فهد بن سلطان يستقبل وكلاء ومنتسبي إمارة تبوك بمناسبة العيد    سعود بن بندر: الاستثمار في البنية التحتية الذكية والابتكار يؤتي ثماره في تحسين جودة الحياة    أمير المدينة يلتقي قائد أمن المنشآت    زهرة اللبن (الأقحوانة البيضاء) حورية الرومان وملهمة الشعراء    النفط ينتعش من أدنى مستوى في أربعة أعوام وسط مخاوف ضعف الطلب    استضافة الأحداث الرياضية الكبرى تستقطب كبرى الشركات والمستثمرين    نتنياهو: الخيار العسكري ضد إيران لا مفر منه إذا طالت المحادثات    روسيا: مستقبل الحد من الأسلحة النووية.. يعتمد على الثقة    تصاعد الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ومالي    الأهلي المصري يكرر فوزه على الهلال السوداني ويتأهل إلى نصف نهائي «أبطال أفريقيا»    التعاون يتغلب على الشارقة الإماراتي في ذهاب نصف نهائي أبطال آسيا 2    خريطة العمارة السعودية في عسير.. تعزيز الأصالة    130 خبيرًا دوليًا يبحثون «أمن وحماية القطارات وشبكة السكك الحديدية»    عبدالعزيز بن سعد: المشروعات التراثية دعم للهوية الوطنية    إطلاق حملة للتوعية بالتسمم الغذائي    وقف مساعدات الغذاء حكم بالإعدام يهدد ملايين المنكوبين    تصعيد إسرائيلي مميت قصف مكثف وإغلاق مدارس الأونروا    الهلال يُحدد موقفه من رحيل جيسوس    هدف نيوم السابق.. تقارير مصرية تؤكد تعاقد الأهلي المصري مع زيزو    وزير الخارجية يصل إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية    فليك يطالب لاعبي برشلونة بأداء قوي ويحذر من قوة دورتموند    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    قرعة كأس آسيا لكرة السلة تضع الأخضر في المجموعة الثالثة مع الصين والأردن والهند    أمير منطقة تبوك يستقبل وكلاء ومنسوبي الامارة بمناسبة عيد الفطر    إطلاق اختبارات "نافس" في جميع المدارس الابتدائية والمتوسطة    مباحثات لتعزيز التعاون الدفاعي بين السعودية والعراق    الشركة السعودية للكهرباء تطلق المرحلة الثانية من نظام تخزين الطاقة بالبطاريات باستثمار 6.73 مليارات وقدرة 2.5 جيجاواط    الخبر ال 61 عالميا ضمن قائمة المدن الذكية لعام 2025    الدفاع الجوي يخرج السرية الثانية لنظام "ثاد" في قاعدة فورت بليس الأمريكية    رئاسة الافتاء تصدر كتابا علمياً عن خطر جريمة الرشوة على الفرد ومقدرات الوطن    تعليم الطائف يطلق البرنامج التدريبي التدريس المعتمد على المعايير في مقررات العلوم    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تختتم حملة "صم بصحة" ب40 مليار خطوة و3.7 مليون فحص خلال رمضان    رئيس وزراء جُزر سليمان يستقبل الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية    سحب رعدية ممطرة ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر مارس 2025    أمير جازان يشهد توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات المجتمعية.. تدشين حملة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    الهلال.. مجد تحول لأطلال    لك حق تزعل    ضبط مخالفين بتجريف التربة والرعي المحظور    نقاط التحول    الساعة    ماجد المصري: لم أتوقع نجاح "رجب الجرتلي" الشرير والحنون    مجمع الملك سلمان العالمي يطلق مسرِّعة ابتكارات اللغة العربية    القمة الثلاثية تطالب بوقف إطلاق النار ودعم دولي للسلطة الفلسطينية    هل هناك رقم مقبول لعدد ضحايا حوادث المرور؟    "الحج" تحدد غرة ذي القعدة "آخر موعد".. و"الداخلية": 100 ألف ريال غرامة تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    موجة تفشى الحصبة الحمراء في أمريكا    ماذا بعد العيد؟    "أكيارولي».. قرية إيطالية يشيخ سكانها دون أمراض    رجال الأمن صناع الأمان    بين النصّ الورقي و الأرشفة الرقمية.. حوار مع إبراهيم جبران    حوارات فلسفية في تطوير الذات    الموظف واختبار القدرات    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    استقبل ونائبه المهنئين بعيد الفطر.. المفتي: حريصون على نشر العلم الشرعي بالأحكام العامة والخاصة    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمل الأمانة وثقل المسؤولية

لا شك أن الأمانة تكون في كل ما يجب على المسلم أن يحفظه، ويصونه، ويؤديه، إنها شعوره بمسئوليته عن كل ما يوكل إليه، وبذله الجهد في تأديته على النحو الذي يرضاه الله جل في علاه، ولعلّ هذا بعض ما يفهم من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام.
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته).
فالإسلام جعل من الأمانة معنى واسعاً، هو ما يشير إليه هذا الحديث الشريف.
فقد تكرر ذكر الأمانة في القرآن الكريم، ومن الآيات التي ورد فيها ذكرها: قوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ} والآية في الرهن، فالشيء المرهونة أمانة.
وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } وهذه الآية شاملة لجميع أنواع الأمانات.
