شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    الدحيم: «سيتي سكيب العالمي» بات منصة عالمية للفرص الاستثمارية في القطاع العقاري    رابطة العالم الإسلامي تدين استهداف قوات الاحتلال لوكالة "أونروا"    انتظام 30 ألف طالب وطالبة في أكثر من 96 مدرسة تابعة لمكتب التعليم ببيش    4 مهددين بالغياب عن الأخضر أمام الصين    وزارة الصناعة والثروة المعدنية تمكِّن 150 مصنعًا من تحقيق معايير الجودة العالمية    حرس الحدود بمكة ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    الابتسام يتصدر ممتاز الطائرة    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    دور التحول الرقمي في مجال الموارد البشرية في تحقيق رؤية المملكة 2030    وزارتا الرياضة والاستثمار تعلنان إطلاق منتدى الاستثمار الرياضي (SIF)    وزير التخطيط والتعاون الدولي: المشاريع السعودية تسهم في تحسين الخدمات باليمن    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    تعيين الشثري رئيساً تنفيذياً لهيئة المنافسة    احتفال أسرة الصباح والحجاب بزواج خالد    إحباط 3 محاولات لتهريب أكثر من 645 ألف حبة محظورة وكمية من مادة «الشبو»    الخريجي وسفير أمريكا لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    وزير الصحة: 10 % نموي سنوي لقطاع الأدوية بالمملكة    أكثر من 6 ملايين عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أكتوبر 2024    تدشين 3 عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم    مقتل المسؤول الإعلامي في حزب الله اللبناني محمد عفيف في قصف إسرائيلي على بيروت    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد السعودية في الاجتماع البرلماني بدورته ال 29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في باكو    "سعود الطبية" تستقبل 750 طفلاً خديجًا خلال 2024م    السياحة: نسبة إشغال الفنادق في الرياض تجاوزت 95% بالتزامن مع إجازة منتصف العام الدراسي    نمو سجلات الشركات 68% خلال 20 شهراً منذ سريان نظام الشركات الجديد    "تلال" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب الرياض" بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية لتعزيز جودة الحياة في مشاريعها    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية (GCAT)    المكسيكي «زوردو» يوحّد ألقاب الملاكمة للوزن الثقيل المتوسط لWBO وWBA    «الطاقة»: السعودية تؤكد دعمها لمستقبل «المستدامة»    بيولي ينتظر الدوليين قبل موقعة القادسية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    الإستشراق والنص الشرعي    المتشدقون المتفيهقون    تجاوز الدحيل القطري.. الخليج ينفرد بصدارة الثانية في «آسيوية اليد»    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    المرتزق ليس له محل من الإعراب    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    وطنٌ ينهمر فينا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرض لمحاولتي اغتيال ونجا مرتين من حوادث موت وفاز بجائزة نوبل للسلام
عرفات قضى 27 عاماً في المنفى وثلاثة في الحصار داخل وطنه فلسطين
نشر في الجزيرة يوم 07 - 11 - 2004

كُتبت الكثير من المقالات والدراسات التي تتسع لمجلدات ضخمة، عن القائد التاريخي للفلسطينيين، الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، (75 عاما) وقيل فيه الكثير.. ولكن تبقى حقيقته البسيطة واضحة لأبناء شعبه وللعالم أجمع: لقد ظل عرفات وفياً للثوابت التي آمن بها، كقضايا القدس واللاجئين والدولة، وكان مرناً إلى أقصى درجات المرونة في كل شيء إلا في تلك الثوابت..
وتعرض هنا (الجزيرة) تقريرا وافيا عن حياة الرجل، الأب الروحي للفلسطينيين، الذي قضى جل حياته مدافعا عن قضية شعبه، دون كلل ولا ملل، فلا الحصار فل من عزيمته، ولا التهديدات بالإبعاد والقتل قللت من إصراره على تحقيق آمال شعبه في الحرية والانعطاف من الاحتلال.. حتى آخر لحظة، وهو على سرير المرض..
****
(أبو عمار) كنية المناضل الشهيد
محمد عبد الرحمن عبد الرؤوف القدوة الحسيني، هو الاسم الحقيقي لياسر عرفات، الذي اتخذ اسم (ياسر) وكنية (أبو عمار)، أثناء دراسته في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، إحياءً لذكرى مناضل فلسطيني قتل وهو يكافح الانتداب البريطاني.
مكان ولادة عرفات ما زال محل خلاف، فهو يقول انه من مواليد القدس في أغسطس 1929م، أما جميع من تتبعوا سيرة حياته، فيعتقدون انه من مواليد مدينة القاهرة يوم 24 أغسطس 1929م.
وباستثناء الخلاف حول مكان ولادته، لا يختلف أحد من المؤرخين على التاريخ النضالي المشرف لهذا الفلسطيني الذي حمل الهم الفلسطيني في قلبه وعلى كاهله، طوال أكثر من أربعة عقود.
بدأ عرفات حياته السياسية مطلع حقبة الخمسينيات من القرن الماضي حينما شارك في عام 1952م عندما كان طالبا في كلية الهندسة بجامعة القاهرة في تأسيس اتحاد طلبة فلسطين في مصر.
