تنتاب البعض حالات من الذعر والخوف، عندما يخبره الطبيب أن تلك الحبيبات التي ظهرت له فجأة في الوجه أو الجسم تعني إصابته بالهربس، اعتقاداً منهم أن كل حالات الإصابة بالهربس خطيرة ولا سبيل للشفاء منها، فما الهربس؟ وما الفرق بين الهربس البسيط والهربس زوستر؟ وماهي أسبابه ووسائل علاجه؟ وغيرها من الأسئلة التي طرحناها على د. ياسين إبراهيم استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية بمستشفى الحمادي بالرياض، فكان هذا الحوار. * بداية نسأل هل الإصابة بالهربس خطيرة وهل يمكن علاجها؟ - عندما نقول كلمة هربس فإننا نعني بها نوعين أساسين من المرض هما: الهربس زوستر (أو الحزام الناري)، والهربس البسيط، النوع الأول هو ما يطلق عليه اسم (الحزام الناري) وهو مرض غير خطير ولا يؤدي إلى مضاعفات عادة إلا إذا أصاب منطقة العين فهنا يجب التعامل مع المرض بشيء من الحذر حتى لا يؤثر على قرنية العين وهو يصيب الإنسان مرة واحدة في العمر. * لكن لماذا يطلق عليه اسم الحزام الناري؟ - يطلق عليه الحزام لأنه يؤثر على الجسم في شكل دائرة غير متكاملة، حيث يصيب نصفاً واحداً فقط، إما الايمن وإما الأيسر ويقال له ناري لأنه يتسبب أحياناً في آلام مبرحة قد تمنع المريض من النوم. الهربس البسيط وهذا يؤثر على مكانين أساسين وهما الوجه والأعضاء التناسلية، فأما الذي يظهر في الوجه فهو لا يحدث مضاعفات وهو منتشر بدرجة كبيرة بين الناس وعادة ما تكرر الإصابات به عند نزلات البرد والزكام. وأما الذي يظهر في المنطقة التناسلية فهو ما يعرف بالهربس التناسلي وهنا يكمن بيت القصيد فهو يسمى بالبسيط ولكنه ليس كذلك أبداً ويحق للمريض هنا أن يشعر بالحزن والأسى ولله در من قال: لا خير في لذة يعقبها ألم. * وكيف تحدث الإصابة بالهربس التناسلي؟ وهل هو من الأمراض المعدية؟ - ينتقل فيروس الهربس التناسلي عن طريق الممارسات الجنسية سواء عن طريق الأعضاء التناسلية أو عن طريق الفم أو الشرج، وهو بالقطع مرض معد، حيث ينتقل الفيروس في هذه الأماكن خلال الأعصاب الحسية إلى العقد العصبية، حيث يظل كامناً فيها لينشط من حين لآخر ويرسل دفعات من الفيروس إلى الجلد أو الغشاء المخاطي المبطن للأعضاء التناسلية، حيث يمكن أن ينتقل إلى شخص آخر عن طريق الملامسة لهذه الاصابات. * هل الممارسة الجنسية الكاملة شرط لانتقال العدوى بالمرض؟ - لا ! بل يكفي ملامسة الأعضاء التناسلية لبعضها أو حتى ملامسة الفم للأعضاء التناسلية، حيث إن الفيروس المسبب للهربس التناسلي يوجد أحياناً بالفم،بل قد تحدث العدوى نتيجة ملامسة الأصابع الملوثة بالاعضاء التناسلية. * وهل تختلف معدلات الإصابة بالمرض من بيئة إلى أخرى؟ - معدل انتشار الإصابة بفيروس الهربس بين المترددين على عيادات الأمراض التناسلية في الولاياتالمتحدة هو 30-50% بينما تصل هذه النسبة في الدول النامية، ومنها الدول العربية والإسلامية بالطبع، ما بين 60- 95%، ومما يجدر بالذكر أن معظم هؤلاء المرضى لا يعرفون أنهم مصابون بالمرض إلا عند إجراء التحليل الخاص بذلك لأنهم لا يعرفون الأعراض المميزة لهذا المرض وقد يعتقدون أنها أشياء عارضة متكررة. * وماهي الصورة السريرية أو أعراض الإصابة بالهربس التناسلي؟ - في الرجل يظهر احمرار بالجلد ثم حبيبات تتحول إلى فقاعات صغيرة متجاورة وعادة ما تكون على الحشفة أو جسم العضو الذكري وأحياناً تكون داخل مجرى البول وهنا يصعب معرفة أن الشخص مصاب بالهربس ويجب عمل التحاليل لتشخيص المرض، وعندما تتفتح هذه الفقاعات فإنها تترك تقرحات في الجلد وهذه الأخيرة تكون مصحوبة بالألم داخل مجرى البول مع وجود إفرازات وأحياناً تحدث التهابات بكتيرية ثانوية مما يؤدي إلى تقيح وظهور ندبات فيما بعد مما يؤثر على الشكل الخارجي للأعضاء التناسلية. أما في المرأة: فتكون الإصابة أشد وطأة وأكثر خطراً مما هي عليه الحال عند الرجل وتشمل الإصابة هنا الأعضاء التناسلية الخارجية ومنطقة العجان والمهبل وعنق الرحم وتكون مصحوبة بإفرازات مهبلية وآلام في الجزء السفلي من البطن وآلام أثناء الجماع وقد يحدث ارتفاع في درجة الحرارة عند الإصابة الأولية بالمرض. * ولكن لماذا تكون الإصابة أكثر خطراً عند النساء؟ - يحدث هذا لسببين: هما حدوث التهابات حادة ومدمرة لعنق الرحم، واحتمال الإصابة بسرطان عنق الرحم وهو يحدث بعد مرور سنوات كثيرة من الإصابة وهنا ننبه كل رجل مصاب بهذا المرض أن يتقي الله في نفسه وفي زوجته ويتخذ الاحتياطات اللازمة لعدم انتقال العدوى إلى الزوجة، إن كانت غير مصابة بالطبع. * وهل الهربس التناسلي له تأثيرات على الحمل؟ - حدوث الإصابة في بداية الحمل (أي الثلاثة الأشهر الأولى) قد تؤدي إلى وفاة الجنين داخل الرحم والإجهاض أو إلى تشوهات جنينية، أما حدوث الإصابة في أشهر الحمل الأخيرة فإنها تؤدي إلى إصابة الطفل بالمرض وهذه المخاطر تحدث بنسبة قليلة ولا داعي للانزعاج من هذا الأمر، حيث إن العلاج بمضادات الفيروسات يقلل كثيراً من هذه المخاطر. * وما الفرق بين الإصابة الأولية والإصابة المتكررة بالمرض؟ - عندما يصاب الانسان بالهربس التناسلي لأول مرة في حياته تكون هذه هي الإصابة الأولية وبعدها يكمن المرض في العقد العصبية كما أسلفنا، ومن حين لآخر تخرج دفعات من الفيروس إلى الأعضاء التناسلية وذلك من خلال الأعصاب الطرفية وتحدث الأعراض المرضية وهذه تسمى الإصابات المتكررة. * ما العوامل التي تعمل على تنشيط الفيروس من آن لآخر؟ - يرجع ذلك إلى الضغوط النفسية والعصبية والاتصال الجنسي والدورة الشهرية والعمليات الجراحية والحوادث والتعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة وبعض العقاقير. * وكيف يتم تشخيص المرض وعلاجه؟ - يعتمد ذلك على عدة طرق منها: عمل مزرعة للفيروس على خلايا حية، كذلك المسحة المباشرة لخلايا الجلد من مكان الإصابة، وتحليل الدم لاكتشاف الأجسام المضادة، أما العلاج فتوجد عدة عقاقير تساعد على التخلص من الأعراض المصاحبة للهربس التناسلي وتختصر من وقت التئام التقرحات الناتجة عنه، ومن هذه العقاقير: - زوفيراكس: وهو أول علاج فعَّال ضد الفيروسات تم اكتشافه منذ حوالي 20 سنة ويؤخذ هذا العقار في صورة أقراص وتكرر الجرعة خمس مرات يومياً، ولذلك تم تطوير علاجات أخرى تؤخذ في جرعات أقل ولعدد مرات أقل يومياً. - فالتركس: وهذه الأقراص تؤخذ 3 مرات يومياً بجرعة 500 مجم. - فام فير: وهذه الأقراص تؤخذ مرتين يومياً بجرعة 250 مجم فقط. وهذا العقار الأخير مفيد جداً في علاج الإصابات المتكررة للهربس التناسلي، حيث إنه يمنع تكرار الإصابة لفترات طويلة جداً. * ما النصائح أو الإرشادات التي توجهها للزوج المصاب بالهربس أو الزوجة لمنع انتقال المرض للطرف الآخر؟ - إذا كنت مصاباً بالهربس التناسلي فيجب عليك عمل كل الاحتياطات حتى لا تنتقل العدوى لزوجتك نظراً لخطورة الإصابة عند السيدات وهذه الاحتياطات هي: استعمال الواقي الذكري باستمرار عند الجماع خاصة أثناء وضوح نشاط الفيروس، كذلك الاهتمام بغسل الأيدي عند ملامسة الأعضاء التناسلية، وعدم ملامسة الفم للأعضاء التناسلية، أما إذا كانت المرأة مصابة بالهربس التناسلي فيجب عليها أن تحذر من الإصابة بمرض فيروسي آخر ويدعى الثآليل التناسلية وهي شيء مختلف عن الثآليل العادية (أو الشائعة)، حيث إن اجتماع الإصابة بهذين الفيروسين في الأعضاء التناسلية يزيد من نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم. * ولماذا يعتبر الهربس التناسلي خطيراً؟ - هذا الخطر يعود إلى أن التقرحات المتكررة التي تحدث في المنطقة التناسلية قد تشكِّل طريقاً لعبور فيروس نقص المناعة (الإيدز) إلى داخل الجسم، وحينما يصيب السيدات في منطقة عنق الرحم فإنه يتسبب لاحقاً في الإصابة بسرطان الرحم، إضافة إلى أن تكرار نوبات الإصابة وعلى فترات متقاربة، وما يصاحب ذلك من حدوث آلام وأحياناً صعوبة في التبول مما يؤرق الإنسان ويجعله في حالة مزاجية غير طيبة.