حلقات يكتبها: سليم صالح الحريص تصوير: حمدان حسين عثمان تموت الأشياء فتبقى لها وجهاً واحداً .. وجهاً رمادياً يصافحك ببرودة.. يريد قتل احساسك بالأشياء.. يميت الدفء بمشاعر مازالت تتنعم بالزمن المفقود. مشاعر مازال الأمس يسكنها وهي تسكنه، لكن الوجوه الحاضرة تمنحك القناعة بأن زمن الدفء قد هجر الأمكنة وهاجرت فضاءه كل طيور الروض.. سكن الظمأ شفاهة.. ورسا فصل الخريف على أوراق شجرة.. غار الماء من العد وتفرق الذود وهاجرت الخضرة منابتها وعصفت الرياح الخماسينية بخضرة الأغصان.. اختفى ضوء البدر عن أطراف النخيل وجفت السواقي.. توقفت السواني وتوقف جريان الماء. تكورت الجذور على بعضها بحثاً عما يمنحها الارواء. .. تحاصرك الأشياء.. تختطف منك أشياءك وتخاتلك أحلامك البعيدة.. تبحث في خارطة المكان عن منفذ يخرجك من حالة ذهولك. من صمت الأشياء.. من عالمها الحزين. أنت تتوسط قرى «بنات قين» أو قرى الملح «الأقرب للمعرفة» وتأخذك خطاك بين بقايا البيوت التي كانت تضج يوماً بالحياة أو بين نخيلها الصامد رغم أنه احتضن بعضه متباكياً على ما حل به .. تتقافز كثير من الأشياء أمامك.. تصور لك الحال.. وتشرح لك الصور إلا أن «نازك الملائكة» تنثر لك حروفاً من قصيدة تحاكي واقعاً وجدت نفسك تقف أمامه.. تراه بعينك. تطوف معها وبها أزمنة مرت من هنا. «.. يا عاماً لا تقرب مساكننا .. فنحن هنا طيوف من عالم الأشباح ينكرنا البشر. ويفر من الليل والماضي.. القدر. ونعيش أشباحا تطوف.. نحن الذين نسير.. لا ذكرى لنا.. لا حلم.. لا أشواق تشرق لا منى آفاق أعيننا رماد.. تلك البحيرات الرواكد في الوجوه الصامتة ولنا الجباه الساكتة.. لا نبض فيها.. لا اتقاد.. ونود لو عرف الزمان يوماً إلينا دربه كالآخرين.. لو أننا كنا نؤرخ بالسنين.. لو أننا كنا نقيّد بالمكان ...!! نمشي .. نحس .. نرى .. ننام.. وينالنا ثلج الشتاء ويلف جبهتنا الظلام..» بين ضبابية الذكرى وغبار الأيام الذي كسا شرفات بيوت الطين.. تطوف بك الذكريات في بيوت عتيقة.. تحاكيها: غارق في الهم ويمتد بي الطريق.. في ظلام الليل .. يا ليل القرى .. شارد الفكر أنا. كان كل الناس هنا وكان بعض الناس هناك. اليوم لا ناس هناك ولا ناس هنا فأين اليوم أنا؟ وقفت أمام جدار طيني جعلت منه «سبورة» حين تعلمت حروف الهجاء.. حين ابتدأت نقش الحرف.. تذكرت بأنني كتبت اسمي على هذا الجدار.. دققت فإذا النقش باق.. لم تنل منه الأيام شيئا فقلت: أربعون مرت والنقش باق.. قد كان ذلك الصبح قروي الأنفاس شمالي الهوى. صباح الشمال البهي وعبق يضوع بأنفاس النقاء وقطرات الندى.. تغسل شجيرات الرمث فتناجي المساء المقمرا.. راقص وللصبايا حاملات الجرار شجيا. قد مضت رحلتي بعد أن نقشت حروفي على ذلك الجدار.. كان اسمي وعام الكتابة أربعون مضت والدار هي الدار والجدار شامخ هنا كما كان يزهو في عيني صبي يتعلم أبجديات الكتابة.. ينقش الحرف.. ربما يكتب . .