وقد تولى رئاسة رابطة الخريجين الفلسطينيين بعد نجاح ثورة يوليو بقيادة جمال عبد الناصر في الاستيلاء على السلطة. ظهرت مواهبه منذ سنوات شبابه المبكر كناشط وزعيم سياسي.. وقد انجذب في البداية لجماعة الإخوان المسلمين، لكنه سرعان ما اعتنق فكر الكفاح المسلح ضد إسرائيل عقب (نكبة) عام 1948م، وقيام دولة إسرائيل فوق ما يزيد على70 بالمائة من مساحة فلسطين التي كانت خاضعة للحكم البريطاني.
بعد انتصار ثورة الضباط الأحرار في مصر في 23 يوليو 1952م، بعث عرفات، عام 1953م، خطاباً إلى اللواء محمد نجيب، أول رئيس لمصر، حمل ثلاث كلمات فقط هي: (لا تنس فلسطين).. وقيل إن عرفات سطر الكلمات الثلاث بدمائه..
تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)
التحق عرفات بالخدمة العسكرية في الجيش المصري وشارك في التصدي للعدوان الثلاثي الإسرائيلي الفرنسي البريطاني على مصر في حرب السويس.. وفي عام 1956م مُنح عرفات رتبة ملازم في الجيش المصري.
وفي 1958م شكل عرفات الذي كان وقتها يعمل مهندسا في الكويت مع مجموعة صغيرة من المغتربين الفلسطينيين الخلية الأولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي تبنت الكفاح المسلح وسيلة لتحرير فلسطين. ومن أبرز الذين شاركوه تأسيس فتح: صلاح خلف (أبو إياد) وخليل الوزير (أبو جهاد).
وكشف عرفات فيما بعد عن قيامه في ذلك الوقت بجمع بنادق من مخلفات الحرب العالمية الثانية من الصحاري المصرية لتسليح حركته.
وفي 31 كانون الأول 1964م نفذت حركة فتح أول عملية مسلحة في إسرائيل عبر محاولة نسف محطة مائية، وقام عرفات شخصيا بتسليم بيان تبني العملية إلى صحيفة (النهار) اللبنانية. وفي 28 أيار 1964م تشكلت منظمة التحرير الفلسطينية تحت رعاية مصر، وترأسها أحمد الشقيري.. واعتمدت المنظمة ميثاقا وطنيا يطالب بحق تقرير المصير للفلسطينيين ويرفض قيام دولة إسرائيل.
وفي حزيران 1967م انتقل عرفات إلى العمل السري، تحت اسمه الحركي
(أبو عمار).. وفي تموز توجه سراً إلى الضفة الغربية المحتلة حيث أمضى أربعة أشهر قام خلالها بتنظيم خلايا حركة فتح.
وفي 4 شباط 1969م انتخب عرفات رئيسا للمنظمة التي أصبحت ممثلا للشعب الفلسطيني1959م: أسس عرفات في الكويت مع حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
اكتسب عرفات أثناء خدمته بالجيش المصري خبرة في العمليات العسكرية واستخدام المتفجرات أهله لقيادة الجناح العسكري لحركة فتح الذي عرف باسم (العاصفة)، وبدأ عملياته عام 1965م.
معركة الكرامة ورئاسة
منظمة التحرير
وفي تلك المرحلة، بدأ نجم عرفات في البزوغ كزعيم سياسي فلسطيني ثائر، غير أن نجمه لمع أكثر في الأردن؛ حيث كانت توجد أعداد كبيرة من الفلسطينيين الذين هجروا عام 1948م و1967م، فتوفر المناخ لعرفات لكي يقوم بتدريب أفراد من قوات فتح التي عرفت باسم (العاصفة) وهو ما شجعه في الأمد القريب على تنفيذ عمليات فدائية ضد أهداف إسرائيلية من خلال التسلل عبر الحدود الأردنية إلى الأراضي المحتلة، أو من خلال استهداف الدوريات الإسرائيلية العاملة على الشريط الحدودي.
وقامت عناصر العاصفة بشن هجمات على إسرائيل من الأردن ولبنان وقطاع غزة الذي كان يخضع للحكم المصري.
وبعد حرب عام 1967م التي ألحقت فيها إسرائيل الهزيمة بالجيوش العربية، واستولت على القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء وهضبة الجولان، قامت جماعات المقاومة الفلسطينية بتكثيف أنشطتها ضد الاحتلال الإسرائيلي.. ولم يبق في ساحة القتال ضد إسرائيل سوى حركة فتح.
وقد اكتسب عرفات المزيد من الشهرة كقائد عسكري ميداني في عام 1968م عندما قاد قواته في القتال دفاعاً عن بلدة (الكرامة) الأردنية أمام قوات إسرائيلية أكثر عدداً وأقوى تسلحاً.
وزرعت معركة الكرامة الإحساس بالتفاؤل بين الفلسطينيين، كما أدت لارتفاع راية قوى التحرر الوطني الفلسطينية بعد فشل الأنظمة العربية في التصدي لإسرائيل.. وبعد مضي عام على معركة الكرامة اختير عرفات رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي أسستها جامعة الدول العربية عام 1965م..
أيلول الأسود والانتقال إلى لبنان
في عام 1970م هاجم الجيش الأردني القوات الفلسطينية في الأردن بعد أن خطف رجال المقاومة أربع طائرات ركاب إلى مطار في صحراء المملكة، ووقعت اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن سقوط ضحايا من كلا الجانبين وعرفت بأحداث (أيلول الأسود)، وبعد وساطات عربية قررت المقاومة الفلسطينية في العام التالي الخروج من الأردن والانتقال إلى لبنان بعد أن نجحت مصر في إنقاذ عرفات من الموت المحقق في عمان وتهريبه سرا إلى القاهرة حيث حضر القمة العربية في سبتمبر 1970م، فكانت أول قمة عربية تسلط فيها بقوة أضواء وفلاشات الكاميرات عليه.
