اكثر من ثلاثمائة كيلو متر يقطعنها يومياً ذهاباً وإياباً، يخرجن من منازلهن الساعة الرابعة قبل الفجر والعودة في الخامسة بعد العصر.. بحسبة بسيطة ثلاث عشرة ساعة في الذهاب والعودة. جامعيات جار عليهن الزمن، انتظرن التعيين لكنه لم يحن. يتذكرن البند 105 ويترحمن عليه ويتمنين لو انه بقي نظير ما يجدن من المصاعب مع بند محو الأمية وسد العجز. يخرجن من مدينة جازان والمحافظات المجاورة صعودا إلى تلك المناطق الجبلية الشاهقة في أقصى شرق وشمال شرق منطقة جازان. يعرضن أرواحهن للمخاطر من حوادث يكاد لا يمر يوما دون أن يقع حادث لمعلمات هنا أوهناك. أودية سحيقة وسيول. طرق جبلية صعبة تغمض المعلمة عينيها من بدايتها إلى نهايتها حتى لا تصدم برؤية تلك الطرق فيكون عائقاً لها في عدم العودة في اليوم التالي. كل ذلك مقابل 2500 ريال يذهب اكثر من نصفها على اجرة السائق. مضطرة في البداية تقول المعلمة (رانيا) اضطررت للتعاقد على بند محو الأمية فأنا متخرجة من الكلية منذ سنتين تخصص رياضيات ولم أتعين حتى الآن على الرغم أن المدارس النائية في منطقة جازان تحتاج إلى تعيينات والغالبية من المعلمات في تلك المدارس هن من معلمات سد العجز. وتضيف: اخرج من منزلي في جازان الساعة الرابعة قبل الفجر ولا أعود إليه إلا الخامسة مساء. فنحن ندفع مبلغ (1300) ريال أجرة لصاحب السيارة شهرياً وما يتبقى لنا هو (1200) ريال ننفق أكثره على أعمال المدرسة من وسائل وأعمال أخرى. ونحن نحلم باليوم الذي نتعين فيه ونتمنى على المسؤولين في وزارة الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم أن يضعوا تضحياتنا في قطع هذه المسافات يومياً وتدريسنا بواقع 24 حصة أسبوعيا مقابل هذا المبلغ الزهيد. أن تكون لنا الأولوية في التعيين فنحن على استعداد للعمل في تلك المدارس النائية. اغمض عيني عن الطريق معلمة أخرى ندى تقول: دفعتني ظروفي العائلية إلى قطع مسافة 300 كيلو متر يوميا ذهابا وإيابا من اجل العمل معلمة سد عجز في المناطق الجبلية النائية جدا حيث أن والدي متوفى وظروف أسرتي صعبة للغاية. فكما هو معروف رواتب معلمات محو الأمية وسد العجز هو مبلغ 2500 ريال شهريا وأنا ادفع نصف المبلغ أجرة لسائق السيارة وان تبقى شيء أنفقه على أسرتي. ونواجه مشاكل كثيرة في قطع تلك المسافات من حوادث أضف إلى ذلك تلك الاودية السحيقة بين الجبال التي لا توجد طرق إلا من خلالها وصولا إلى تلك الطرق الجبلية التي تضطر المعلمة إلى أن تغمض عينيها من بدايتها الى نهايتها حتى لا تصطدم بالواقع المرير الذي تسير فيه. 350 كلم ذهابا وإيابا وتضيف المعلمة هند بقولها نحن مجموعة من المعلمات نخرج من محافظة صامطة يوميا ذهابا الى المناطق الجبلية النائية نقطع اكثر من 350 كلم ذهابا وإيابا ندفع نصف ما نحصل عليه من راتب أجرة للسائق فالجامعية يكون راتبها 2500 ريال أما خريجات المعاهد فيكون راتبها 2000 ريال فقط ولكن ظروف بعضنا الصعبة اضطرتها الى الصبر والعمل على هذا البند ونحن نسأل الله ان ينظر المسؤولين الى معاناتنا وان تكون لنا الاولوية في التعيين. مدرسة واحدة واشارت المعلمة علا انها تعمل في مدرسة نائية كسد عجز والحقيقة إن تلك المدرسة لا يوجد بها سوى معلمة واحدة رسمية وباقي المعلمات بما فيهن مديرة المدرسة هن معلمات سد عجز ونحن نتساءل لماذا لا يتم تعيينا في تلك المناطق البعيدة وتلك المدارس التي لا توجد بها معلمات. يحترقن كالشمعة مديرة مدرسة بالقطاع الجبلي عائشة تقول أتعاطف مع هؤلاء المعلمات فمع بعدهن الشديد وظروفهن الصعبة إلا أنهن من اكثر المعلمات حرصا على الدوام يدل على ذلك حضورهن المبكر. إنهن شعلة من النشاط يحترقن من اجل عملهن يقمن بأعمال فوق طاقتهن المادية لم يكلفن بها ولكن حبهن للعمل ورغبتهن في تقديم الجديد والمفيد أتمنى تعيين تلك الطاقات البشرية الهائلة.