كلنا يتذكَّر.. تلك (الطفرة) التي شهدتها ساحة الشعر الشعبي.. عندما تناثرت وتكاثرت مجلات وصحف وملاحق وصفحات الشعر الشعبي.. حتى صار هناك أكثر من مجلة.. وأكثر من صحيفة.. وأكثر من ملحق.. وأكثر من صفحة للشعر الشعبي في الصحافة الخليجية عموماً.. بل احتلت جزءاً مهماً من إرسال بعض المحطات الفضائية. ** لقد بدأت الصحافة الشعبية.. بصفحة أسبوعية واحدة في مجلة أو جريدة.. ** نعم.. كانت صفحة أسبوعية واحدة.. ولكنها كانت تشهد تفاعلاً كبيراً.. جعل القائمين على هذه الصحيفة أو المجلة.. يستشعرون هذا التفاعل.. وهذا الطلب المتزايد.. وهذا الكم من الرسائل.. ويدركون أن لهذا الفن جمهوراً عريضاً وعشاقاً.. منهم الشعراء.. ومنهم النقاد.. ومنهم المتذوِّقون.. ولا يمكن بأي حال من الأحوال.. أن ننكر.. أن الشعر الشعبي.. كان جزءاً مهماً من تاريخنا وتراثنا.. وكان في يوم من الأيام.. هو الإعلام.. وهو التاريخ.. وهو الأدب.. وهو الثقافة.. وهو لغة التعبير الفنية الراقية.. وهو السلوة وسعة الصدر.. وهو لغة راقية لا يدركها كل أحد.. ** المهم.. استمر تفاعل الناس مع الشعر الشعبي.. حتى صار له إصداراته المنتشرة (مجلات كبرى ورائعة) وصحف وملاحق وصفحات وبرامج تلفازية وإذاعية وديوانيات ومنتديات ولقاءات وأمسيات شعرية.. ونتاج وإبداع وعطاء وتفاعل من النقاد ومن الساحة الإعلامية.. حتى صار جزءاً مهماً من حياة الناس اليومية.. بل جاوز ذلك.. إلى مئات الدواوين الشعرية.. التي صدرت وملأت المكتبات.. وأخذت حيزاً كبيراً فيها.. ** لقد نجح إعلام الشعر الشعبي.. ووجد تفاعلاً من المتلقي.. وكان له عشاقه الذين أسهموا في نجاح إصداراته.. ولولا هذا التفاعل الكبير.. لما حققت مبيعات تلك المجلات أرقاماً عالية.. ولما استطاعت الصمود والاستمرار في الصدور.. مع أن محرري هذه المجلات.. عادة ما (يخلطونها) بفن ورياضة وثقافة عامة.. وصور تسويقية وهكذا.. ولولا النجاح أيضاً.. لما سُحبت دواوين الشعر الشعبي من المكتبات بتلك الكميات الكبيرة.. والكبيرة.. جداً. ** الآن.. أو المُشاهَد اليوم.. أن موجة الشعر الشعبي.. آخذة في التراجع.. وأن الموجة.. آخذة في الانحسار.. ** دواوين الشعر الشعبي.. التي كانت تملأ المطابع.. وتملأ المكتبات.. وتملأ الأرفف.. وتملأ الأرصفة.. وتملأ محلات بيع الملابس الجاهزة وغير الجاهزة.. وتملأ أحواض (الدِّداسن) أخذت في الانحسار والغياب.. ويبدو لي.. أن الطلب عليها.. تراجع.. وأن تراجع الطلب.. جعل نقاط التوزيع لا تحرص عليها.. ** وهكذا مجلات الشعر الشعبي وصحفه.. هي الأخرى.. أخذت في الانكماش.. فغابت مجلات.. وضعُفت وتقلَّصت أخرى.. ولم يعد لها.. ذلك الحضور.. وتلك الحظوة والمكانة.. رغم ما يُمثِّله الشعر الشعبي من أهمية في حياة الكثير من الناس.. ورغم تذوُّق أكثر من (80%) من الناس له.. ورغم كل ما حققه في السابق. ** غير أننا.. استفدنا من موجة الشعر الشعبي.. أنه تم طباعة دواوين لشعراء فحول سابقين.. وقُدِّمت لنا بعد أن كادت تغيب إلى الأبد وينساها الناس.. رغم قوة هذه القصائد وأهميتها والإبداع الذي تحمله. ** لقد تمَّ طباعة عشرات الدواوين لشعراء كبار سابقين معروفين.. كانت قصائدهم في منتهى الروعة والجمال.. وبعضها أو أكثرها.. كانت محفوظة ويرددها الناس.. ولكنها توشك أن تختفي.. ما لم تُسجل وتُدوَّن وتُحفظ. ** هل بالفعل.. ساحة الشعر الشعبي تشهد ضموراً؟ ** وما سبب هذا الضمور.. إن وُجد؟ ** وهل.. ستتعافى وتعود مجدداً؟