ومع انتقال المنظمة إلى لبنان، واصل (الثائر) أبو عمار رحلة الكفاح المسلح، فشرع في ترتيب صفوف المقاومة معتمدا على مخيمات اللاجئين.. وفي السنوات التي أعقبت انتقال عرفات إلى بيروت نفذ مسلحون فلسطينيون ينتمون لفصائل مختلفة عمليات تفجير وخطف طائرات واغتيالات، من أشهرها عملية خطف وقتل 11 رياضياً إسرائيلياً أثناء دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في ميونيخ عام 1972م.
في 13 نيسان 1973م حاولت إسرائيل اغتيال ياسر عرفات، في بيروت، حيث قامت مجموعة إسرائيلية ضمت بين أفرادها من أصبح لاحقا رئيسا لوزراء إسرائيل، ايهود باراك.. وقد تمكنت المجموعة من اغتيال ثلاثة من مساعدي عرفات ولكنها لم تعثر عليه.. وأكد مقربون منه أن (معجزة سمحت له بالبقاء بعيدا).. وفي الواقع لم يكن عرفات يمضي اكثر من بضع ساعات تحت سقف واحد وقد لف تحركاته بتكتم مطلق..
غصن زيتون وبندقية ثائر
وفي 29 تشرين الأول 1974م أعلنت القمة العربية في الرباط منظمة التحرير (الممثل الشرعي والوحيد) للشعب الفلسطيني.
وفي 13 تشرين الثاني 1974م، تحدث عرفات للمرة الأولى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قائلا:
(أتيت إلى هنا حاملا غصن الزيتون بيد وبندقية المقاتل من اجل الحرية في الأخرى.. فلا تدعوا غصن الزيتون يسقط من يدي).. ومُنحت منظمة التحرير الفلسطينية صفة مراقب في المنظمة الدولية.
وفي نيسان 1975م، مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، وقف عرفات في صف القوى التقدمية اللبنانية.
وفي حزيران 1980م: أصدرت السوق الأوروبية المشتركة (إعلان البندقية) الذي يطالب بمشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في أي مفاوضات لاحلال السلام.
وخاضت المقاومة الفلسطينية الكفاح من لبنان ضد الكيان الإسرائيلي، ونتيجة لنجاح المقاومة الفلسطينية في حقبة السبعينيات في تسديد ضربات موجعة للاحتلال، قررت إسرائيل شن هجوم على قواعد المقاومة والقضاء عليها وهو ما توج بغزو بيروت عام 1982م..
من لبنان إلى تونس
بعد اجتياح بيروت وفرض إسرائيل حصارا لمدة 10 أسابيع على المقاومة الفلسطينية، اكتسب خلالها عرفات احترام شعبه بصموده وشجاعته، وافق في 30 آب 1982م على الخروج من لبنان تحت الحماية الدولية ومن ثم الانتقال إلى تونس التي شكلت المعقل الأخير لمنظمة التحرير الفلسطينية حتى عام 1994م.
وحاولت إسرائيل اغتيال عرفات ثانية بعد انتقاله إلى تونس.. وقد تعرض مقره هناك، في الأول من تشرين الأول 1985م لقصف الطيران الإسرائيلي، ودمر بشكل شبه كامل في غارة أدت إلى مقتل 17 شخصا، وكان عرفات في طريقه إلى مكتبه ولكنه عاد أدراجه مع بداية الغارة.
وتعرض عرفات طوال مسيرة قيادته لحركة فتح والمنظمة للكثير من حركات التمرد ضده، وكان أبرزها خلال فترة تواجد المنظمة في لبنان، حيث انشق عنه عدد من قادة الحركة ومن أبرزهم أبو موسى وأبو نضال، إلا أن دهاءه السياسي مكنه من تجاوز كل هذه الانشقاقات فظل متماسكا ومسيطرا على المنظمة وعلى فتح.
وفي تونس، واصل ياسر عرفات تكوين شخصية الزعيم السياسي الذي يتبنى الحل السلمي.. وكانت ارهاصات هذا التوجه قد تجلت، عمليا، في الخطاب الذي ألقاه عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 13 نوفمبر 1974م، والذي قال فيه: (إنني جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.. الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين )..
الجزائر.. نقطة تحول
وكان لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م ضد الاحتلال الإسرائيلي وتعرض الفلسطينيين فيها للقمع والقتل، أثره في حصول القضية الفلسطينية على تعاطف دولي، استثمره عرفات بحنكته السياسية لتحريك عملية السلام حيث دفع المجلس الوطني الفلسطيني بدورته المنعقدة في الجزائر في 15 تشرين الثاني 1988م إلى تبني قرار مجلس الأمن الدولي 242 معترفا بذلك ضمناً بإسرائيل وفي الوقت ذاته، أعلن المجلس قرار إقامة الدولة الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.. وتلا عرفات إعلان استقلال الدولة الفلسطينية.
