الزم الصمت تغد في عقلك فاضلاً وفي وجهك عاقلاً وفي قدرتك حكيماً وفي عجزك حليماً وإياك وفضول الكلام فإنه يظهر من عيوبك ما بطن ويحرك من عدوك ما سكن، كلام المرء، بيان فضله وترجمان عقله فاقصره على الحمل واقتصر منه على القليل، كل يعرف بقوله ويوصف بفعله فقل سديداً وافعل حميداً. هذا الكلام قاله الثعالبي ونحن لو اخذنا بهذه الكلمات ذات المغزى الكبير والمعنى الجليل بعين الاعتبار ووضعنا منها منهاجاً ونبراساً لنا في حياتنا في معاملاتنا في تصرفاتنا مع سائر البشر لحمدنا العاقبة ووفرنا على انفسنا مشقة السير في حياتنا دون هدى لنخبط في الظلام وعلى طريق غير مستقيم. وأن المثل الآخر يقول (قل خيرا او اصمت) ومثل آخر يقول (لو كان الكلام من فضة لكان السكوت من ذهب).ان التزام الصمت عندما يعجز لسان المرء ان يعبر تعبيرا صادقا وواضحا بدافع من الحقيقة والايمان الصادق متجرداً من الكذب والاساليب الملتوية والاحتيال ومنافاة الحقيقة والواقع بل كل مامن شأنه النيل من كرامة الناس والتقليل من قدرهم في الحياة عن نية حسنة او عكسها متخذا سفاف القول ركيزة ومأربا له دون رادع او وازع من ضمير.ان الصمت في هذه الأحوال عقل فاضل ومدرك لان فضول الكلام والانطلاق ثرثرة واعطاء العنان للسان ان يقول ما يواجهه ويتسلط على من شاء بمناسبة او بغير مناسبة من خير أو شر بلا شك ينقص من قيمة صاحبه عند المجتمع ويفقد ايضا توازن قواه العقلي والمنطقي والذهني والحركي ويظهر عيوبه اياه ما خفت على آخرين لم يعرفوا عنه شيئاً بل ويكشف لجلسائه مدى القيمة والمستوى الذي صار اليه في المجتمع وهو لم يتكشف لهم قبلا.ان الانسان مهما أوتي من غريزة حب الاستطلاع لا يعفيه من مسؤوليته ما لم ينجم عن اندفاعه وبلبلة افكار الآخرين وكذلك اساءة استعمال هذه الغريزة التي وهبها الله تعالى عباده لما فيه الخير.وعليه ان يصنع في الميزان ويفكر بعقل وتدبر كل كلمة يتفوه بها لسانه كي لا يقع في موقف حرج او مأزق يصعب الخروج منه الا بعد ان يدفع الثمن غالياً وعلى المرء أياه الا يبيح لنفسه الانطلاق بلسانه دون تقيد او اللامبالاة وبما هب ودب وعليه ان يدرك تمام الادراك ان اللسان وهو من معطيات الخالق - آلة الهية يسخرها الدماغ.. والعقل والذهن والفكر فعلى المرء أن يتبصر ويناقش بما سينطق به ويقول وان يعقل لسانه عن كل ما من شأنه الحط من قدره في مجتمعه والاساءة الى نفسه من قريب أو من بعيد وعليه ان يقصر كلامه على الجميل والنفيس وما هو مفيد ويقتصر منه على القليل ما أمكنه إلى ذلك سبيلا والأخذ بلب الموضوع وترك القشور. السطر الأخير:{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}.(صدق الله العظيم).