بها إلى الجواهري، ردا على قصيدته,, أجب أيها القلب (ص254)، وذلك ليكتمل العقد النظيم,, في هذه الدراسة!. الفصل الخامس وأدلل على التكرار المتجدد عند المؤلف، فهو في (274) ساق بيتين من قصيدة للجواهري هما: لقد خبروني ان في الشرق وحدة كنائسه تدعو فتبكي الجوامع هبوا أن هذا الشرق كان وديعة فلابد يوما ان ترد الودائع وفي (ص285) ينقل الكاتب بيتين من القصيدة نفسها، احدهما الثاني هنا، والبيتان التاليان هما: وقد خبروني ان في الهند جذوة تُهاب إذا ما يمنع الشر مانع هبوا ان هذا الشرق كان وديعة فلابد يوما ان ترد الودائع وأنا لي تحفظ على قول الشاعر في بكاء الجوامع، لأنها بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، كما جاء في الكتاب العزيز, وليس ثمة وحدة دينية,, بين المسلمين والمسيحيين كما قال المؤلف ذلك أن المسيحيين يقولون بالتثليث ، ولا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا للناس كافة، فالذين يكفرون بمحمد، لا تجمعنا بهم وحدة دينية، ونقول كما قال الكتاب العزيز: لكم دينكم ولي دين , وكنت اود ان يبعد المؤلف عن الخلط,, ولاسيما فيما يمس العقائد، إذ لا يفتي في ذلك إلا اهل الذكر المختصون!. لقد مررت في قراءتي لكتاب الاخ زهدي,, بالكثير من جياد قصائد الشاعر الكبير,, الجواهري، وأعجبت بها, وأنا قد قرأت شيئا من شعر الشاعر في ديوانه، ذي المجلدات الثلاثة الكبيرة، فأطربني وهزني جيده، وإن وقوفي على ابيات ضعاف,, مما جمعه الاستاذ زهدي، هي إشارات، لان المؤلف,, تجاوز عنها، ولم يتوقف عندها، ولان الشاعر أثير عنده، فالكاتب,, ربما ترك للقارئ ان يكتشف بنفسه الشعر القوي والمتوسط والضعيف، غير اني أرى,, ان امانة الدارس، ان يدل على ذلك، كما يشيد بروائع الشاعر، واعترض كذلك,, على بعض تسمياته روائع لشيء من هذه الاشعار,, لا ترقى إلى الروعة، وقد اشرت، وأنا عابر وعابر، وكأن بين عيني تلك المقولة الباقية: ومن الحب ما قتل !. وأتوقف عند ابيات,, في ص (287) من قصيدة الشاعر التي نظمها في عام 1957، تضامنا مع شعب سورية يقول الشاعر: بكرت جُلق ترمى كسفاً من أواذيها وتزجي دُفعا الشباب الحي ما أعظمه دافعا شيب الحمى مندفعا أمة سوف تُري خالقها أنها قد خلقت كي تبدعا تصنع المعجز، شتى أمرها كيف لو حم لها ان تُجمعا إن المناسبة التي أنشئت فيها القصيدة، حالة ثورة، وهو اختطاف بعض مجاهدي الجزائر، ابن بلا ورفاقه، وكان ينبغي ان يكون الشعر الذي يقال في هذا الموقف براكين وحمما!, وأوشك ان أذهب بعيداً، إلى ان الشاعر الكبير، لم يعن بشعره,, في الامة العربية وإحنها إلا في مناطق محدودة ضيقة، لا تتجاوز اجزاء من الشرق العربي ، اما بقية الامة العربية والاسلامية، فإذا تحدث عنها الشاعر، فليس في قوله عمق، وإنما هو يتكلف ما يقول، كأنه مكره على ذلك، وقد لمست,, ما حملني على الجهر بهذا الرأي، إلا إذا كان المؤلف الاخ زهدي,, لم يغُص إلى اعماق شعر الشاعر، الذي شارك به في هموم الامتين الاسلامية والعربية! غير ان النماذج التي اتى بها,, ضعيفة، والتكلف فيها ظاهر، وقد وقفت عليها وقدمتها,, لتكون شاهداً!. ومن خلال حديث المؤلف في ص (287)، وهو يتعقب قول حسن العلوي ، مؤلف كتاب: الجواهري ديوان العرب ، الذي يرمز إلى ان الفصل الشامي أي الشعر الذي قاله الشاعر في سورية,, يظل ناقصا، إذا لم يدخل فيه لبنانيات الجواهري التي أبدعها فيه , وردا على ذلك,, قدم المؤلف شعرا غزلا جميلا ورائعا وممتعا, وكنت اود وما تغني الودادة لو ان المؤلف، ساق إلينا شعرا من الشعر السياسي,, عن لبنان، بجانب الغزلي، وعلى الاقل او الاخص، قصيدته الرائعة,, في تأبين عبدالحميد كرامي لانها شعر قوي، قليل مثله، وهو باق! في ص(292) قصيدة فلسطينية ثانية للجواهري، أنشأها في دمشق عام 