وفي إبريل 1989م كلف المجلس المركزي الفلسطيني عرفات برئاسة الدولة الفلسطينية.. وفي 2 أيار 1989م، خلال زيارة رسمية إلى باريس كانت أول تكريس لعلاقات دبلوماسية مع دولة غربية، أعلن عرفات أن الميثاق الوطني الفلسطيني أصبح (لاغيا).
في عام 1990م وبعد اجتياح القوات العراقية للكويت اتخذ عرفات موقفا فُسِّر بأنه مؤيد لخطوة الرئيس العراقي، آنذاك، صدام حسين، مما انعكس سلبياً على القضية الفلسطينية، وتوقف دعم دول الخليج للقضية الفلسطينية.
وفي 1991م في أوج أزمة الخليج، انقلبت سيارة عرفات عدة مرات على الطريق بين عمان وبغداد.. وبعدها، في كانون الثاني 1992م، تزوج عرفات من مساعدته سهى الطويل (28 عاماً).. وبعد شهرين، في نيسان 1992م، تحطمت طائرته في الصحراء الليبية.. وقيل حينذاك إنه قتل في الحادث ولكنه ظهر من جديد بعد ساعات من الحادث..
أوسلو.. غزة وأريحا
وبعد انتهاء حرب الخليج كان هناك إجماع دولي على ضرورة العمل من أجل تسوية القضية الفلسطينية دعماً للاستقرار في الشرق الأوسط ولدفع عملية السلام أعلن عرفات أوائل عام 1990م أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص..
وفي عام 1991م عقد مؤتمر السلام في مدريد تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق.
وفي 13 أيلول 1993م بعد ستة أشهر من المفاوضات السرية في أوسلو، وقّع عرفات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين، في واشنطن، اتفاق أوسلو الذي جعل أضواء الإعلام الغربي تسلط عليه بكثافة، كما كان نقطة تحول بارزة في القضية الفلسطينية.. وقد وقع الطرفان على (إعلان مبادئ)، هو عبارة عن اتفاق سمح للفلسطينيين بممارسة الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدينة أريحا بالضفة الغربية مقابل اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل.
لكن لم تحسم عدة قضايا شائكة وأبرزها مستقبل المستوطنات المقامة على أراض محتلة، ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك مدنهم وقراهم بعد حرب عام 1948م، والوضع النهائي لمدينة القدس.
وفي 1 تموز 1994م خرجت غزة عن بكرة أبيها لاستقبال عرفات والعائدين معه من (ثوار فتح) بحفاوة كبرى، بعد 27 عاماً قضاها في المنفى.. واتخذ عرفات من غزة مقراً لقيادته.. وقد بدأ عرفات فور عودته إلى غزة، مسيرة سلام مرت بصعوبات بالغة.. وفي نفس السنة فاز بجائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين وشمعون بيريز.
وفي عام 1995م وقع عرفات ورابين بواشنطن على اتفاقية الوضع المؤقت التي مهدت الطريق لإعادة انتشار القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية.. وقد اغتيل رابين اثر ذلك، في نوفمبر من عام 1995م، بأيدي متطرف إسرائيلي، وهو ما شكّل انتكاسة لعملية السلام. وواجه عرفات تحدياً ضخماً تمثل في السعي للحفاظ على التزام الفلسطينيين والإسرائيليين بما أطلق عليه (سلام الشجعان).
شرع عرفات لدى وصوله إلى غزة، في تأسيس السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية المختلفة، وعمل على إعادة تأهيل بعض المؤسسات وتدريب أفراد من الشرطة والجيش للحفاظ على الأمن، مبشرا شعبه بقرب تحقيق حلم التحرير والصلاة في المسجد الأقصى..
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية
وفي 20 يناير 1996م انتخب عرفات رئيسا للسلطة الفلسطينية في انتخابات ظل يفتخر دوما بأنها كانت حرة وشفافة في منطقة نادرا ما تشهد مثلها.
في عام 1997م وقع الفلسطينيون برئاسة عرفات اتفاقية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لتسلم معظم مدينة الخليل والذي تعطل كثيرا، بعد ذلك أصيبت عملية السلام بالجمود.
وفي عام 1998م وقع عرفات ونتانياهو على اتفاقية واي ريفر لانسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية، والتي جمدها نتانياهو بعد شهرين زاعما ان عرفات لم ينفذ شروطا أمنية.
في 5 أيلول 1999م وقع عرفات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في شرم الشيخ في مصر اتفاقا يفتح الطريق أمام مفاوضات حول تسوية سلمية نهائية بين إسرائيل والفلسطينيين.. ويحدد الاتفاق شهر سبتمبر عام 2000م موعدا لتوقيع معاهدة سلام دائمة.
فشل كامب ديفيد.. الانتفاضة
وشهد منتجع كامب ديفيد في 25 تموز 2000م حيث شارك عرفات في قمة ثلاثية جمعته ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون وصول عملية السلام إلى طريقها المسدود، إلا أن رفض أبو عمار تقديم تنازلات لإسرائيل في قضايا تتعلق بالوضع النهائي للأراضي الفلسطينية ومن بينها القدس، أعاد إليه مرة أخرى قدرا من شعبيته بين الفلسطينيين.