لقد اشتهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمانة، حتى عُرف بالأمين، يقول ابن إسحاق: (إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها - أي: الكعبة - كل قبيلة تجمع على حدة، ثم بنوها حتى بلغ البنيان - موضع الركن - الحجر الأسود - فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، حتى تحاوروا وأعدوا للقتال. فمكثت قريش على هذا أربع ليالي أو خمساً، ثم إنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا.
فزعم بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وكان عامئذ أسنَّ قريش كلها قال: يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه، ففعلوا، فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قالوا، هذا الأمين، رضينا، هذا محمد.
فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر. قال صلى الله عليه وسلم هلم إلي ثوباً، فأتى به، فأخذ الركن، فوضعه فيه بيده، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعاً، ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده، ثم بنى عليه.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أميناً، وحث أتباعه على هذا الخلق العظيم, فقال لهم: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا صلاة له، وموضع الصلاة من الدين، كموضع الرأس من الجسد).
إن من صور الأمانة الودائع: وهي أشهر أنواع الأمانة حتى إن العامة لا تفهم من الأمانة إلا الوديعة، وقد حرص الإسلام، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها، أتلفه الله).
وقال عليه الصلاة والسلام: (أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ مَن خانك).
وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال أمتي على الفطرة، ما لم يتخذوا الأمانة مغنماً, والزكاة مغرماً).
يعتبر الإسلام المناصب والوظائف العامة أمانات أيضاً يجب أن لا يعين فيها إلا الجدير بها، وأن لا يختار لها إلا من تؤهله قدراته العلمية والخلقية لشغلها.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله، قال: فإذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة. قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وُسَّدَ الأمرُ إلى غير أهله، فانتظر الساعة).
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي. ثم قال: (يا أبا ذر, إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها).
وقال عليه الصلاة والسلام: (من استعمل رجلاً على عصابة، وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين). وفي حديث آخر: (من ولي من أمر المسلمين شيئاً، فأمَّر عليهم أحداً محاباة، فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفاً، ولا عدلاً، حتى يدخله جهنم).
وإذا كان اختيار العامل أمانة، فإن أداء العمل نفسه أمانة، وعلى العامل أو الموظف أن لا يستغل منصبه استغلالاً سيئاً، فيجني من ورائه ما لا يحل له فضلاً عن أقاربه وذويه، قال عليه الصلاة والسلام: (من استعملناه على عمل، فرزقناه رزقاً، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) أي: حرام.
وعن أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عاملاً، فجاءه العامل حين فرغ من عمله فقال: يا رسول الله، هذا لكم، وهذا أهدي لي. فقال له: أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك، فنظرت أيُهدى لك أم لا؟
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد الصلاة، فتشهد، وأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فما بال العامل نستعمله، فيأتينا فيقول: هذا من عملكم، وهذا أُهدي لي؟ أفلا قعد في بيت أبيه وأمه، فنظر هل يُهدى له أم لا؟ فو الذي نفس محمد بيده، لا يغل أحدكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة، يحمله على عنقه: إن كان بعيراً جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بهالها خوار، وإن كانت شاة جاء بها تيعر، فقد بلَّغت).
هكذا يهتم الرسول اهتماماً بالغاً بهذه الواقعة لخطورتها على المجتمع المسلم.
أما إذا أدى العامل عمله بأمانة. فإن له الثواب العظيم، يقول عليه الصلاة والسلام: (الخازن الأمين الذي يؤدي ما أمر به، طيبة نفسه، أحد المتصدقين).
إن الأسرار تشمل ما يدور بين الناس وما يقال داخل الاجتماعات المختلفة، فالسر أمانة لا يجوز أن يطلع عليه إلا من له حق الاطلاع عليه.
عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سمع من رجل حديثاً، لا يشتهي أن يذكر عنه، فهو أمانة، وإن لم يستكتمه).
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا حدث الرجل بالحديث، ثم التفت. فهي أمانة).
والمجالس تكون أمانات إذا كان ما يدور فيها لا يخالف شرع الله، أما إذا قيل فيها ما لا يتفق ودين الإسلام، فليست له حرمة, ولا احترام.
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المجالس بالأمانة إلا ثلاث: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق).
وهذا اللون من الأمانة يشمل ما يدور بين الزوجين من أمور خاصة، فليس لأحدهم إفشاؤها، لأنها من أدق أنواع الأمانة التي يجب صيانتها.
قال عليه الصلاة والسلام: (إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها فإفشاء هذه الأسرار من أعظم خيانة الأمانة.
إذا عرض عليك أخ لك موضوعاً، أو مشروعاً، وطلب منك الرأي والنصح، فاعلم أن رأيك أمانة، وأنك إذا أشرت عليه بغير الرأي الصحيح، فإن ذلك خيانة للأمانة.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المستشار مؤتمن).
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا استشار أحدكم أخاه، فَلْيُشر عليه).
وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تقوَّل عليَّ ما لم أقل، فليتبوأ مقعده من النار، ومن استشاره أخوه المسلم، فأشار عليه بغير رشد، فقد خانه، ومن أفتى فتيا بغير ثبت، فإثمه على من أفتاه).
هذه صور من الأمانة في مفهوم الإسلام، نسأل الله أن يجعلنا من الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.