ربما يرسم.. ومضينا وبقي الاسم وشماً يُعرف للذي يقرأ.. إنني كنت في ذلك العام طفلاً يخطو في دروب القرية بين أهله.. خطوة.. يحمل الدفتر صبحاً. في ذهول كان يقابل من كان أكبر.. نشيد.. هجاء.. حساب ورسم وجدار الطين يتعلم مثلنا.. مثل أقراني وأكثر. كان عاماً ومعلماً وجداراً يزهو بحروف ورسوم وصور.. قد كان جدار الطين يحفظ.. أما نحن فقد تركنا المكان خالياً إلا من ذكرى ونقش الحروف تعلو «عتاب» الباب.. تذكار هي وتذكير بأنا قد كبرنا ونسينا بأن جدار الطين ارشيف الصور. .. هنا «خُساف».. وهو الصدع الذي نجم عنه فصل بادية السماوة عن الهضبة الأردنية وتكون البحر الميت وظهور البراكين والحرار البازلتية من هنا وحتى حرة اللجاة بأرض صلخد ناحية الشام. من «أفيعة.. وأثرة.. وأبايض» بلاد بلقين أو بنات قين. يمتد التاريخ.. تاريخ الأرض.. تأريخ المكان.. أما الأسماء فقد تبدلت.. بدلت.. لكن المعالم لم تنقل.. ما بين «أثرة والعين ومنوة والقرقر وكاف» وهي الواقفة على بوابة التاريخ.. سجلت في أمسها حضورا وعلى خارطة الحياة وجوداً.. نقاط التقاء .. ومحطات دفع باتجاه حقول القمح .. بيادر الاخضرار والنماء في عصور الجفاف. هنا.. في هذا المكان وتحديدا في «المناخ» كانت قوافل «عقيل» تملأ المكان.. تتمرد على سكون ليله.. وفي نفس المكان أنيخت قوافل «الملاحين» من بلاد حوران.. من بادية سوريا وشرق الأردن وفلسطين ولجبل العرب حضور ونفس.. هنا سكنت وجوه من السويداء وبصرى وسيلتين وأم الرمان وصلخد.. وشهبا وأم الجمال وغيرها. .. كنت ذات مساء أحاول تضميد جرح القلب حين مُست جوارح الأرض التي حضنت خطواتنا الأولى في طريق الحياة المتعب. رأيت نفسي منذ ثلاث عقود أطارح القلق فيطرحني الأمل على تربة الأرض التي اخضرت في قلبي كاخضرار الروض حين يسقيه المزن. خطوت صوب الشمس حين شقت كبد السماء.. حملت معي اسماً أرضياً.. قد كانت لنا الزاد والماء في اغترابنا الطويل.. في رحلة عبر قفار تلوذ بأقدامنا من حرقة القيظ خبأتها بين الأضلع ووضعت رسمها على كفي.. أذاب الحر الصباغ من على يدي فكان كل أصبع يحمل حرفاً من اسمها.. أمد يدي صوب الضوء لتقرأ الكلمة الأزهى.. كانت تزهر.. تعتلي هامة الرأس وتعلو كعلو نخيلها.. كعلو تلالها.. بيضاء السريرة كبياض ملحها في زمنه.. فما كانت سباخ الملح إلا كنوزاً نتباهى بلمعانها كلما لامستها ذوائب الشمس. .. علمونا قبل أن نكبر بأن عرس الأرض هو الأبهى وكلما التصقنا بثراها كلما تجذر حبها وامتدت الأغصان صوب السماء ونحن نتمدد في كل اتجاه. .. يشتعل فينا الهم كلما حمل الليل أحلامه.. أحلامنا بإضاءات تفيقنا من نومنا.. نستيقظ بفرح إلا أننا نصدم .. لا نرى إلا فراغ الأمكنة.. حزناً نتجرعه.. وأصداء نقترب منها فلا نلمس منها إلا وجعاً يفطر الكبد