سعادة رئيس التحرير خالد المالك -سلمه الله.. ما من شخص منا إلا ويتساءل لماذا نحن أمة مستهلكة لا منتجة، ومستوردة لا مصدرة، وتعيش حياتها متطفلة على ما ينتجه ويصنعه الآخرون؟.. مآكلنا ومشاربنا وعلاجنا وملابسنا ومراكبنا كلها تأتي من الغرب والشرق. هل خلقنا يختلف عن خلقهم؟! وهل عقولنا تختلف عن عقولهم؟! أم أن هناك أسباباً أخرى؟!.. حقيقة يعرفها القاصي قبل الداني أن مشكلتنا نحن معشر الشعوب العربية فينا، فلدينا من العقول القادرة على الإبداع والإنتاج والاختراع والابتكار، ولديها القدرة على الإمساك بزمام المبادرة في عالم التطور والتقدم ولديها القدرة أن تضع أوطانها في مصاف الدول صاحبة الريادة والسيادة في عالم الاختراع والابتكار، لكن المشكلة أن تلك العقول مهمشة ومغيبة في الوطن العربي، فلا تجد من يحتضنها ويشجعها ويدعمها مادياً ومعنوياً.. العقول العربية التي هاجرت إلى الغرب أو الشرق واستقرت هناك وجدت بيئة تساعدها على التفكير، ووجدت من يشجعها ويدعمها حتى حلقت في عالم الإبداع والابتكار، ومنها كسبت شهرة عالمية ومنحت أفخم الأوسمة والشهادات ووليت أعلى المناصب في مراكز الأبحاث العلمية المتنوعة.. بينما في الوطن العربي تمنح أعلى الأوسمة لأشهر لاعب أو فنان وفنانة أو ممثل وممثلة، وتطلق عليهم ألقاب ما أطلقت على ابن سناء والخوارزمي وجابر بن حيان وغيرهم من علماء المسلمين بل أغدق عليهم أموال طائلة وحضون بالمكانة والوجاهة في أوساط المجتمع.. نعم هذا هو واقع عالمنا العربي، وهذه هي جل اهتماماته وآماله.. تطالعنا (الجزيرة) وغيرها من الصحف ببعض إنجازاتنا الطبية المبهرة والمفرحة وبعقول وأيد سعودية 100% حتى نالت إعجاب الآخرين وبشهادة كثير من دول العالم، كما تطالعنا أيضا ببعض الأخبار المصغرة عن المخترعات والمبتكرات التي تتم على أيدي شباب سعودي، وينتهي خبرهم بانتهاء ذلك اليوم الذي نشر خبر المخترع أو المبتكر، ولا نعلم مصير اختراعهم ومبتكراتهم.. بينما لو كان الأمر يتعلق بلاعب كرة قدم سوف يتم جلبه من الخارج لتناولت الصحف خبره ونشرت صوره وقصت حياته ومسيرته الكروية، وأطلعت القارئ على تكاليف عقده ومرتبه، بل تسارع بعض الصحف بشرف عقد أول حوار إعلامي وبأرض المطار الذي نزل فيها للتو وقس على ذلك الفنانين والفنانات والممثلين والممثلات. وقد يقول قائل ما الذي يضيرك ويثير حساسيتك من عالم الرياضة أو عالم الفن؟!.. أقول الذي أثارني إن خبراً مفرحاً ومدعوماً بصور نشر بعدد الجزيرة (11598) في 12-5-1425ه وأفردت له نصف صحفة يقول: (إطلاق ثلاثة أقمار سعودية جديدة إلى الفضاء)، هذه الأقمار تم تصميمها وتصنيعها محلياً بعقول وأيدي سعودية، وتم الإشراف على إطلاقها أيضا من الخبراء السعوديين، وهذا بحد ذاته إنجاز علمي في مجال الفضاء، وبه تعد المملكة رائدة في الوطن العربي.. حقيقة كم غمرتني السعادة وأنا أشاهد أبناء وطني يقتحمون مجال الفضاء، كرسوا عقولهم وأفكارهم لخدمة أمتهم ووطنهم، وكنت أظن أن تنهال التهاني وتزف التبريكات عبر وسائل إعلامنا المحلي من تلفزة وصحافة، وكنت أتوقع أن يحظى بتغطية إعلامية بما يتناسب مع قيمة الحدث، وكنت أتوقع أن يناولها كتّابنا في زواياهم اليومية أو الأسبوعية، وكنت أتوقع أن يكون له نصيب من الشعر والشعراء، ولكن يا لها من مصيبة قتل الخبر في ذلك اليوم، وأصبح في خبر كان.. فكيف يراد منا أن نكون في مصاف الأمم والشعوب المتقدمة علمياً وتكنولوجيا؟.. ونحن نمرر أخبار إنجازاتنا ومبتكراتنا مرور الكرام.. وكيف يراد لنا أن نكون أمة منتجة ومصنعة ومصدرة؟، ونحن نحارب تلك العقول المبدعة ونحطمها نفسياً ومعنوياً.. الإعلام يتحمل الجزء الأكبر بسبب تهميشه لتلك العقول وعدم إبرازها وإظهارها كما يبرز أهل الفن والتمثيل. ناصر بن عبدالعزيز الرابح