في الظلمة تقف، أمام جدار تتحسسه بحثاً عن مرآة في الذاكرة صورة لها تعرف مكانها، ما ينهكك افتقاد صورتها لملامحك..؟؟ تمد النظر في أفق الإطار، تغرس يداً في جسد الصورة، تتوغل أكثر في ثقب الجدار، تحث السير تعود بك الأقدام خطوات في ماضي الزمان في شرفة مهجورة الآن.. ذات يوم كنت داخل الإطار ترسم الصورة، منظر الغروب لوحة الأفول، تهدر من عمرك الأمس القريب تودعه كأنك تستقبل الشروق في العين من الشمس خيط نور يغرق في عتمة الدروب في الشرفة، ذات مرة قررت أن تكون ملامحك هي الصورة من الذاكرة لها قيود صدئه مكسورة.. في الشرفة، تفتح من صدر السماء بياض الغيم ستارة، تتنفس بعمق فيسري في عروقك من النبض إشارة، لتعود للحياة أشلاءك المنهارة وأنت تعتمر قبعة، تتخيل أنك الرسام تمسك الريشة بأطراف مبتورة، تجسد في الفراغ أحلاماً مسلوبة، من خيالك في ركن طاولة، بقايا أشجار مقتولة يعلوها غبار فوقه ألوانك مقلوبة، في النفس دهشة مغلوبة، من سكب الألوان وأصابعك مفقودة، من دخل عقلك وأفسد الشرفة ومفاتيحك مسروقة من عبث بحدود الجدار ومزق الكلمات من اللوحة وجوهاً فزعات من نثر الأشلاء نزف حروف وجلات، من أعاد للذاكرة اسمي، تاريخ ميلادي وطفولة غابت، براءتها مع غروب شمس تركض خلفها تطلق صيحات تخاف الظلمة وليلك يأتي بلا نجوم لامعات من الشرفة.. غاب الجدار، الظلمة في رأسك والقبعة مثقوبة لولوه محمد / الرياض *** ذاكرة مشتتة... (1) غربة... وتنصرم الأيام والسنون... ونحن بخالد الحياة... وقضبان سوداء تطوقنا... أبجديَّاتٌ تُنْثرُ هنا وهناك... ثمة إبهام غريبٌ فيها... (2) أحياناً أتلهف للكتابة... أعتصر قلمي بيدي وأثبته على ورقتي... أهاجر إلى عالمٍ مثالي لأحصل في النهاية على بقعةِ حبرٍ تتوسط الورقة بلا استئذان. (3) ماذا يعني الرحيل... سفر؟! فقد؟ حقائب تغص بالأشياء؟! حزنٌ دائم؟! انقطاعٌ عن الآخرين؟! أم أن الرحيل التهامٌ للكائن البشري يجعله ينسى كل شيء تركه خلفه.. (4) وحثة نحسها ونحن في عمق الزحمة. مع من نحب.. نحسها حتى مع ذواتنا... وحثةٌ تجعلنا نغصُّ بكل شيءٍ حولنا فكل ما حولنا فاغر فاه وكأنه يود الْتهَامَنَا فتلبس أعيننا خمار الشقاء. بدور بنت إبراهيم بن محمد الأحيدب *** عاصفة الأحلام الثلجية أنا لا أهوى تلك الأحزان المملة.. ولكن ما يستهوي قلبي أحياناً أنني أشتاق إلى تلك القلوب الندية والألسنة الطرية بصدورها الواسعة التي كانت حين تضمني إليها.. تنساني أستقي دفئها لأبقى ضيفة ليلها البارد.. فأنا لا أريد إلا من يقرأ أفكاري.. من يفهم إشارتي.. أو حتى يغني بصمت لحن جفوني.. أين تبعثرت تلك الأيدي التي كانت تجمع دموعي بكفيها حين تسقط.. لتحتفظ بما تسقي به ورودا كانت بالأمس تحتضر.. فتنعشها بما لم أستطع به إنعاش قلبي. أصبر وأصبر على ظلم زماني ولكن إلى متى.. تبعثرت كل أحلامي وتناثرت في هواء يوم عاصف. جمعتها الكتل الثلجية وجمدتها لتبقى سجينة تلك القضبان البيضاء.. عل صيفي الدافئ يعاود الظهور ويأذن للشمس بأن تذيب تلك الجدران اليائسة بألوانها القاتمة.. لتنساب على أرض الماضي مغادرة.. ويسطع نور تلك الدرر التي كانت بالأمس حبيسة في عالم الضياع..