غير أن اصطدام السلطة بالمواقف الإسرائيلية المتعنتة أدى إلى انحسار التأييد الشعبي لمشروع السلطة الفلسطينية وقيادتها الممثلة في شخص عرفات.. وساهم في ذلك الانحسار قيام السلطة الفلسطينية بملاحقة نشطاء فصائل المقاومة خاصة الإسلامية منها تنفيذا لاستحقاقات الاتفاقيات التي وقعتها مع إسرائيل، فتوالت على عرفات الاتهامات بأنه أصبح أداة في يد الاحتلال لقمع المقاومة الفلسطينية كما تزامن مع ذلك بداية الحديث المتصاعد عن فساد السلطة وتراخي رئيسها في مواجهته.
وبحلول عام ألفين توقفت تماماً عملية السلام، واشتعلت انتفاضة الأقصى في 29 أيلول، بعد الزيارة الاستفزازية التي قام بها زعيم المعارضة في ذلك الحين أرئيل شارون الحرم القدسي.
اثر ذلك استقالت حكومة براك في إسرائيل، وتولى السلطة ارئيل شارون، زعيم اليمين المتطرف الذي عمل منذ توليه لمنصبه على تنفيذ مخططه الهادف إلى تدمير السلطة الفلسطينية.
حرب شارون
وفي 3 ديسمبر 2001م، قامت الحكومة الإسرائيلية بقيادة شارون، خصم عرفات القديم واللدود، بفرض حصار عسكري عليه داخل مقره بمدينة رام الله بالضفة الغربية.. بمساندة أمريكية، فكان أن حظي عرفات مرة أخرى بتعاطف كبير من جانب الشارع الفلسطيني في مواجهة الأصوات الإسرائيلية المتعالية والمطالبة بطرده أو تصفيته، فعاد الرمز الفلسطيني مرة أخرى للواجهة بقوة.
وفي 29 آذار 2002م: غداة عملية استشهادية نفذتها المقاومة الفلسطينية، وختام القمة العربية في بيروت التي حُرم عرفات من حضورها، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي أوسع هجوم له في الضفة الغربية منذ حزيران 1967م ودمر الجزء الأكبر من مقر عرفات الذي بقي في المبنى الذي يضم مكاتبه تطوقه الدبابات الإسرائيلية.
وقد بقي على هذا الحال حتى ليلة الثاني من أيار حين رفع جيش الاحتلال الإسرائيلي الحصار عنه.
وتعرض هنا الجزيرة، أبرز أحداث الحصار عام 2001م
- 8 ديسمبر: إسرائيل تعلن أنها تحتفظ لنفسها بحق منع عرفات من مغادرة رام الله للتوجه إلى الخارج.
- 13 ديسمبر: إسرائيل تمنع الرئيس الفلسطيني من مغادرة رام الله وتنشر دبابات على بعد200 متر من مقره العام.. دمرت الطائرات الإسرائيلية محطة البث التلفزيوني والإذاعة الفلسطينية القريبة من مكاتب عرفات.
- 24 ديسمبر: إسرائيل تمنع عرفات من التوجه إلى بيت لحم لحضور القداس بمناسبة عيد الميلاد.
وفي عام 2002م
- 2 يناير: رئيس الوزراء الإسرائيلي ارئيل شارون يعلن أن عرفات سيبقى في رام الله ما لم يوقف الذين قتلوا وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي في أكتوبر من العام الماضي.
- 5 يناير: إسرائيل تؤكد مجددا معارضتها لزيارة عرفات إلى بيت لحم للمشاركة في عيد الميلاد الارثوذكسي.
- 3 فبراير: 300 من الإسرائيليين اليهود والعرب يلتقون الرئيس الفلسطيني في رام الله لإدانة الاحتلال الإسرائيلي.
- 14 فبراير: وزير الخارجية البريطاني جاك سترو يدعو عرفات في لقاء طويل في رام الله، إلى وقف (العنف).
- 16 فبراير: وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر يجري محادثات مع عرفات.
- 19 فبراير: لقاء بين عرفات ووزير الخارجية الاردني مروان المعشر.
- 25 فبراير: الدبابات الإسرائيلية تنسحب من القطاع المحيط بمكاتب عرفات طبقا لقرار اتخذته الحكومة الإسرائيلية.
- 9 مارس: وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني يقوم بزيارة (تضامنية) مع عرفات.
- 15 مارس: المبعوث الأمريكي أنطوني زيني يجري محادثات مع عرفات في رام الله التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية بعد أن أعادت احتلالها لساعات.
- 19 مارس: شارون يصرح أن عرفات يستطيع أن يغادر الأراضي الفلسطينية (فور تطبيق خطة تينيت) لوقف اطلاق النار.
- 26 مارس: إسرائيل تمنع عرفات من التوجه إلى بيروت للمشاركة في القمة العربية.
- 29 مارس: بدء العملية العسكرية الإسرائيلية (السور الواقي) في الضفة الغربية.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يدخل رام الله ويطوق مقر عرفات ويدمر كل المباني باستثناء مكاتبه.
- 31 مارس: حوالي أربعين من دعاة السلام الغربيين يشكلون (درعاً بشرية) حماية عرفات.. إسرائيل تعلن رام الله (منطقة عسكرية مغلقة).
- 2 إبريل: جيش الاحتلال الإسرائيلي يستولي على مقر جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في رام الله وشارون يقترح على عرفات (رحلة ذهاب) فقط إلى الخارج.. عرفات يرفض الاقتراح.
- 4 إبريل: شارون يعارض لقاء بعثة أوروبية مع عرفات.
- 13 إبريل: عرفات يدين باسمه وباسم القيادة الفلسطينية
(كل الاعمال الإرهابية التي تستهدف مدنيين سواء كانوا إسرائيليين أو فلسطينيين، والإرهاب سواء مارسته دولة أو مجموعات أو أفراد).
- 14 إبريل: وزير الخارجية الأمريكي كولن باول يجري محادثات في رام الله مع عرفات ثم مع شارون.
- 17 إبريل: لقاء ثان بين عرفات وباول.
- 21 إبريل: أرئيل شارون يعلن انتهاء المرحلة الأولى من عملية
(السور الواقي) بانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من نابلس والجزء الأكبر من رام الله.
- 25 إبريل: محكمة عسكرية تعقد جلسة في مقر عرفات وتصدر أحكاما بالسجن لمدد تتراوح بين عام و18 عاما على المتهمين باغتيال وزير السياحة الإسرائيلي شارون يطالب بتسليمهم لإسرائيل.
- 28 إبريل: وفد أمريكي يقوده قنصل الولايات المتحدة في القدس رونالد شلايكر يلتقي عرفات في رام الله الإسرائيليون والفلسطينيون يوافقون على اقتراح أمريكي يقضي بأن يرفع جيش الاحتلال الإسرائيلي الحصار المفروض على عرفات شرط سجن المتهمين باغتيال زئيفي واثنين آخرين من الفلسطينيين تطالب بهما إسرائيل تحت حراسة أمريكيين وبريطانيين في سجن أريحا.
- 30 إبريل: الخبراء الأمريكيون والبريطانيون يقومون مع السلطات الفلسطينية بتسوية التفاصيل التقنية لرفع الحصار عن مقر الرئيس الفلسطيني (خلال 24 ساعة).
- 1 مايو: قنصلا بريطانيا والولايات المتحدة يباشران محادثات مع عرفات حول طرق نقل الفلسطينيين الستة في اليوم نفسه، تم نقل هؤلاء الفلسطينيين إلى سجن فلسطيني في أريحا بإشراف أمريكي وبريطاني.
- 2 مايو: جيش الاحتلال الإسرائيلي يغادر موقع مقر الرئيس الفلسطيني..
انهيار السلطة.. تدهور
حالة الرئيس
خلال فترة الحصار تلك، أعادت إسرائيل احتلال أغلب مدن وقرى الضفة الغربية، وبعد ضغوط دولية، تعهد شارون بعدم استهداف عرفات أثناء تنفيذ العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التي زعمت حكومة شارون إنها تهدف للقضاء على ما سمته (البنية التحتية للإرهاب)، بينما وصفها الفلسطينيون بأنها (جرائم حرب) و(إرهاب دولة).
لكن التهديدات استمرت من قبل بعض المسؤولين الإسرائيليين بإبعاده وحتى بقتله.
وفي 11-9-2003م اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً أطلقت عليه صفة (مبدأي)، بإبعاد الرئيس ياسر عرفات عن أرض الوطن.. ولم تنفذ إسرائيل هذا القرار فعليا، إلا أنها لوحت به بعد كل عملية استشهادية.
وكان رد فعل عرفات للحصار الإسرائيلي إعلانه أنه (يتوق للشهادة التي سبقته إليها أعداد كبيرة من أبناء شعبه).
وخلال هذه الفترة اتفقت إسرائيل والولايات المتحدة على عزل الرئيس عرفات واعتباره (غير ذي صلة)، وسعت واشنطن إلى فرض تعيين رئيس وزراء فلسطيني على أمل أن تتعامل معه في القضايا الفلسطينية، وتجاوز عرفات..
وفي عام 2003م عين عرفات أمين سر منظمة التحرير محمود عباس رئيسا للوزراء تحت ضغوط دولية للتنازل عن بعض سلطاته، لكنه رفض التخلي عن سيطرته على القوات الأمنية فاستقال عباس وتم تعيين احمد قريع، خلفا له.
وفي عام 2003م، أيضا، صادق الفلسطينيون على خطة خارطة الطريق المدعومة من الولايات المتحدة.. إلا أن إسرائيل رفضت تطبيق الخارطة رغم زعم تبنيها لها.. ورفضت إسرائيل إجراء أي مفاوضات مع عرفات أو مواصلة الاتصالات بينها وبين القيادة الفلسطينية، بل سعت إلى فرض المقاطعة الدولية على عرفات، بحيث أعلنت رفضها استقبال أي مسؤول دولي يقوم بجولة في المنطقة، ويزور عرفات.
وبعد انتخاب شارون لرئاسة الحكومة، في دورة ثانية، بدأ تكثيف العمل في إقامة جدار الفصل العنصري على أراضى الضفة الغربية، رافضا الانصياع إلى مقررات الأمم المتحدة التي اعتبرت الجدار عملا غير مشروع ومخالفا للقانون الدولي..
وبدأ شارون، في العام 2003م، التحدث عن خطة الفصل الأحادي الجانب، المعروفة باسم (فك الارتباط) مع قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، والتي أصر على تنفيذها من جانب واحد دون أي اتفاق مع الفلسطينيين.. وقد صادق الكنيست الإسرائيلي على هذه الخطة، قبل يوم واحد من تدهور صحة الرئيس الفلسطيني عرفات، يوم الأربعاء، الموافق 27-10-2004م، ونقله، بعد يومين، يوم الجمعة، الموافق 30 -10-2004م، إلى باريس حيث حاول الأطباء تحسين وضعه الصحي وإنقاذ حياته في مستشفى بيرسي العسكري..
