إيهِ يامَيْ.. لقد نكأتِ الجراح !! ذات مساء دلفت إلى غرفتي بقصد النوم، وقبل أن أضع رأسي على السرير.. أحببت أن أجلس في كرسي وانظر ما في طاولتي من الكتب.. وقبل أن أضع يدي على كتاب من الكتب إذا بورقة موضوعة على مكتبي.. أخذتها فإذا هي بأنامل أخيتي الصغيرة التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها، وإذا فيها كلام أجرى دمعي وأحرق فؤادي.. لقد كتبت أخيتي الصغيرة بلغتها المتواضعة ما معناه.. أخي الكبير أنت تعلم أن والدي متوفى وليس لي أب مثل بناتي.. فما رأيك أن تكون أبي.. أختك/ مي. أتمالك نفسي مع يقيني بأني لست سريع الدمعة.. ولكنها هزت المشاعر وحركت الأحاسيس، كيف لا أبكي وأخيتي تشعر باليتم ؟ كيف لا أجري دموعي وصغيرتي تسطر همومها لأول مرة عبر ورقة..؟! هداك الله يا أختاه لقد ذكرتيني بأيام خلت، عندما كان والدي أمامي نتجاذب أطراف الحديث عندما كان والدي يسامرني، عندما كان والدي يعابثني.. لكن هذا قضاء الله وقدره ورضينا به.. أواه أخيتي !! ماذا أقول لكِ وبأي لغة أخاطبك وبأي وسيلة أفهِّمك؟! لقد سألتيني سؤالاً حرت في إجابته فلم أستطع أن أجيب عليه أو كيف أبدأ به (أريد أن تكون والدي).. هي حشرجة في أنفاسها ونبض من فؤادها.. صغيرتي أحسن الله عزائي وعزاءك في والدنا.. وسامحك الله على نكء الجراح. أخيتي: لا أستطيع أن أكون والدكِ ولكني سأتحلى بشيء من عطفه.. سألبس شيئاً من لينه.. لن تحسي بعدها بلظى الفراق.. إن شاء الله.. صغيرتي: لا يسعني إلا أن أمسح على رأسكِ.. وأقبل جبينك فعساني أنجح في رسم ابتسامتك.. لتعودي مع شقيقاتكِ وتقولين أبي موجود.. أبي حاضر. صغيرتي: رسالتك لن تبرح فؤادي ولن تفارق ضميري كيف لا يكون لها ذلك وقد كتبت بالدم القاني؟!! سليمان بن فهد المطلق /بريدة *** فلسطين يأسرني، يذيب قلبي، بل وتهزمني قوتي أمام ضعفي عندما أرى تلك المآسي الدامية وتلك الجثث الهامدة، إنها دماء وجثث الشهداء في فلسطين الحبيبة.. دماء معطرة لها رائحة زكية، كيف لا وهي دماء الشهداء.. آه ثم آهٍ منك أيها الغادر الخائن كم قتلت وشردت وعذبت، طفل يقتل وأسرة برمتها تشرد، وأمهات ثكلى، وأطفال ايتام حرموا جمال الطفولة وحنان الأمومة، شيوخ وكهول أكل عليهم الدهر وشرب لم يراعوا سنهم ولا ضعفهم ولا قلة حيلتهم. مناظر مأساوية تدمي القلب وتنغص الحياة وتنفض النوم عن عيون من يراها فكيف بهم؟ لك الله يا شعب فلسطين، لكم الله يا أطفال الحجارة، لك الله يا بيت المقدس، لكم الله جميعاً، ونعم بالله.. إن الكتابة قد تطفئ شيئا داخلي ولكن يظل الحزن يظلني، ويظل الألم يعتصرني في كل لحظة عندما أرى تلك المناظر الدامية وتلك المشاهد المحزنة على شاشة التلفاز أو عبر الصحف والمجلات.. ماذا دهانا؟ ولماذا نحن العرب خارت قوانا؟ فأصبح الباطل يعلو على الحق في وضح النهار وماذا جنى هذا الشعب المسلم المسالم؟ آه يا فلسطين يا أرض العروبة والإسلام ويا مسرى خير الأنام ماذا دهاك؟ ماذا دهاك؟ إنني أردد ماقاله الشاعر بشيء من الزفرات: ديار السلام وأرض الهنا يحق للكل أن يحزنا فقل لليهود وأشياعهم لقد خدعتكم بروق المنى إي والله إن الحزن ليأسرني ويعصف بي كما تعصف الرياح بأوراق الأشجار.. فأين صلاح الدين من عهدنا الراهن؟ أين هو ليحرر بيت المقدس؟ أين نحن من قوله (والله لا أبتسم حتى أفتح بيت المقدس). لله درك أيها الصالح لا فض فوك قلت ففعلت، ففتحت والله لو أن فلسطين تنطق لنادت بأعلى صوتها مستنجدة بهذا الصالح. فلتصمد أيها الشعب الأبي ولتتسلح بالإيمان قبل السلاح ولتأخذ على أيدي هؤلاء البغاة وسيحق الله الحق بكلماته ولو كره الكافرون. فاللهم كن معهم ولا تكن عليهم - اللهم وحد صفوفهم - واعل كلمتهم - وسدد أحجارهم - وانصرهم على عدوهم. صدى الذكرى