واصلت مدينة الفلوجة التي تحولت إلى ساحة حرب دفن قتلاها. ووصلت أمس الجمعة شاحنة محملة بالجثث إلى مشارف الفلوجة لدفنها وسط مظاهر غضب شديد من القوات الأمريكية التي تقول: إنها قتلت 1200 مقاتل عراقي وأجنبي. ومع تواصل عمليات التفتيش التي تقوم بها قوات مشاة البحرية الأمريكية من منزل إلى منزل واشتباكها من حين لآخر مع فلول المقاومين أصبح التنقل في المدينة صعباً لكن الأمريكيين سمحوا لمنظمات محلية تطوعية بجمع بعض الجثث. ووصلت أكثر من 20 جثة إلى قرية سقلاوية أمس الجمعة وكان في استقبالها نحو 150 رجلاً أخرجوا الجثث من أكياس بلاستيكية خاصة بالجيش في محاولة للتعرف عليها ودفنها وفقاً للشريعة الإسلامية. لكن وسط أسراب الذباب وتعفن الجثث وتحلل بعضها نظراً لمقتل أصحابها منذ عدة أيام كانت عملية التعرف عليها شبه مستحيلة لكن غالبيتها كانت لرجال في سن القتال وواحدة على الأقل ارتدى صاحبها سترة توضع فيها الذخيرة. ويقول قادة عسكريون أمريكيون: إنهم لا يعتقدون أن مدنيين قتلوا في الهجوم على الفلوجة الذي بدأ قبل 11 يوماً. و حفرت بعض الحفر انتظاراً لمجيء المزيد إلى جانب قبور حديثة بها شواهد بسيطة وسط منطقة قاحلة تقع بين أعمدة الضغط العالي. وبعد أداء صلاة الجنازة دعا الإمام إلى الثأر من الأمريكيين وحلفائهم العراقيين الذي يعتقدون أن الهجوم على الفلوجة (قصم ظهر) المقاومة السنية. وطلب الإمام من الله الرحمة وأن يزلزل الأرض تحت أقدام الأمريكيين وتحت أقدام (الصليبيين) وأن يزلزلها تحت أقدام المنافقين الذين يقدمون لهم العون وأن ينصر العراق. وكانت الفلوجة التي فر معظم سكانها وعددهم 300 ألف نسمة قبل اجتياح القوات الأمريكية لها معقلاً للمقاومة ضد الاحتلال الأمريكي وضد الحكومة العراقية المؤقتة التي تدعمها واشنطن. ويخشى البعض في المدينة الواقعة غربي العاصمة العراقيةبغداد وتقطنها غالبية سنية من أن تأتي الانتخابات المقررة في يناير كانون الثاني القادم بحكومة تهيمن عليها الأقلية الشيعية. وأفاد شهود عيان بأن سلسلة انفجارات عنيفة هزت حي الشهداء شرقي الفلوجة وحي الجبيل إلى الجنوب من المدينة صباح أمس بعد قصف للجيش الأمريكي بالدبابات، حيث شوهدت سحب الدخان تتصاعد في سماء المنطقة بعد أن قضت الفلوجة الليلة قبل الماضية هدوءاً نسبياً لأول مرة منذ أسبوعين. وقال الشهود: (إن دبابات الجيش الأمريكي قصفت حي الشهداء شرقي الفلوجة وحي الجبيل إلى الجنوب من المدينة كما سمع تبادل لإطلاق النار بين المسلحين والجيش الأمريكي) وأضاف الشهود (أن سحب الدخان تصاعدت في سماء المنطقة جراء القصف الأمريكي من دون معرفة حجم الخسائر والأضرار). وأشار الشهود إلى أن المقر الرئيسي للجيش الأمريكي الذي يقع بمسافة (3 كم شرق الفلوجة) تعرض صباح أمس إلى قصف بالصواريخ من مسافات بعيدة أدى إلى تصاعد سحب من الدخان. وأغلق الجيش الأمريكي أمس الجسر الياباني على نهر الفرات (20 كم شمال غربي) الفلوجة اثر انفجار عبوة ناسفة أسفرت عن تدمير دبابة أمريكية. وبحسب عدد من الأهالي داخل مدينة الفلوجة فإن الجيش الأمريكي أحكم سيطرته على أحياء الوحدة ونواب الضباط والمعلمين والمهندسين وأجزاء من الجولان والصناعي فيما يسيطر المسلحون على أحياء البعث ونزال وأجزاء من الجبيل والشهداء والجولان. وتعيش نحو 200 عائلة في أحياء الجبيل والجولان والجمهورية والوحدة ومنطقة البزارة وضع سيء للغاية نتيجة نفاد الطعام ومياه الشرب وفقدان المستلزمات الطبية والعلاجية منذ الاجتياح الأمريكي للمدينة قبل أكثر من عشرة أيام فيما مازالت الإمدادات الطبية والغذائية التي أرسلها الهلال الأحمر العراقي محتجزة في مستشفى الفلوجة العام الذي يسيطر عليه الجيش الأمريكي. وأكّد الجنرال الأمريكي جون ساتلر أن الهجوم الذي يشنه الجيش الأمريكي الفلوجة حطم المسلحين. ويتعارض هذا التأكيد مع وثيقة سرية للجيش الأمريكي أوردتها صحيفة (نيويورك تايمز) مساء الخميس بأن النجاح النهائي للعملية العسكرية الأمريكية في الفلوجة ليس حاسماً وقد يعود المسلحون إليها بقوة. وقال قائد قوة المارينز الأولى في العراق الجنرال جون ساتلر في مؤتمر صحافي عبر الفيديو مع صحافيين في واشنطن (استنادا إلى هذه المعلومات وهذه الوثائق التي اكتشفت، نستطيع القول إننا الآن قد حطمنا المسلحين. وقال ساتلر: إن 51 جندياً أمريكياً قتلوا في الهجوم وأصيب 425 جندياً. وأضاف أن ثمانية جنود عراقيين من المشاركين في القتال إلى جانب القوات الأمريكية قتلوا وأصيب 43 جندياً عراقيا. وقال: إن حوالي 1200 مسلح قتلوا وأسرت القوات الأمريكية حوالي 1025 مسلحا. وأضاف ساتلر إن جندياً من مشاة البحرية وآخر عراقياً قتلا في القطاع الجنوبي الغربي من الفلوجة بعد تعرضهما لإطلاق النار أثناء عملية تطهير لأحد المباني.