ويذيب شموع فرح لم تضأ.. نقترب من الظلام خطوة لكن الوحشة تستبد بنا.. تمتد ساعاتها .. أيامها.. فراغ تركوه.. وأمكنة تبكي عليهم وتُبكي الحروف وتهرب مشاعر من الربق فتمنح نفسها نفساً.. يلم ما اعتمل في القلب فتصافحك الصور وتعانقك العبرة وتتسقى أوجانك.. فمن شرفة الأمس نطل على بياض الملح وسواد الحجر وخضرة الغيد صفرة الطين وابتسامة على شفاة لم تعرف غيرها. لرذاذ يغسل الطرقات.. يرطب البيوت.. يكحل العيون.. فلقرانا أهزوجة لا تموت.. أمكنة تسقينا جرعات الوجع كلما دفعنا حبها لاحتضانها بمآقينا واستنشاق رائحة الأهل كلما أطبق الحنين على الجنان. لذكريات توسدنا أوجاعنا.. فتنثال آهة من أقاصي الروح.. تذيب سهد الأيام وألم الغياب. كلما خطت الأقدام صوب القرى.. تقرئنا الأمكنة السلام فتمسح أعين هدها الدمع وتبكي قلوب أوجعها فقد الوجوه. .. لكن وجه القرى يتوه بين تعب المسافة الزمنية وذاكرة تطوي الأيام فترسم الأقواس محيطاً يبقي شيئاً من ذلك الوجه الموشّى بنقش الصحراء. وجه القرى أغان رددتها الأقدام المسافرة إلى مدن الضياء الحالمة بجمع وجوه القرى على مائدة تُطرق لها الأبواب. مطخ الملح رحيل إلى ذاكرة «مطخ الملح» وصوت حاد بُعيد الفجر يمتح الماء المالح. يغني شاحذاً الهمم موقظاً كفاح سواعد تصافح نقاء الملح كل فجر. انه الرحيل إلى البعيد في رحلة البحث عن أهازيج «جداد» التمر من غيد.. راقصها الفرح وهي اليوم .. شاخت .. شابت وانطوت.. تتباكى على أمسها من هول حاضرها.. .. أصوات تعوّدنا على سماعها.. نغني لها في استعطافنا.. في تلهفنا.. ومن لهفتنا لسماع أغنية تسافر بنا إلى حدود ذاكرتنا لنستريح قرب المكان.. ربما يستيقظ الدفء فينا أو يغطينا دفء المكان فنرى اخضرار الصمت وتورق الهم فنلامس قطرات الندى الذي عانق الأصابع حالماً بمجيء موعد يعيد للأمكنة أزاهيرها.. حضورها ولنطلق للأكف حرية الحركة.. لتفرغ شحنات الأسى في فضاء يحمله الهواء إلى البعيد.. البعيد. ليتبدد الانكسار ولنُبقي للحضور طعماً لنطالع وجه القرى وهو يلتئم بعد شتاء الأيام ولوجوهنا كيف تختار الطلوع مع تباشير الفجر.. فجر جديد يزفنا.. نزفه بامتداد قاماتنا صوب سباخ الملح.. قامات اشتاقت ل «الطبطب» واشتقت أنا لتلك الوجوه النقية ولوجوه أقراني وللغرفة الطينية الفارغة.. إلا من الدفء. .. يا جدتي استطالت عروق الظمأ.. تنهش الأرض تبني من الرملة الصفراء خيمة وتستظل بمفارش حلم زارنا ذات صيف. . استلقى الجسد.. رهين غابات الأسئلة.. جلست هنا أشم رائحتك.. حضنت كفك الموشوم وفي نظرتي خجل طفل.. ينتظر منك أقصوصة .. حكاية.. أقرأ منها حكاية وطن جميل.. تمسحين عن جبهتي عرق تفصّد.. تصبب من رغبتي.. فتلمحين ضحكة بريئة معقودة بين الحاجبين. . لا شيء ينسيني ذاك المساء.. آه.. يا جدتي.. ما أبعد هذا المساء عن ذاك المساء.. آه يا ذاك الصفاء حين أشرق على وجه الطفولة!! كم هو الليل شقي حين ودع شمس النهار وبكاه نخيل قريتنا وتلك الشرفة التي شهدت ميلاد هؤلاء. .. سؤال بريء يا جدتي: هذا التراب الذي ننقّي اليوم منه خبزنا.. هذا الغبار الذي يزورنا.. هذا الجفاء الذي طعن بدميته ظهورنا.. هل كان يوماً.. ضيفكم؟؟ .. تسخر منا السطور ان رسمنا حرفاً أو نثرنا الحبر أخضر كان أم بلون الحداد. .. كلما لامست جمرة الأنفاس هذا الورق.. تحترق.. تخترق كبدي. ..جمرة تُنضج الأقدام.. تتألم.. خطوة تُوجع.. يطيبها الطريق وخُطى تمشي على الأشواك ولا يدميها المسير. . قد يطول الوقت.. قد يطول السير.. والليل ضرير. . كلما شاهدنا تباشير المطر.. ارتوت أغصان عمر قد طوى صفحة الأيام فأورق. . كانت الأغصان صفراء.. هجرتها عصافير طالما شدت من فوقها وبنت عشها وقضت زهرة الأيام هنا.. ومضت. .هكذا رأيتها.. توسدت أيامها وغفت وسط جدران الطين وأعجاز نخل وجبل لا يشيخ. يموت ألف مرة ولا تموت هيبته.. باق يحفظ الأطلال.. يحرسها ويسامرها حين يجن ليلها وتؤلمه الوحدة في هذا المكان.. يكبر لكنه لم يشب. يطالع ما خلّفه الزمن ولا تدمع له عين.. لايؤرقه ما يرى.. لكنه شاهد.. يوثق.. يرصد تاريخ قرى قد كان لها بالأمس حضور وعلى صدر هذه الأرض وجود.. اليوم هي.. غافية على وقع خطى الآتين من حوران. حالمة على حداء الملاحين في «سباخ الملح». واقفة على بوابة أمسها تنتظر الركبان الذين لن يلجوا مضافاتها.. تنصت لإنشاد الرعاة في مفاليهم. .مشرعة أبواب قهاويها لإقراء من اعتاد أن يدلف إليها بدعوة من صوت «نجر الماو». .الصورة كما عشتها.. كما رأيتها.. كما حُدِثت عنها.. أكتبها لكم. .الذكريات باقية.. منقوشة على حجارة أرضها البازلتية.. محفورة في زوايا الأمكنة. تعانق الطين وأنفاس الأمس ترقد ما بين المناخ والمسجد. . تحني قامتها تحت ظل نخلة وتحتمي بأنقاض بيت عاش في زمن الخصوبة والجود والهيل ومسامرات ليل.. وها هو البيت اليوم يسأل عن شربة ماء، وان كانت من عين «الكآبة» يا .. أنت يا قرى الجود يا من سكنت بين البياض والسواد حلماً وغفيت بين السهل والتل مسكونة بالهم وفي أحداق ليلك تُقد من أصابع جرحك الدامي شموعاً للكتابة، قد مضى التاريخ وأنت قد توسدت الأمس ومافي الأمس من أمل يا غرة الوادي ويا تاج «العصابة». .. قد جئت من أقصاك.. من حد «أم الفناجيل» وهامة «رضوى» وفياض «القرينية» وعصبة «أم الشنان» ومنابت «البعيثران» في سفح «أم الصفا».. أستظل بجريد النخل في كل القرى.. أتفيأ الذكريات وتطارحني الشجون وأعيش الأمس بين الأطلال ومواقد النار في بيوت لم يبق منها سوى ذكرياتنا. وبقايا جدار يسنده كوم رمل يعلو ويعلو حتى طاول الجدران. أم الأجراس .. حدثتني «أم الأجراس» عن أماسي الصيف هنا.. عن وجوه الناس وخُطى الخُطّار صوب حوران وطويل «الثلج» وبيادر البلقاء ومنابت الديدحان هناك وربيع الأرض هنا. . جئتك حاملاً همّ سباخ الملح وهي تسألني.. أين مكتالي الملح عن حداء الورد عن حنين الدار للغُيّاب. .