فكما أن الله افترض الإخلاص في العبادات كشرط لقبولها كما قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ....} (5) سورة البينة. فكذلك حدد مبادئ للعمل المهني منها (الإخلاص والإتقان والدّقة والصدق وإسداء النصيحة وبذل المشورة) فها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو القدوة في الإخلاص والدقة في العمل يقول: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) وفي القرآن الكريم جاء الأمر لداود عليه الصلاة والسلام بالدقة في العمل وكيفية الإحكام والإتقان قال تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} وسابغات أي الدروع وهو (كما في التفسير) أول من عملها من الخلق وإنما كانت قبل ذلك صفائح، أما (السرد) فيقول ابن كثير رحمه الله في تفسيرها: (أي لا ندق المسمار فيقلق في الحلقة ولا تغلظه فيقصمها واجعله بقدر، والسرد حلق الحديد يقال: درع مسرودة إذا كانت مسمورة الحلق) ج3. كذلك القوة والأمانة مطلبان ضروريان للعمل المهني كما قال تعالى مخبراً عن قول إحدى ابنتي شعيب عن موسى عليه الصلاة والسلام: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ } (26) سورة القصص. كذلك الرضا بما قدره الله له من رزق ولا يأنف من خدمة الآخرين.. يقول فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (فلو بسط الرزق لجميع العباد لبغوا في الأرض.. ولو ضيّق على جميعهم لاختل نظامهم وتهاوت من معيشتهم الأركان، لو كان الناس في الرزق على درجة واحدة لم يتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ولم يعمل أحدهم للآخر صنعة ولم يحترف له بحرفة لأن الكل في درجة واحدة فليس أحدهم أولى بهذا من الآخر..) الضياء اللامع، ص299. وإنه لفخر لأي صاحب مهنة أو حرفة أن يحتاج إليه الآخرون من حملة الشهادات العالية في تخصصاتهم المختلفة وإذا أحسن التعامل معهم عزّ في أعينهم وارتفع قدره في أوساطهم واستطاع كسب قلوبهم وجيوبهم! وإذا أخلص في عمله حصل على الرزق الحلال والبركة في المال والله الموفق في كل حال.