حياتي ليست هي القضية، بل حياة الوطن والقدس مسرى الرسول ومهد المسيح
في 11-9-2003م اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بإبعاد الرئيس ياسر عرفات عن أرض الوطن، وفيما يلي أقوال الرئيس رداً على هذا القرار:
- قال الرئيس ياسر عرفات، مخاطباً الجماهير الحاشدة التي أمت مقر الرئاسة في رام الله، دعماً وتأييداً، رداً على قرار الحكومة الإسرائيلية بإبعاده:
(يا أخوتي يا أحبتي، إن هذا الشعب شعب الجبارين، شعب الشهيد فارس عودة، شعب الجبارين لا ينحني، لا ينحني إلا لله).. وأضاف عرفات:
إن حياتي ليست هي القضية، بل حياة الوطن والقدس مسرى الرسول ومهد المسيحi هذه هي القضية الكبرى التي قدم الشعب الفلسطيني من أجلها التضحيات.. قدم التضحيات من أجل عودة الأرض والمقدسات.
وتابع عرفات يقول:
(عندما هددوا بتفجير هذا المقر في الحصار السابق، وأجرينا اتصالات هنا وهناك لم يفعلوا شيئاً، وإنما خرجت النساء وخرج الشيوخ والأطفال والرجال من رفحغراد إلى جنينغراد، وقرعوا الطناجر محتجين على الحصار، والآن أقول للحكومة الإسرائيلية هذا هو الرد على قراركم، المسيرات التي انطلقت من جنينغراد إلى رفحغراد وغزة وخان يونس وبيت حانون ونابلس وطولكرم وقلقيلية والخليل (يا جبل ما يهزك ريح).. لن نركع إلا لله تعالى.. إن حياتنا أيها الأحبة الأطفال ليست أعز علينا من حياة أي طفل أو شاب أو رجل أو امرأة، قدرنا أن نضحي في سبيل فلسطين ومقدساتها وكرامتها وقدسها الشريف ومستقبل الأجيال، ونضحي اليوم من أجل وطن حر عزيز مستقل).
قال الرئيس ياسر عرفات، وهو يشير إلى سلاحه داخل مكتبه في رام الله: أنا جندي فلسطيني وقبلها كنت ضابط احتياط في الجيش المصري وأنا لا أدافع عن نفسي فقط، بل وأيضاً عن كل شبل وطفل وامرأة ورجل فلسطيني وعن القرار الفلسطيني).. وقال: (هل هناك أحد في فلسطين لا يتمنى الشهادة، كلنا مشاريع شهادة، فالقصف الإسرائيلي متواصل من الطائرات والمدفعيات والصواريخ، ويومياً يسقط شهداء كل يوم نسمع عن شهيد).. إن القضية ليست قضية (أبو عمار) إنما قضية حياة الوطن واستقلاله وكرامة هذا الشعب وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف..
- وقال الرئيس ياسر عرفات، في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في 17-11-2003م: (شارون يريد قتلي؟ مسدسي جاهز).. لا ريب أن قرار الحكومة الإسرائيلية كان بلا أي منطق أو عقل.. فقد اعترف شارون نفسه أنه حاول قتلي 17 مرة في بيروت.. ولكن ها أنا هنا.. أجلس والمسدس إلى جانبي.. متى لم أكن جاهزاً؟ أنتم لا تعرفونني؟ تفضلوا، تطبيق خطة خارطة الطريق نحن وأنتم، نجلب إلى المنطقة مراقبين أو قوة دولية.. هكذا اتفق في خارطة الطريق. هكذا نوقف الدم.. ساعدونا على تحقيق الهدنة.. كفوا عن الاجتياحات، التصفيات، وهدم المنازل..
وقال الرئيس ياسر عرفات، للصحافيين أمام مقره في رام الله:
إن أحداً لن يستطيع إخراجه من بلاده، وإن إسرائيل يمكنها قتله بما لديها من قنابل ولكنه لن يرحل.. ودعا الرئيس، لجنة الوساطة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى سرعة التحرك لحماية السلام وخطة السلام المعروفة باسم خارطة الطريق.
دولة الاحتلال الإسرائيلي تصادر قطعة أرض في القدس مساحتها 13 متر يملكها الرئيس عرفات
وفي وقت أكد رئيس الحكومة الإسرائيلي أرئيل شارون أنه ما دام رئيسًا للحكومة، لن يوارى جثمان الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات في الحرم القدسي، وفي الوقت الذي كشف فيه الجيش الإسرائيلي عن خطة تعرض البدائل التي طرحت في حال موت الرئيس الفلسطيني، حيث تم أخذ هذه المسألة في الاعتبار، عندما تم التخطيط للجدار الفاصل بين القدس وأبو ديس، حيث تم تغيير المسار لابقاء منطقة أبو ديس في الجانب الفلسطيني من الجدار؛ التي تتوقع إسرائيل دفن عرفات فيها، كبديل عن دفنه الحرم الشريف، في هذا الوقت أعلنت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن الرئيس، ياسر عرفات، يملك قطعة أرض مساحتها 13 مترا مربعا قرب جبل الزيتون في مدينة القدس المحتلة، إلا أن السلطات الإسرائيلية صادرتها منذ زمن بعيد.