أجيء وفي عيني دموع ألهبت فيّ جرح قلبي ونثرت في فضاء همي حزنا. . جئتك من المكان الذي رأيتك فيه يوم ولادتي وخطوت لك من هناك.. من نفس المكان الذي ودعت فيه أمسي. أسأل الطين عن بقايا حلم مرّنا ذات صيف وسرى.. هل بقي فيه نقش؟؟ هل بقي فيه حرف؟؟ من كليمات كتبناها عند غروب الشمس ومضينا.. قد مشينا في خطى صوب منافينا الجديدة!! .. هنا «أثرة» وهناك «كاف» وأنا اليوم واقف بين قبرين وشاهد والراقدون هنا تحيطني أنفاسهم.. وحسرة تلف قامتي وعبرة ملتاعة مما أرى.. مما أشاهد عن يميني .. عن شمالي.. كل الصور استحضرتها.. حضّرتها.. فمن أين أبدأ؟؟ ومن أي صورة تُقرأ ذاكرة قرى الملح والقفل والصقيع..؟؟ أمِن صفحات كتبتها الأيام؟؟.. من سفر دوَنتهُ الأبنية المتباكية؟؟ أم من ساحة المناخ ومن حجارة طريق «المنقّا» أو من مضافاتها التي تُرِكتْ بواباتها مُشرّعة لضيوف لن يعودوها ذات يوم؟؟ ولقفول لن يحملوا تمرها وملحها..؟؟ صور وصور وواقع يحملك إلى بحيرة الوجع وشلالات الضنى والشعر مركب التعبير ومجدافنا.. الشعر يُقرئك الصورة ويُشخص حال القرى.. كان معي شعر: خلف الأسيد الشراري، وكان شعره سحابة أدمعي.. وكان همه.. همي ووجعه ذلك الوجع الذي التحفته وافترشته: جيت أنقل الضيّقة وأدوّر فضا البال في حي كان يسكنونه هل لي حي غدر فيه الزمان وأكثره زال واللي بقى به موحش مستذلي لعبت به الدنيا من الجال للجال شكله غريب ومنظره ما يسلي عانقت في حزني غرابيل الأطلال يا ليتني ما جيت من راس كلي أبكي على الماضي ترى الحاضر أهوال تكرمي بالدمع يا عيني ياللي يا حي سامحني ترى البعد غربال اذا سألتك وين يا حي خلي عليه قلبي بين الأضلاع يجتال جول الحمام بنايف مستظلي ينوح نوح الورق بأقفاي واقبال حين العصير إلى رقا راس تلي صمت .. سكون وأمكنة تلبسك كل الهم تتمنى انك لا تذكر شيئاً.. ألا تتذكر.. لكن واحد مثلي لا يستطيع أن ينسى.. يتناسى.. هنا سكنت وهناك خطوت، وفي هذا المكان تحلق الضيوف حول موقد النار وعلى هذا الرف تربعت دلال «رسلان» القهوة وهنا وهنا ولم يبق من الصور إلا وجوم يحيلك إلى كتلة لحم وشعور يذيقك مرارة الفراق ويسقيك مرارة اللوعة فيغطيني: حمود مسعد العطوي بإزار آخر فيقول: ساقتني القدرة ومريت الأطلال وجيت الرسوم وشقت عهد الطفوله وخانتني العبرة ولو كنت رجال بعض المواقف ما تفيد الرجوله قامت توارد ذكرياتي على البال كم طاري بالحال وصلت ذلوله هواجس قامت توارد وتنهال هذا يروح وذاك عجلن وصوله وقفت أنا مهتال والقلب يجتال عواصف الذكرى بصدري تجوله أقول يا دار لنا فيك منزال وين الربوع اللي تفاقت نزوله .قد كانت لنا منازل.. وقد كانت لنا مرابع ومراتع وها هي اليوم تستحيل إلى مواجع وذكريات وعواصف.