اقترح الرئيس الأمريكي جورج بوش إعادة المزيد من القوات الأمريكية المنتشرة حول العالم. والحقيقة أن إعادة انتشار القوات الأمريكية في الخارج محل دراسة وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد منذ توليه المنصب عام 2001م .ولكن ما يجب دراسته باهتمام بالغ سواء على المستوى الإستراتيجي أو التكتيكي هو كيفية تحقيق أفضل فائدة للأمن القومي الأمريكي من خلال مثل هذه الخطوة. ولكن يبدو أن المصالح السياسية والحزبية قد تغلبت على مناقشة هذه القضية، وقد ظهر هذا بوضوح عندما اختار الرئيس بوش الإعلان عن هذه الخطة الإستراتيجية والمهمة قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية بأقل من ثلاثة أشهر وأمام تجمع للمحاربين القدماء سيتبرعون لصالح حملة الرئيس بوش الانتخابية.وقد انتقد المرشح الديموقراطي جون كيري خطة بوش لسحب حوالي 12 ألف من بين حوالي 30 ألف جندي أمريكي في كوريا الجنوبية في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن إجبار كوريا الشمالية على التخلي عن برنامجها لتطوير أسلحة نووية. ولكن الحقيقة أنه بعد 51 عاماً من انتهاء الحرب الكورية يجب أن تكون كوريا الجنوبية قد بلغت من القوة ما يكفي للدفاع عن نفسها ويسمح بسحب حوالي ثلث القوة الأمريكية المرابطة هناك. كما أن سحب هؤلاء الجنود لا يمكن أن يكون كافياً لكي تقتنع بيونج يانج بأن واشنطن تراجعت أو غير راغبة في العودة لمساعدة سول وقت الحاجة.والحقيقة أن السبب الرئيسي لوجود قوات أمريكية في دول قوية عسكرياً مثل اليابانوكوريا الجنوبية هو حماية المصالح الأمريكية وليس فقط ردع أعداء الدول المضيفة للقوات الأمريكية عن التفكير في مهاجمتها. وإذا كانت الحرب الباردة قد حددت خريطة القواعد والوجود العسكري الأمريكي في الخارج فإن الحرب ضد الإرهاب تتطلب قواعد جديدة وفقاً لخرائط جديدة في دول مثل أوزباكستان. كما أن التقدم التكنولوجي لقوات مسلحة جيداً ومدربة على مستوى عالٍ، يمكن أن يسهل وجود الجنود الأمريكيين مع عائلاتهم في الوطن بدلاً من إقامتهم في قواعد بالخارج ولكن يجب أن يكون القرار مبنياً على أساس متطلبات الأمن القومي وليس تحقيق مصالح انتخابية.