1938، ومناسبتها اشتداد الثورة الفلسطينية، ضد الانتداب البريطاني,, والهجرة الصهيونية ، وشعر هذه مناسبته، اما ان يكون,, في مستوى الحدث، او لا يكون, أما ان يقول الشاعر، ويلفق أي كلام، فهو محسوب عليه، ومطلع القصيدة، وهو عندي عنوانها، ذلك ان الشعراء الفحول,, يعنون عناية متميزة بمطالع قصائدهم,, يقول الشاعر: هبت الشام على عادتها تملأ الأرض شبابا حنقا نادبا بيتا أباحوا قدسه في فلسطين وشملا مُزقا وحتى بقية الابيات من هذه القصيدة التي ساقها إلينا المؤلف، ليس فيها قوة وحمم، وإنما هي كما يقدم إلينا حكاية او قصة، وهذا الدليل: اسمعي يا جُلق إن دما في فلسطين هضيما نطقا عربيا سال من أفئدة عربيات تلفت حُرقا هكذا تعلن صرعى أمة إن شعبا من جديد خلقا ما هي مرامي هذا الشعر الفاتر؟ اسمعي يا جلق، وقد سمعت,, ان في فلسطين دما مهضوما قد نطق, وانه عربي من أفئدة عربية، وإعلان صرعى امة، وانها وجدت من جديد! ماذا بعد ذلك؟,, أيكفي سرد لا يهز أحدا، لكي يهب، من خلال غليان الدماء الفوارة، لتثور ضد المغتصب الباغي، فتملأ الارض رعبا والفضاء لهبا؟! أين المحرك,,, أيها الشاعر الذي تصغي له الاسماع,, إذا أنشد في هذه المناسبات، ليهب الحماة، كمثل صرخة تلك المرأة: وامعتصماه ؟! البون شاسع في الاحوال كلها، حماة وجهادا وتضحية وفداء، فالامس غير اليوم، وغد له شأن,, الله أعلم به!. إن المؤلف,, يعلن في ص(294)، عدم درايته بقصيدة الجواهري: يافا الجميلة ,, إلا عام 1995، يوم حط الشاعر ركابه، ضيفا على الاستاذ عبدالمقصود خوجة في جدة، وانا أقول ان ديوان الشاعر طبع في عام 1980، أي مر عليه خمس عشرة سنة، فهل الكاتب لم يطلع عليها، وإنما كما أعلن انه سمعها من فم الشاعر يوم الاحتفاء به في قصر المضيف العزيز!؟ ويافا الشعر، وأنا لا أعرف يافا المدينة، إلا من الانشاد الاخاذ، وهكذا يكون الشعر، حين يكون دافقا من النفس والوجدان، ينساب,, كأنه سلسبيل، رائع، كأنه درر، وأبهى من الدرر، لانه حي نابض,, وضاء، له ألق من انفاسه ومعانيه، لانه جمال باهر,,, نادر، جذاب: بيافا يوم حُط بها الركابُ تمطر عارض ودحا سحابُ ولفّ الغادة الحسناء ليل مريب الخطو ليس به شهاب وقفت موزّع النظرات فيها لطرفي في مغانيها انسياب وموج البحر يغسل أخمصيها وبالانواء يغتسل القباب *** أقلتني من الزوراء ريح إلى يافا وحلّق بي عُقاب فيالك طائرا مرحا عليه طيور الجو من حنق غضاب ركبناه ليبلغنا سحابا فجاوزه، ليبلغنا السَّحاب ويتساءل الشاعر، وهو لم تختلط عليه الامور، غير ان المتغيرات هي التي لاحت لنفسه ووجدانه، وكأنه لا يدري!, ولماذا كان ما كان؟، ولكنه لا يجد إلا حيرة، تلفه في عقابيلها، ويسمع: هكذا كان، أو هكذا صار, لكن كما قال شاعر تونس الكبير,, أبو القاسم الشابي: ولابد لليل ان ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ونستمع إلى الشاعر يردد في حيرة: أحقا بيننا اختلفت حدود وما اختلف الطريق ولا التراب ولا افترقت وجوه عن وجوه ولا الضاد الفصيح ولا الكتاب وقضية فلسطين الطويلة، ملحمة مأساة,, في الامة الاسلامية والعربية، ونحن نرقب اليوم الذي أتى وعده من السماء، لننتصر على أعدائنا,, ونسترد مقدساتنا وأرضنا إن شاء الله, وعن الاخفاق في انتصار العرب في قضيتهم، وأنا أصاحب الشاعر والكاتب,, في هذه القضية الدامية، وضياع الحق العربي، بناصري الصهيونية، ليعيثوا فسادا في فلسطين، يردد الشاعر الجواهري: وروح من صلاح الدين هبت من الأجداث مقلقة الوساد إن عصر صلاح الدين وانتصاراته، جاءت من روح الجهاد الاسلامي، من نفوس رخصت في سبيل الله، وبيعت الى خالقها، والمقابل غال، إنه الجنة للشهيد، والفخر والعزة للمنتصر, وخشيت ان يعيد المؤلف الكرة، حين أشار إلى القصائد التي قالها الشاعر في شعراء، فيجنح الاستاذ زهدي ليعلمنا، كأننا في عصر جاهلي حديث، ونعرات الانساب والقبيلة الموغلة,, في الحمق والفخر بالجدود, ويوم جاء الاسلام، قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: كلكم لآدم وآدم من تراب . وقال الكتاب العزيز: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)!, خشيت أن يعيد الكرة الكاتب، لينبئنا أن صلاح الدين كردي, نعوذ بالله من نعرات الجاهلية وأوضارها وعنعناتها, والحمد لله الذي أبدلنا بتلك الاعراف خيرا منها وأقوم وأزكى، وهي خير أمة اخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله!, إن الصليبية,, استعانت بالوثنية المغولية، التي دمرت بغداد عام 1258م 656ه، التي اجتاحت الشرق الاسلامي، وهددت الوجود الاسلامي، وقد قدر الله هزيمتها,, في عين جالوت عام 658ه بجهاد المسلمين الأبطال. وقصيدة,, بورسعيد ص(308)، فيها تكلف، وهي اشبه بالنثر الركيك، وزنا وتراكيب كلمات، إنها ثقيلة, والكاتب لم يقرضها، ولم يشر إلى عيوبها! يقول الشاعر: كنانة الله اسلمي إن المنى دونك لغو والحياة باطل كنانة الله سيجلو عاصف ويمحّى ضر ويُثنى واغل كنانة الله اسلمي لأمة أنت لها الغاية والوسائل كنانة الله ولله يد تلوي يد الطاغوت إذ تصاول أهذا شعر ينسب إلى شاعر كبير؟ إن اسقاطه اجدر من الابقاء عليه، سواء في الديوان، او ان يثبته مؤلف,, ليقدمه إلى قارئ,, يقرأ شعراً قوياً رائعاً، يعجب به، ثم يصدم بهذا الغثاء الرديء، على انه شعر,, قاله الجواهري!, وأقول ان البيت الثالث مثلا لو كتبه تلميذ نثراً لرماه له مدرسه، بأنه تعبير يفتقد إلى الذوق وسلامة الطبع، وجمال العربية، اللغة الشاعرة، كما نعتها العقاد! وأتساءل: ما معطيات: اسلمي لأمة أنت لها الغاية والوسائل، و دونك لغو والحياة باطل ؟ لو اتى بهذا العبث غير الدكتور زاهد زهدي لربما هان الامر، ولا اريد ان اتهم المؤلف، بانه احيانا,, يقدم حشوا ,, لا قيمة له، ولا خير فيه، فيشككني في قدراته وذوقه واختياراته، ولا أحد يفرض عليه الاتيان بنظم غير ذي قيمة، لانه يسيء إلى الشاعر! فهل زاهد المحب الوله للجواهري يريد ان يسيء,, إلى من يحب ويؤثر أم ان السرعة، والحرص على توسيع مساحة الكتاب,, وكثرة صفحاته، تدفع إلى هذه الممارسة الرديئة، وغياب الدقة، والجنوح إلى لم وجمع ما يصلح وما لا يصلح؟ وهذا إن صح,, استهجان بقارئ مدرك واع، يميز الغث من السمين، وليس,, كمستسمن ذي ورم! ورحم الله المتنبي القائل: أعيذها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحم في من شحمه ورم وما انتفاع اخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الانوار والظلم يذكر المؤلف، ان الشاعر,, خص طنجة في المغرب، بلد ابن بطوطة,, بقصيدة قصيرة، ولكنه أي المؤلف لم يقدم إلينا شيئا منها, وقد اشرت آنفا إلى ان الشاعر يوشك ان يكون إقليميا ، وليس شاعر وطن عربي!, فحتى ما قاله عن تونسوالجزائر,, لا يمثل القيمة والكم اللذين ينبغي ان يكونا وهو كأنه مدفوع,, بما يشبه الاكراه!, وشاعر الامة الحق، لا يميز مشرقها عن مغربها!. إنني أدرك,, ان الشعر غير السياسة، وإلا فما بال شاعرنا يقدم قريضه هدية إلى مونتجمري ,, القائد البريطاني، وآمال الشاعر الحالم,, في قوم,, لا يخلصون إلا لمصالحهم، ولو كان الشاعر حيا,, لقلت له: إن السياسة غير الشعر والادب! وعجبا ان يساق الشعر إلى قائد انجليزي,, انتصر في معركة العلمين على ألمانيا وايطاليا، في الحرب العالمية الثانية (2) , أذاق العراق والبلاد التي استعمرها قومه المر والحنظل والويلات!. ويا مونتكمري,, لو سقى القول (فاتحا) سقتك القوافي صفوها السلسل العذبا ولو كان ذوب العاطفات بشارة نثرنا لك الاعجاب والشكر والحبا *هوامش (2) العلمين: بلد في غرب الأراضي المصرية على البحر الأبيض المتوسط.