وبحسب نبأ التلفزيون الإسرائيلي: فإن الرئيس عرفات ورث قطعة الأرض، هذه، عن عائلته التي تنحدر أصولها من مدينة القدس المحتلة..
وجاء في نبأ التلفزيون الإسرائيلي: أن الإدارة الإسرائيلية صادرت هذه القطعة، بعيد الحرب العربية - الإسرائيلية في حزيران 1967م؛ بسبب عدم وجود أي مالك لها، حسب الزعم الإسرائيلي.
يشار إلى أن حياة الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، قد ارتبطت بشكل وثيق بتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية في الرابع من أغسطس 1929م، وقد أكد عرفات أن مسقط رأسه في مدينة القدس المحتلة، وقد كتب عنه آخرون أن مسقط رأسه في القاهرة، من أب فلسطيني، كان يقطن مدينة خان يونس، الواقعة جنوب قطاع غزة، وأن والده كان يعمل تاجرا، وأنه أمه تنحدر من إحدى العائلات المقدسية الكبيرة..
تم تخطيط جدار الفصل العنصري للحيلولة دون مواراة جثمان عرفات في الحرم القدسي الشريف
وكان مصدر إسرائيلي رفيع، قال صباح يوم الخميس، الموافق 28-10- 2004م: إن الجيش الإسرائيلي بدأ، منذ الإعلان عن تدهور الوضع الصحي للرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، مساء يوم الأربعاء، الموافق 27-10-2004م، التأهب لاحتمال وفاة الرئيس الفلسطيني..
وحسب صحيفة هآرتس العبرية: قام الجيش الإسرائيلي، يوم الأربعاء، بنفض الغبار عن خطة أعدتها قيادة المنطقة الوسطى، في العام الماضي، استعدادا لليوم التالي لغياب عرفات عن الحلبة الفلسطينية.
وحسب تقرير الصحيفة العبرية، الذي تنشره الجزيرة: فإن الخطة التي تحمل عنوان (صفحة جديدة) تركز على منع تدهور الأوضاع في المناطق الفلسطينية بعد رحيل الرئيس عرفات.. وقالت الصحيفة: إن إسرائيل تخشى تحميلها مسؤولية وفاة عرفات، بسبب الحصار الذي تفرضه عليه، من جهة، وبسبب التقارير الكثيرة التي تحدثت عن نية إسرائيل اغتيال عرفات. وأضافت هآرتس تقول في تقريرها: إن الأوامر التي صدرت إلي قادة الجيش، ليلة الأربعاء تقضي ببذل كل ما يستطيعونه من اجل منع تدهور الأوضاع، وتقليص الاحتكاك بين المواطنين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي إلى أقصى حد، وفي الوقت ذاته منع التظاهرات الفلسطينية المتوقع اندلاعها، من الوصول إلى الحواجز العسكرية والمستوطنات. وفي سياق متصل، قالت مصادر إسرائيلية:
إن قيادة الشرطة الإسرائيلية ستقوم بتقييم للوضع إثر تدهور حالة عرفات الصحية.. وحسب هآرتس تناولت المداولات المسبقة التي أجراها الجيش الإسرائيلي، مكان دفن الرئيس عرفات في حالة وفاته، خاصة وان عرفات أعرب عن رغبته بدفنه في منطقة الحرم القدسي، وهو ما ترفضه إسرائيل. وقالت الصحيفة العبرية:
إن إحدى البدائل التي طرحت كانت دفن عرفات في أبو ديس، في مكان يشرف على الحرم القدسي.. وبرأي الصحيفة تم اخذ هذه المسألة في الاعتبار عندما تم التخطيط للجدار الفاصل بين القدس وأبو ديس، حيث تم تغيير المسار لابقاء المنطقة التي تتوقع إسرائيل دفن عرفات فيها، في الجانب الفلسطيني من الجدار ؛ أما البديل الآخر الذي ناقشه الجيش فهو دفن الرئيس الفلسطيني في غزة.
القائد التاريخي للفلسطينيين في حالة موت دماغي
هذا ودخل القائد التاريخي للفلسطينيين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يوم الخميس، الموافق 4 - 11 - 2004م في حالة موت دماغي في مستشفى بيرسي العسكري قرب باريس، لكن السلطات الفرنسية رفضت التحدث عن وفاته وأعلن مصدر طبي فرنسي عرفات أن في حالة (موت دماغي) وهو غارق في (غيبوبة عميقة جدا من الدرجة الرابعة) التي تعني ألا خروج منها.. لكن المريض الموجود في حالة غيبوبة عميقة يمكنه البقاء اصطناعيا على قيد الحياة لفترة. وكان متحدث عسكري فرنسي نفى وفاة عرفات في غرفة الانعاش بمستشفى بيرسي العسكري في كلامار (غرب باريس) حيث يعالج منذ 29 أكتوبر الماضي..
وأكد الجنرال كريستيان استريبو كبير أطباء الجهاز الصحي للجيوش الفرنسية أن (الرئيس عرفات لم يتوف) وأضاف: (إن وضعه السريري بات أكثر تعقيدا).. وقد نقل بعد ظهر يوم الأربعاء، الموافق 3-11-2004م إلى جناح يتناسب مع مرضه.. لكنه لم يحدد وضعه الطبي وخصوصا ما إذا كان قادرا على الحياة من دون مساعدة تنفسية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.